إذا كنت تريد امتلاك سيارة من خلال الحصول على قرض بنكي، فعليك أن تفكر ألف مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة غير المحسوبة، والتي قد تندم بعدها على اليوم الأول الذي فكرت فيه بشراء سيارة بالقروض البنكية.
امتلاك سيارة تقلك أنت وأسرتك إلى أي مكان تريد وتعفيك من "التجرجير" مع وسائل النقل الحضري، سواء في التحركات اليومية داخل المدينة التي تقطن بها أو من أجل السفر بين المدن، أمر مشروع وطبيعي، ولكن لا بد من التفكير في تبعات هذه الخطوة، خاصة في ظل المشاكل التي يشتكي منها بعض المواطنِين الذين قرروا شراء سياراتهم عن طريق القروض البنكية، والتي سُحبت منهم بسبب عدم القدرة على أداء الأقساط البنكية في الشهور الأخيرة من مدة عقد القرض، وأصبح المثل الذي يقول: "لا ديدي لا حب الملوك" ينطبق عليهم.
علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، أكد أنه في إطار متابعتهم لعدد من الشكايات الواردة من طرف مستهلكين حصلوا على قروض استهلاكية سواء لاقتناء سيارات أو تجهيزات منزلية أو أغراض أخرى، لوحظ أن عددًا منهم يجدون أنفسهم بعد مدة، محاصرين باقتطاعات مالية مرتفعة وغير قادرين على ضبط قيمتها أو فهم تفاصيلها.
وترجع هذه الوضعية في الغالب، حسب علي شتور، إلى عدم قراءة العقود بدقة قبل التوقيع، أو الانخداع بالإعلانات التجارية المغرية التي تركز على سهولة الحصول على القرض دون إبراز كل التكاليف والفوائد المرتبطة به.
وقال شتور: "قانون 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك أولى أهمية كبيرة لهذا الجانب، حيث نص على واجب الإخبار المسبق والواضح من طرف مؤسسات القروض تجاه الزبون، بحيث يجب أن يتوصل المستهلك بكل المعطيات المالية: سعر الفائدة، كلفة القرض الإجمالية، مدة السداد، والمصاريف الإضافية قبل توقيع العقد".
مصدر من إحدى شركات التأمين حاول التخفيف من حدة المشاكل المرتبطة بالحصول على قرض لشراء السيارة، مؤكدًا أن الأمر لا يتضمن أي احتيال أو غموض، بل المسألة واضحة وخاضعة للقانون.
فالحالة الأولى، حسب مصدرنا، هي حينما لا يؤدي صاحب السيارة ما بذمته من ديون لفائدة الشركة، ما يجعل العلاقة التعاقدية غير محترمة من قبله، الأمر الذي يدفع الشركة إلى استرجاع السيارة وبيعها في المزاد العلني لاستخلاص ما بقي من قيمة القرض، والباقي — إن وجد — فهو من حق المدين.
أما الحالة الثانية، فهي حينما يتوفى المدين والسيارة لا يزال عليها قرض، أو في حالة العجز الكلي أو الجزئي، فإن رأس مال المؤمن يغطي ما تبقى من قيمة القرض البنكي عند تاريخ وقوع الوفاة أو العجز، ويتم نقل ملكية السيارة إلى ذوي الحقوق.
وأكد مصدرنا أن الحصول على قرض بنكي لشراء السيارة أمر عادي وليس فيه أي غموض، بل هي مسألة تعاقدية بين الزبون والشخص الذي يرغب في الحصول على "الكريدى" حيث من الواجب احترام العلاقة التعاقدية بين الطرفين.
"لابد أن يقوم الزبون قبل التوقيع بقراءة العقد كاملًا بتأنٍّ، وعدم التوقيع تحت الضغط أو الإغراء، كما عليه أن يطلب نسخة مكتوبة من العرض المسبق للقرض، ومقارنة العروض بين أكثر من بنك أو مؤسسة تمويل".
هذا ما شدد عليه علي شتور في تصريحه ل "الوطن الآن"، مؤكدا على ضرورة الاستعانة بشباك المستهلك التابع لجمعيات حماية المستهلك المتواجدة بجميع المدن المغربية، أو مستشار قانوني عند الشك في أي بند.
وأضاف أنه في حالة الوقوع في مأزق بعد التوقيع، ينبغي للمستهلك أن يتوجه فورًا إلى مؤسسة القرض لتقديم طلب مراجعة أو إعادة جدولة الديون. وفي حالة وجود غش أو تضليل، يمكن اللجوء إلى المحكمة التجارية أو إلى مصالح المراقبة التابعة لبنك المغرب.
وقال شتور: "الوعي المالي قبل الإقدام على أي قرض هو خط الدفاع الأول لحماية المستهلك، وأن قراءة البنود الصغيرة في العقد ليست شكلًا من الشك، بل ضمانًا للشفافية وحماية للحقوق. وعليه نوصي المستهلكين بعدم التسرع في التوقيع على العقود البنكية، والتأكد من فهم جميع الشروط؛ فالقروض تسهّل الحياة أحيانًا، لكنها قد تتحول إلى عبء دائم إن لم تُدرس جيدًا".
و أبرز أن من بين المشاكل أيضًا أن بعض الأشخاص يكتشفون أن نسبة الفوائد متحركة وليست ثابتة، ما يجعل مبلغ القرض البنكي يتغير من سنة إلى أخرى. كما يعجز بعض المواطنين عن أداء القروض في الشهور الأخيرة من مدة القرض، ما يجعل الشركة تقوم بسحب السيارة دون أن يحصل هذا المواطن على أي درهم فينطبق عليهم القول المأثور "لا ديدي لا حبّ الملوك".
بعض خبراء المال والأعمال يؤكدون أن اقتناء سيارة عن طريق قرض بنكي ليست بالعملية السهلة التي يعتمدها البعض، بل يمكن أن يكون من وراها تبعات سلبية، ما يجعلهم يشددون على أن هذا القرار لابد أن يكون مبنيا على دراسة دقيقة للدخل ونسبة الاقتطاع، بحيث لا تتجاوز 30% من دخل الأسرة، حتى لا يتحول القرض إلى عبء خانق يُهدد الاستقرار المالي للأسرة، احتراما لمقولة: "ألف تخميمة و تخميمة ولا ضربة بالمقس"، لأن من اللازم التفكير قبل التدبير، كما أنه من اللازم الحرص على ضمان هامش مالي احتياطي أثناء وقوع الأزمات يمكن من خلالها تسديد القروض إلى حين الانفراج من جديد.
وهناك من يؤكد أنه من الأسلم بالنسبة لأي شاب مقبل على الحياة بدل اللجوء إلى "الكريدي" لاقتناء سيارة، أن يدخر بشكل تدريجي مبلغ شراء سيارة قديمة في حالة جيدة، لأن القروض البنكية وإن كانت حلا في بعض الأحيان، فإنها ليست دائما الحل الجيد والأمثل.