خالد أخازي: درس الجبن السياسي.. وهبي ومقاربة الخوف 

خالد أخازي: درس الجبن السياسي.. وهبي ومقاربة الخوف  خالد أخازي
يطل علينا عبد اللطيف وهبي هذه المرة ، كخبير مكون في أكاديمية الترقي السياسي، بأقل التكاليف... تحت شعار" كيف تغادر بلدتك متدربا وتعود وزيرا".. من مقاربة النضال إلى مقاربة الخوف.
يحمل وصفة سحرية عن مكونات الجبن السياسي...
 يعتبر السياسة طبخًا دافئًا: قليل كثير الخوف، رشة مراوغة، ودع الشعب يكمل الوصفة بدهشة.
أول قاعدة، مكتوبة بخط صارم وكأنها إعلان قانوني:
الشعار لا يحتاج برنامجًا، بل اعترافًا صريحًا بالجبن.
ضع على صورتك: «مرشح جبان»، واترك للفراغ والزمن والناس والكاميرات أن يصنعوا المسرحية.
الناخب سيراك موظفًا مطمئنًا،
السلطة سترى فيك رقمًا آمنًا،
وأهل القرية سيفهمون: ابننا غادر بلا شجاعة… لكنه سيعود  ربما. بامتيازات،
وهبي يعلمنا أن طريق الرباط لا يُقطع بالجرأة،
بل بالمراوغة، وفنون التفادي والخضوع،
أن تغادر بلدتك وتتنازل عن الشجاعة ليس عيبل، بل براعة في إدارة الخوف... من أجل الترقي الاجتماعي السريع
فالجبن هنا ليس مرضا نفسيا، بل «منهج ترقّي»: تخاف فتُكافَأ بالمقعد، هكذا يلمح...
تهرب فتُفتح أمامك أبواب الوزارة،
تتفادى كل ما هو معيق للطموح، فتصبح متحدثًا عن «الجرأة السياسية» وأنت تحمل دليل إدارة الخوف في جيبك،ط...
البرلمان؟ سرداب للأعصاب الباردة، إلا حينما تكون الجدبة ضرورية...
مكان لا يُسمع فيه صوت مؤخرا إلا  صخب وهرج ثم صلح ووليمة... وابتسامات...
الحكومة؟ ليست حلبة شجعان،
بل محطة لتدوير الخوف وفق مزاج المرحلة،
سياسة إدارة الأضرار بدل خلق البدائل....
وهبي لم يصف نفسه فحسب،
بل رسم تعريفًا وظيفيًا للمؤسسات:
هنا لا نحتاج شجعانًا،
نحتاج خبراء تحويل الصمت إلى فضيلة،
جعل الركود طقسًا، والخوف شعارًا،
صناعة الروتين بطلاً، والخوف موسيقى تُعزف على أوتار كل قرار.
ومن كرمه، يَعِدنا بتوسيع «منهجية الاستوزار بالجبن»:
فن تدبير الخوف، تجنّب الاصطدام، إرضاء الجميع بعدم فعل أي شيء حقيقي.
الخوف ممن؟ رجاء علمنا حتى ننعم...!
هل نخاف من كل شيء كي نبقى في منطقة الضوء..؟
 «خريطة الجبن» ليست ترفًا،
بل حق لنا أيضا نحن المستضعفين لنعرف  المسار نحو الرباط... علمنا... 
من أي مدرسة نبدأ؟
من أي حزب نمرّ؟
في أي لجنة نتمرّن على الصمت؟
وكيف نصل إلى اللحظة التي نقف فيها في البرلمان ونقول:
«نمارس السياسة لأننا جبناء» ونسلم الوطن لجبناء  يحكمونه بالمراوغة الصامتة...بالخوف، الركود، الطاعة، أعلى من أي دستور،
والثقة بالمؤسسات تذوب مثل جبن مذاب تحت ألسنة من يقرؤون السياسة كحكاية للأطفال.
وهنا الخطر الحقيقي:
تصريح كهذا لا يضر الفرد فحسب، بل يهزّ عماد الديمقراطية،
يشوه قيم المشاركة، الشفافية، والمساءلة،
يعلم المواطن أن البقاء على قيد الأمان أهم من الدفاع عن الحق،
ويجعل المؤسسات مسرحًا للروتين، بدل أن تكون منبرًا للرقابة والمسؤولية.
يبقى السؤال لاذعًا:
هل نريد أن يُحكم الوطن بخبراء الخوف،
أم أن الجرأة الصادقة، ولو بخط صغير في هامش التاريخ، ستجد طريقها،
وتثبت أن السياسة ليست فن الجبن، بل مواجهة الخوف، والوفاء بالقيم، والمسؤولية الحقيقية؟
خالد أخازي، كاتب وإعلامي