بدر شاشا : الشاب المغربي بين الغلاء والبطالة.. حين يصبح المستقبل مجرد حلم بعيد

بدر شاشا : الشاب المغربي بين الغلاء والبطالة.. حين يصبح المستقبل مجرد حلم بعيد بدر شاشا

في المغرب، أصبح الشاب يستيقظ كل صباح وهو يحمل على كتفيه همَّ الغد أكثر من همِّ اليوم، فالأحلام التي كانت يومًا ما ممكنة أصبحت اليوم مؤجلة إلى إشعار آخر، لأن الواقع أقوى من الطموح، والغلاء أسرع من الأمل، والفرص أقل من عدد الطامحين.

في كل مدينة مغربية، من طنجة إلى الداخلة، هناك آلاف الشباب الذين يتجولون بين الشوارع بحثًا عن عمل أو أمل، وكل واحد يحمل في داخله قصة تعب وصبر، شهادة جامعية عالقة في الأدراج، وسيرة ذاتية تتنقل من إدارة إلى أخرى دون رد. هناك من تعب من الانتظار فقرر أن يهاجر في قوارب الموت، وهناك من اختار أن يعمل بأجر لا يتجاوز 2900 درهم ليعيل أسرته بصمت رغم أن هذا المبلغ لا يكفي حتى لسداد إيجار بيت متواضع.

المشكلة ليست في الشباب، بل في منظومة كاملة جعلت الكفاءة لا تساوي شيئًا أمام "المعرفة" و"الواسطة". في بلد غني بثرواته وبعقوله، ما زال الشاب يواجه البطالة وكأنه هو المذنب، وما زالت الكرامة تُختزل في وظيفة مؤقتة بعقد لا يضمن المستقبل.

كلما ارتفعت الأسعار، انخفض الأمل، وكلما وُعد الشباب بالإصلاح، زاد الإحباط، لأن الواقع لا يتغير بالكلام، بل بالقرارات التي تضع الإنسان في قلب التنمية. لم يعد الشاب المغربي يبحث عن الرفاهية، بل عن الحد الأدنى من الكرامة، عن بيت بسيط، عن استقرار، عن فرصة ليُثبت نفسه في وطنه دون أن يُضطر للهجرة أو للعيش في دوامة الخوف من الغد.

الإصلاح الحقيقي يبدأ عندما تُمنح الفرصة لكل من يستحقها، وعندما يصبح الشاب المغربي مؤمنًا أن وطنه لا يخذله، وأن كل مجهود يقوم به سيجد صداه في مجتمع عادل ومتوازن.

المغرب اليوم بحاجة إلى نهضة جديدة، نهضة تُعيد الثقة بين المواطن والدولة، بين الشباب وسوق العمل، بين الأمل والواقع. لأن أكبر خسارة ليست في المال ولا في المشاريع المؤجلة، بل في الجيل الذي بدأ يفقد إيمانه بالوطن، جيل تعب من الانتظار… لكنه ما زال يحلم، لأن الأمل هو آخر ما يمكن أن يُنتزع من قلب الإنسان.