طارق دريوة: عندما يتحول العمل إلى مخاطرة.. من يتحمل مسؤولية حرق سيارة سائق "إيندرايف" بعين الذئاب؟

طارق دريوة: عندما يتحول العمل إلى مخاطرة.. من يتحمل مسؤولية حرق سيارة سائق "إيندرايف" بعين الذئاب؟ طارق دريوة
في ساعات الفجر الأولى، وعلى الساعة الرابعة صباحاً تحديداً، تعرّض سائق يعمل عبر تطبيق Indrive لاعتداء خطير من طرف عصابة مكوّنة من خمسة أشخاص بعدما قام بنقلهم من منطقة عين الذئاب بالدار البيضاء.
 
انتهت الرحلة بجريمة شنيعة: تعنيف السائق وحرق سيارته بالكامل، تاركينه يواجه مصيره في غياب تام لأيّ حماية قانونية أو مهنية.
 
هذه الحادثة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، ما دام قطاع النقل عبر التطبيقات يعيش حالة فراغ قانوني واضح، يترك السائقين الشباب عرضة للخطر، دون ضمانات، ودون حماية اجتماعية، ودون تأمين مهني حقيقي يضمن سلامتهم وسلامة مركباتهم.
 
من يتحمل المسؤولية؟
 
1. غياب الدولة عن تنظيم القطاع
الدولة لم تواكب سرعة تطور قطاع النقل عبر التطبيقات. فبينما أصبح يشغّل آلاف الشباب في المغرب، لم يتم إصدار قوانين واضحة تُحدّد العلاقة بين السائق والتطبيق، أو بين التطبيق والزبون، أو بين الأطراف الثلاثة معاً.
هذا الغياب ترك السائقين في منطقة رمادية، يتحملون الخطر وحدهم، بلا تغطية، بلا تأمين، وبلا حماية.
 
2. الشركات… أرباح بلا مسؤولية
تطبيقات النقل، ومنها "إيندرايف"، تعتمد نموذجاً يقوم على الربح دون تحمل تبعات الواقع.
فعندما يقع حادث، تُحمِّل كل المسؤولية للسائق باعتباره "مستقلاً"، رغم أن التطبيق هو من يربط بينه وبين الزبون، وهو من يستفيد مالياً من كل رحلة.
الشركات تستفيد، لكن لا تؤمّن، لا تحمي، ولا تتدخل إلا لتبرئة نفسها قانونياً.
 
3. فراغ قانوني يفتح الباب للفوضى
عدم وجود تقنين واضح يجعل السائق الحلقة الأضعف.
لا توجد منصة للطوارئ تابعة للتطبيقات، لا توجد متابعة للزبناء ذوي السوابق، ولا توجد ضمانات تحدّ من المخاطر عند نقل أشخاص مجهولين في ساعات متأخرة من الليل.
ماذا بعد؟ وهل سننتظر سقوط ضحايا جدد؟
 
حرق سيارة شاب يبحث عن لقمة العيش هو جريمة مضاعفة:
 
جريمة في حق سلامته الجسدية،
 
وجريمة في حق مستقبله وعائلته،
 
وجريمة في حق آلاف الشباب الذين يعتمدون على التطبيقات كمورد رزق.
 
لابد اليوم من نقاش وطني حقيقي، تشارك فيه الدولة والنقابات والشركات، لوضع إطار قانوني واضح يضمن:
 
-حماية السائقين،
 
-تأمين المركبات ضد المخاطر،
 
-تتبع هوية الركاب عبر تطبيقات موثوقة،
 
-تحميل الشركات جزءاً من المسؤولية،
 
-توفير منصة تدخل سريع عند الوقائع الإجرامية.
 
الخلاصة
العمل عبر التطبيقات لم يعد مجرد وسيلة نقل، بل أصبح قطاعاً يشغل آلاف الشباب.
وترك هؤلاء السائقين في مواجهة المجهول هو تقصير تتحمله الدولة والشركات على حدّ سواء.
حادثة عين الذئاب يجب ألا تمر مرور الكرام، بل يجب أن تكون جرس إنذار لإصلاح شامل يحمي من يشتغلون بكرامة، حتى لا يصبح البحث عن لقمة العيش رحلة بلا عودة.
 
طارق دريوة، الكاتب العام الوطني للمقاولين الذاتيين بالنقابة الديمقراطية للنقل