دشن عامل زاكورة الجديد،منذ بداية الأسبوع الثاني من تعيينه، سلسلة من الزيارات الميدانية واللقاءات التواصلية سواء مع هيئات المجتمع المدني او مع المنتخبين، بهدف تشخيص الوضع الاجتماعي والاقتصادي لساكنة الإقليم والوقوف على حاجيات ومعاناة المواطن الزاكوري ومنظوره للتنمية وأين يلمسها.
الجريدة تابعت هذه اللقاءات والمشاورات والمواضيع والقضايا التي تمت مناقشته مع المسؤول الترابي وهيئات المجتمع المدني.
ومن اجل ابراز وجهة نظرالساكنة الغائبة( الفلاح البسيط والمزارع والكساب والعامل و المياوم)، القاطنة بقصور ودواوير واحات زاكورة الستة ( امحاميد الغزلان، كتاوة فزواطة و ترناتة وتينزولين ومزكيطة )، قامت الجريدة، بجولة عبر هذه المناطق التقت خلالها عينة من هذه الساكنة وسألناها عن النموذج التنموي المرغوب فيه وكيفية تطبيقة، وأين تلمس التنمية المستدامة؟.وجاءت اجوبتهم عبارة عن طلبات موجهة الى عامل الإقليم نوجزها في المطالب الاتية:
-دعوة مهندسي وزارتي التجهيز والماء والفلاحة بالإقليم، الى الشروع الفوري في البحث عن بدائل للزراعات الأكثر استهلاكا للماء كالدلاح بانواعه واستبداله بزراعات مقاومة للجفاف كالكمون ...والى الانخراط الفعلي والإسراع في تفعيل برامج التدخل لاستصلاح الأراضي والسواقي والحقول بهدف احياء أشجار النخيل والتمور وتزويد الفلاحين بأشجار مثمرة بالغة لا بفسائل تنتظر سنوات لتثمر، وبذلك تختصر له الدولة المسافة بين الجهد والعائد وتمنحه زمنا اقتصاديا جديدا، بهذا الفعل البسيط في مظهره، تتحقق عدالة مجاليّة واقعيّة: فالمواطن في هذه الواحات ليس مطلوباً منه أن ينتظر طويلاً ولسنوات حتى تثمر التنميّة، بل يجب أن يراها تتجسّد أمامه في دورة إنتاج قريبة المدى.
-انجاز اثقاب استكشافية عميقة وابار ارتوازية بمختلف مداخل السواقي الرئيسية والثانوية، اعتمادا علىدراسات علمية ومعطيات دقيقة حول الطبقات المائية الجوفية العميقة الغنية بالمياه تحدد معها مواقع المياه الجوفية، وتزويد الفلاحين بألواح الطاقة الشمسيّة لتخفيف كلفة السقي، وذلك من اجل تأسيس لسيادة اقتصاديّة مصغّرة تحرّره من التبعيّة الطاقيّة والمائيّة.
وبهده الإجراءات ، تتحول التنميّة المنشودة بواحات درعة إلى هندسة لكرامة المواطن الزاكوري، وإلى مشروع وجودي.
واعتبر سكان قصور واحات درعة، هذا الجيل الجديد من برامج التنميّة المندمجة، إعادة بناء السلسلة الاقتصاديّة من القاعدة إلى القمة. وهو انتقال من منطق المساعدات إلى منطق إطلاق ممكنات الفلاح في مجتمع الواحات بزاكورة، ومن انتظار الإصلاح والتغيير إلى المشاركة في صناعته.
ومن الملتمسات التي قدمها الفلاحون للعامل ، العمل على احياء الواحات وجبر ضررالفلاح الزاكوري وفق منظور جديد يستحضر توفير مستلزمات الحياة وشروط الاستقرار بهذه المناطق. الذي أصبح فيها المزارع من ركائز الاقتصاد المحلي المنتج.
ان ضمان شبكة تسويق عادلة للمنتوج المحلي، هو جزء من فلسفة الحماية الاقتصاديّة للمواطن الزاكوري، حتى لا يبقى رهينة لجشع الوسطاء و“الشنّاقة” في مجال التمور والدلاح مثلا.
وطالب سكان الواحات الدولة الا يقتصر دورها في توزيع المساعدات، بل لتؤمّن البيئة التي تجعل من العمل المنتج عملاً له جدوى وأثر، ومن العطاء الفردي مساهمة في دورة الازدهار الجماعي.
في هذا السياق، تكتسب عبارة الملك بعدا فلسفيا عميقا حين يقول: "إن مسؤوليّة وشرف خدمة المواطن تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة إلى إنجاز المشاريع، صغيرة كانت، أو متوسطة، أو كبرى… فليس هناك فرق بين مشاريع صغيرة وأخرى كبيرة، وإنما هناك مشاريع تهدف لتلبية حاجيات المواطنين.”
بهذا التصور الذي قدمته ساكنة زاكورة التي لم تحضر لقاءات التنمية، مع عامل الإقليم، يُعاد ترتيب موازين القيمة في الفعل التنموي: ف”حفر بئر” في واحة ترناتة و”بناء سد” المنصور الذهبي أو سد أكدر أو سد تلي؛ يلتقيان في الهدف ذاته؛ خدمة الإنسان وتأمين معيشه؛ وبالتالي يتساويان في رمزيتهما الوطنية.