محمد سالم الشافعي: الحكم الذاتي والتحولات الكبرى بالمغرب

محمد سالم الشافعي: الحكم الذاتي والتحولات الكبرى بالمغرب محمد سالم الشافعي
سيشهد المغرب تحولات كبرى، وذلك على ضوء القرار الأممي رقم 2797 الذي أقرَّ المقترح المغربي "الحكم الذاتي" كحلٍّ وحيد من أجل أن يتفاوض بشأنه المغرب وجبهة البوليساريو، مما سيفتح الباب أمام مسار إصلاح سياسي تاريخي جديد بالمغرب، وسيكون بمثابة مرحلة مفصلية، عبّر عنها العاهل المغربي في خطابه الأخير حين قال إنّ المغرب سيقوم بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي وتقديمها إلى الأمم المتحدة.

ويرى المهتمون بقضية الصحراء أن كلمة "تحيين" الواردة في خطاب الملك محمد السادس لها حمولتها السياسية التي تؤكد تلك التحولات الكبرى داخل المغرب، كانتقاله إلى نظام جديد سيعززه انخراطه الحقيقي في هذا التحول بفضل مختلف شرائح المجتمع، على اعتبار أن الإصلاح الذي يحتاجه المغرب ليس مرتبطا بالدستور، الذي يتوفر على أرضية صلبة قابلة لأي تحول ديمقراطي، بل يحتاج إلى إرادة سياسية وديمقراطية حقيقية تتأسس على شفافية صناديق الاقتراع.

وبما أن القرار 2797 قد أنهى عملياً مرحلة "تقرير المصير" الكلاسيكية التي لا تزال جبهة البوليساريو ترددها شعاراً لها، فإنه في المقابل فتح الباب أمام تقرير مصير داخلي باسم الحكم الذاتي، الذي سيُعتبر عقداً اجتماعياً جديداً، يتطلب إشراك الصحراويين جميعهم ممن لهم ارتباط بهذه الهوية لصياغة الأولويات التي تلامس المواطن ليشعر بعدالة اجتماعية، بعدما كان قد لمسها في البنية التحتية للأقاليم الجنوبية. الأمر يتطلب كذلك خلق جو سياسي جديد يسمح بالتشطيب على كلمة "استرجاع" وتعويضها بعبارة "العيش المشترك"، تطبيقاً لفقرة من خطاب الملك محمد السادس حين قال: لقد حان وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى لكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه وعلى حدوده التاريخية.

كل هذا سيجعل الصحراوي المغربي يحظى بتمثيل سياسي حقيقي في حالة فتح التواصل مع النخب الصحراوية وسائر الصحراويين المتحدرين من الإقليم، على اعتبار أن الحوار الشامل هو استثمار يقوّي حاضر ومستقبل المغرب من شماله إلى جنوبه، ليصبح الحكم الذاتي مصالحة وطنية حقيقية.

 وهذا يفسّره كذلك كلام الملك محمد السادس في خطابه حين قال: فالمغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصاراً، ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات.

كما أن المرحلة التي يعيشها المغرب تُعتبر فرصة تاريخية من أجل لمّ شمل الصحراويين، وهذا ما عبّر عنه الملك محمد السادس حين قال: وفي هذا السياق، نوجّه نداءً صادقاً لإخواننا في مخيمات تندوف، لاغتنام هذه الفرصة التاريخية لجمع الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي من مساهمة في تدبير شؤونهم المحلية، وفي تنمية وطنهم وبناء مستقبلهم في إطار المغرب الموحد.

كل هذا يتطلب جواً من اللباقة السياسية من أجل الانتقال إلى السرعة القصوى لتنزيل الحكم الذاتي كحلٍّ لقضية مفتعلة عمرت خمسة عقود، مع نبذ كل الحساسيات والخلافات لبناء مغرب كبير يتسع لكل شرائح مجتمعه دون إقصاء أي طيف، ويضمن الحرية للجميع، كما عبّر عن ذلك الملك محمد السادس في خطابه مساء يوم 31 أكتوبر 2025 قائلاً: وبصفتي ملك البلاد، الضامن لحقوق وحريات المواطنين، أؤكد أن جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف وبين إخوانهم داخل أرض الوطن.