قام رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الثلاثاء 11 نونبر 2025، بمدينة الرشيدية، مرفوقاً بوزير الاستثمار كريم زيدان، ووزير المقاولات الصغيرة والتشغيل يونس سكوري، ووزير الدولة المكلف بالتجارة الخارجية عمر حجيرة، بإطلاق صندوق دعم استثماري جديد موجه للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.
في المقابل، يثير هذا الإجراء تساؤلات فاعلين مهنيين حول تأثيره الفعلي على النسيج المقاولاتي الوطني، وخاصة المقاولات الصغيرة جدا المغربية التي تشكل أكثر من %98.4 من مجموع المقاولات وتوظف 83% من اليد العاملة.
في هذا السياق، أوضح بلاغ للكونفدرالية، أنه بالتزامن مع إطلاق صندوق الدعم، أثارت عرض التوجهات الأولى لمشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي يتضمن زيادات ضريبية على المقاولات الصغيرة جدا، مزيداً من المخاوف بشأن تهميش هذه المقاولات في التنمية الاقتصادية للبلاد.
وأكد البلاغ الذي يحمل توقيع رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، عبدالله الفركي، أن شروط الاستفادة من هذا الصندوق، مثل شرط استثمار أدنى بقيمة مليون درهم، يستبعد تلقائياً 99.99% من المقاولات الصغيرة جدا المغربية. هذه المقاولات التي غالباً ما تكون هشة وقليلة الرسملة وتواجه صعوبات هيكلية، تفتقد الوسائل اللازمة للوصول إلى هذه الحدود بالإضافة إلى ذلك، يؤدي غياب آليات ضمان متاحة أو تمويلات ملائمة إلى تفاقم استبعادها من التمويل البنكي ايضا.
وذكر نفس المصدر بالعقبات الهيكلية العديدة التي تواجهها المقاولات الصغيرة، ومنها:
1- شروط منح القروض البنكية المفرطة التي تتطلب ضمانات غير متناسبة، غالباً ما تصل إلى ثلاثة أضعاف المبلغ المطلوب، رغم وجود آليات ضمان عمومية مثل "تمويلكم".
2ـ أسعار الفائدة المرتفعة التي لا يمكن للمقاولات ذات الهوامش الهشة تحملها.
3- تصنيف المقاولات الصغيرة جدا من طرف البنوك على أنها ذات مخاطرة عالية مما يستبعد أغلبها من الدورات الرسمية للتمويل.
في مواجهة هذا الوضع، تدعو الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الحكومة إلى:
1- الاعتراف بالأخطاء في تصميم وتنفيذ برامج الدعم، مع الإقرار بأن الوصول إلى التمويل بعيد عن البساطة أو الشمولية للمقاولات الصغيرة جدا.
2ـ فتح حوار وطني شامل بمشاركة ممثلي المقاولات الصغيرة جداً لتكييف السياسات العمومية مع احتياجاتهم الخاصة.
3- إشراك المجتمع المدني والمقاولين الشباب في حكم وتقييم آليات دعم الاستثمار لضمان ملاءمتها وتفادي المحسوبية.
4- تنفيذ إصلاحات هيكلية دائمة مثل إنشاء بنك دولة مخصص للمقاولات الصغيرة جداً والصغرى، وتخفيف معايير التمويل، وضمان الشفافية في توزيع الدعم.
ضغط ضريبي يضعف المقاولات الصغيرة جدا
نبهت الكونفدرالية إلى تفاقم العبء الضريبي على المقاولات الصغيرة جداً. منذ 2023، ارتفع ضريبة هذه المقاولات من 10% إلى 17.5% وستصل إلى 20% في 2026، وهو نفس المعدل المطبق على الشركات الكبرى التي كانت تخضع سابقاً لضريبة %35%، وأصبحت تؤدي فقط 20%.
هذا التساوي الظاهري وفق الكونفدرالية، يخفي واقعاً قاسياً في حين تستفيد الشركات الكبرى من تخفيض ضريبي كبير، وسهولة الوصول إلى التمويل البنكي و الدعم الحكومي، والولوج إلى الصفقات العمومية والعقارات، تكافح المقاولات الصغيرة جداً لتغطية مصاريفها وتتعرض لخنق مالي.
ودعت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة الحكومة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الأعمال ودعم استمرارية هذه الفئة من المقاولات، وذلك عبر تبني سياسة ضريبية أكثر عدالة تراعي خصوصية المقاولات الصغيرة جداً، مع العقلنة في معالجة الملفات العالقة مع مصلحة الضرائب على نحو منصف ومماثل لما يُعتمد مع المقاولات الكبرى، دون اللجوء إلى الحجز الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى إغلاق هذه المقاولات الهشة.
وخلص بلاغ الكونفدرالية على ضرورة تعزيز الشفافية والحكامة والمراقبة في منح الدعم العمومي، بما يضمن توجيهه نحو الفاعلين الذين يستحقونه فعلاً.
وفي السياق ذاته، تطالب الكونفدرالية بـإشراك أوسع لممثلي المقاولات الصغيرة جداً والصغرى في الحوارين الاجتماعي والاقتصادي.
واختتمت دعوتها إلى وضع إجراءات محددة تضمن احترام تخصيص الأموال العمومية للمقاولات الصغيرة جداً، بما يسهم في تعزيز دورها كرافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والتشغيل.