نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الأربعاء 19 نونبر 2025 بمقره بالرباط، ورشة استكشافية حول موضوع “العدالة المجالية: فرص وممكنات انطلاقًا من ترصيد خصوصيات المجال (الجبل، الواحات، الساحل)”.
وتهدف هذه الورشة إلى تعميق النقاش حول إشكالية التفاوتات المجالية، من خلال اعتماد مقاربة تركز على الأبعاد الجغرافية للتفاوتات، بما يضمن توزيعا. مجاليا منصفًا للموارد ذات القيمة الاجتماعية ولفرص استعمالها.
وفي كلمتها الافتتاحية، أوضحت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذه الورشة تأتي في إطار السعي إلى تطوير الأفكار والاقتراحات بشكل جماعي، من خلال إشراك الفاعل المدني والأكاديمي والمؤسساتي، قصد بلورة رؤى قابلة للتنفيذ والارتقاء بما تحقق من مكتسبات على مستوى النقاش والحوار العمومي.
وشددت بوعياش على أن الجغرافيا، باختلاف طبيعتها في السواحل أو الجبال أو الواحات أو الصحراء، لا ينبغي أن تتحول إلى قدر يحدّ من تمتع المواطن بحقوقه الأساسية، مؤكدة أن هذه الفضاءات تتوفر على مؤهلات كفيلة بتحويلها إلى مراكز حقيقية للتنمية.
من جانبه، أبرز لحسن كبيري، أستاذ جامعي ورئيس جمعية الواحات بالرشيدية، مشارك في الورشة، أن تحقيق تنمية مجالية مستدامة يستدعي الانطلاق من الإنسان باعتباره محور كل تنمية، مع استثمار قدراته وممارساته ومعرفته المتوارثة عبر الأجيال. وأكد أن ساكنة الجبال والواحات والصحراء طوّروا أساليب عيش تتلاءم مع بيئتهم، مما يستدعي دمج هذه الخبرات في المشاريع التنموية بدل إقصائها، في إطار منظومة تربط مختلف المجالات ببعضها البعض وتراعي التنوع البيولوجي وخصوصيات كل وسط طبيعي.
كما لفت المتحدث إلى التحديات المتصلة بإشكالية الموارد المائية واتساع الضيعات الكبرى، معتبرًا أن الحفاظ على التوازن البيئي بين الجبل والواحة والصحراء يقتضي تحديث أنظمة الإنتاج وتطوير البنيات التحتية والاستثمار في النقل والتسويق، بما يضمن استمرار النشاط الفلاحي وتحسين ظروف عيش السكان المحليين. ودعا كذلك إلى تمكين الفلاح الصغير من التكوين والدعم اللازمين، وتعزيز دوره في الاقتصاد المحلي، مع تجاوز النظرة الاختزالية لهذه المجالات التي تزخر بإرث ثقافي ومعرفي وموارد طبيعية مهمة.
وفي السياق ذاته، أكد محمد الهاشمي، مدير الدراسات والأبحاث والتوثيق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذه الورشة تسعى إلى إعادة التفكير في الخصوصيات المجالية بعيدًا عن اعتبارها عوائق أمام التنمية، بل باعتبارها ممكنات تنموية غير مستغلة بالشكل الكافي.
وأوضح أن المطلوب اليوم هو تحويل هذه الخصوصيات إلى روافع للتنمية وتقليص التفاوتات القائمة، من خلال اعتماد مقاربات جديدة قادرة على استثمار الإمكانات الطبيعية والبشرية المتاحة في الجبل والواحة والساحل.
وبخصوص مخرجات الورشة، أوضح المسؤول ذاته أن المجلس يطمح إلى تجميع الأفكار العملية التي سيتم اقتراحها خلال النقاشات في وثيقة ختامية، تُرفع في شكل مذكرة أو ضمن منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قصد المساهمة في تطوير السياسات العمومية المتعلقة بالعدالة المجالية.