فاس.. جامعيون وعدول يدعون إلى استحضار النوازل الفقهية في قضايا الأسرة 

فاس.. جامعيون وعدول يدعون إلى استحضار النوازل الفقهية في قضايا الأسرة  جانب من الندوة
احتضنت مؤخرا كلية الشريعة بفاس، ندوة وطنية علمية كبرى تحت عنوان: «قضايا الأسرة في النوازل الفقهية: توجيه الإشكالات وتسديد الحلول في أفق المرتقب من التعديل»، وذلك بحضور عدد من العلماء والأساتذة الباحثين والخبراء من مختلف الجامعات المغربية، في إطار النقاش العلمي الوطني حول مستجدات قضايا الأسرة والإصلاح المرتقب لمنظومتها التشريعية.
افتتح أشغال الندوة عميد كلية الشريعة بفاس، عبد المالك أعويش ، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن تنظيم هذا اللقاء العلمي يأتي في سياق تثمين مكانة الكلية كمؤسسة علمية رائدة في البحث الفقهي والدراسات الشرعية، ودليل على مركزية العلمين الشرعي والفقهي في الإصلاح والتنمية وترسيخ القيم المجتمعية.
وأوضح العميد أن هذا العمل العلمي يعكس الالتزام بتعزيز الثوابت الوطنية الراسخة في المملكة المغربية تحت قيادة أمير المؤمنين الملك محمد السادس، في إطار احترام التصور الديني الرسمي للمملكة، القائم على المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني، بما يضمن حماية الهوية الدينية والثقافية المغربية.
وأضاف العميد أن قضايا الأسرة تشكل محوراً أساسياً لحماية المجتمع وصون كرامته، مشدداً على أهمية تحقيق مقاصد الإسلام في العدل والمساواة والتضامن، مع مراعاة مصالح جميع أفراد الأسرة من الزوجين إلى الأطفال، وضمان الحقوق المتبادلة والحماية القانونية والاجتماعية، في انسجام تام مع القيم الشرعية والأخلاقية.
وفي مداخلته، أوضح نائب عميد الكلية ورئيس المختبر الحسين العمريش أن تنظيم هذه الندوة يندرج ضمن الدينامية العلمية الجديدة التي تعرفها الكلية، من خلال تفعيل دور المختبرات العلمية وتشجيع البحث الأكاديمي الهادف، مشيراً إلى أن المختبر يعمل على إنجاز كتاب جماعي حول موضوع “الأوقاف المستقبلية”، بإشراف مجموعة من الأساتذة والباحثين، كما خصص عدداً من أعداد مجلته العلمية لموضوع الأوقاف تماشياً مع التوجيهات الملكية السامية.
وأكد أن المختبر بصدد إعداد دراسات علمية جديدة تهدف إلى تطوير البحث في مجال النوازل الشرعية والأحوال الشخصية، انسجاماً مع التحولات المجتمعية والتشريعية التي تعرفها المملكة.
من جهته، عبّر سعيد الصروخ رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة،  عن امتنانه لكل من ساهم في تنظيم هذه الفعالية العلمية بمدينة فاس، مبرزاً أن أهمية الندوة تكمن في الارتباط الوثيق بين القضايا الأسرية والواقع الاجتماعي، داعياً إلى دراسة هذه القضايا من منظور علمي رصين يجمع بين المقاربة الفقهية والمنهجية القانونية الحديثة.
وأكد أن الهدف من هذه الندوة هو تقديم رؤية متجددة للتعامل مع القضايا المعاصرة عبر البحث العلمي الرصين، مع مراعاة خصوصيات المجتمع المغربي وقيمه الأصيلة.
أما رشيد الوراك أستاذ بكلية الشريعة بفاس، فقد أشار في مداخلته إلى أن الشريعة الإسلامية أولت الأسرة مكانة مركزية في بناء المجتمع واستقراره، من خلال أحكام دقيقة تنظم العلاقات الزوجية والاجتماعية وتحمي الحقوق المتبادلة.
وأضاف أن دراسة النوازل الفقهية الأسرية تمثل وسيلة علمية فعّالة لفهم كيفية تنزيل الأحكام الشرعية على الواقع المعيش، مع مواكبة التطورات القانونية والاجتماعية، موضحاً أن قضايا الزواج، الطلاق، النسب، وحقوق الأطفال، من أبرز المواضيع التي تتطلب اجتهاداً معاصراً مستنداً إلى الثوابت الشرعية.
وأكد الوراك أن الندوة تسعى إلى إبراز الإبداع الفقهي المغربي في معالجة قضايا الأسرة، وتقديم مقترحات عملية تساهم في تطوير الإطار القانوني المرتقب، مع الحفاظ على خصوصية المرجعية الدينية للمملكة، وإيجاد توازن بين متطلبات العصر ومقاصد الشريعة الإسلامية.
وقد تميزت الندوة بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين من داخل الكلية وخارجها، الذين قدموا عروضاً علمية معمقة حول النوازل الفقهية وقضايا الأسرة، ركزت على مقاربات التكامل بين الفقه والشريعة، والتحديات التي تواجه إصلاح المنظومة القانونية ذات الصلة بالأسرة المغربية.
واختُتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة مواصلة البحث والاجتهاد العلمي الجماعي، وإشراك المؤسسات الأكاديمية والعلمية في النقاش العمومي حول إصلاح مدونة الأسرة، بما يحقق العدالة الاجتماعية، ويحافظ على الثوابت الدينية والوطنية للمملكة.