الصويرة تحتفي بالنسخة 20 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية بحضور فني مميز

الصويرة تحتفي بالنسخة 20 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية بحضور فني مميز الحفل حضره الرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور أندري أزولاي وشخصيات أخرى
اختتمت مساء السبت 1 نونبر 2025 فعاليات الدورة العشرين لمهرجان الأندلسيات الأطلسية بمدينة الصويرة، على إيقاعات حفل موسيقي ساحر أحيته، أيقونة الأغنية الشعبية المغربية ريموند البيضاوية، بحضور مستشار الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور  أندري أزولاي، ومستشارة الثقافة والرياضة بالحكومة الإقليمية للأندلس باتريسيا ديل بوزو فرنانديز، وسفير إسبانيا بالمغرب إنريكي أوجيدا فيلا، إلى جانب عدد من الشخصيات المرموقة من الأوساط الدبلوماسية والثقافية والفنية.
وأشعلت أيقونة التراث الموسيقي المغربي  اليهودي، فور صعودها للمنصة، حماس المئات من معجبيها الذين غصت بهم القاعة، بالإضافة إلى حضور عدد كبير من السياح الذين جاءوا لاستكشاف غنى المشهدين الموسيقي والثقافي بمدينة الرياح.
وجاءت مشاركة ريموند البيضاوية، التي تعد لحظة أساسية في كل دورة من المهرجان، بمرافقة فرقة موسيقية موهوبة قدمت خلالها باقة من الأغاني المميزة مثل "فينك يا الحبيب" و"العظمة"، ما أثار تفاعلا قويا مع الجمهور، الذي ردد معها مقاطع من روائع التراث الموسيقي المغربي، من الشعبي إلى العيطة، مروراً بألحان "الشكوري" الآسرة.
 
 
وتخللت السهرة الختامية عرض استثنائي لفرقة "باليه فلامنكو الأندلس" تحت إشراف مصممة الرقصات باتريسيا غيريرو، من خلال عملها "تييرا بنديتا"، حيث أبدع راقصون وموسيقيون موهوبون في اصطحاب الجمهور في رحلة حسية فريدة إلى أعماق الفلامنكو، في احتفاء راق بالغنى الثقافي الأندلسي.
كما شهدت المنصة عرضا ختاميا آخر قدمه عازف القيثارة الشهير أحمد الكندوز وفرقته، الذين أعادوا إحياء روائع الشعبي والشكوري والعيساوي، قبل أن ينضم الفنان فيصل بنحدو إلى ريموند البيضاوية في ديو فني فريد، قدموا خلاله باقة حديثة من الإيقاعات والألحان، مسدلين الستار على دورة احتفالية أوفت بكافة وعودها.
وفي تصريح للصحافة، عبر  أزولاي عن امتنانه العميق للشركاء الأندلسيين، مؤكدا أن مهرجان الأندلسيات الأطلسية متفرد في الغرب كما في الشرق، لأنه يحتفي بالتنوع ويرحب به، جامعا المسيحيين واليهود والمسلمين على نفس المنصة.
وأضاف أن الدورة العشرين، جسدت تماما ما يمكن للأندلس والمغرب تحقيقه معا، بإشعال نور التسامح والحوار حيث يسعى آخرون إلى إخماده، مشيدا بـكل من يعملون للحفاظ على روح التعايش والحوار والتقاسم الثقافي في قلب الصويرة.
من جانبها، أبرزت باتريسيا ديل بوزو فرنانديز "الروابط التاريخية" التي تجمع بين المغرب والأندلس، مذكرة بأن الشعبين تربطهما جذور عميقة وضاربة في التاريخ، وأن الدورة العشرين تشكل محطة خاصة من خلال مشاركة فرقة باليه فلامنكو الأندلس، التي تعد من أفضل سفراء ثقافة الاندلس.
وعقب الحفل، عبرت ريموند البيضاوية عن تأثرها العميق واعتزازها الكبير بالمشاركة في هذه الدورة الاحتفالية، التي تأتي في ظرف تاريخي يتسم بروح وطنية عالية، إثر اعتماد مجلس الأمن الدولي القرار 2797 المتعلق بالصحراء المغربية.
وأعربت الفنانة عن سعادتها بلقاء جمهور الصويرة من جديد، معتبرة إياه "أسرة حقيقية"، مشيرة إلى أن كل لقاء مع محبيها يشكل مصدر إلهام لها.
وأكدت الدورة، التي نظمت بمبادرة من جمعية الصويرة موكادور، الدور الريادي لمهرجان الأندلسيات الأطلسية كمنصة عالمية للحوار بين الثقافات والأديان، حيث جمعت هذه السنة فنانين ومفكرين يهودا ومسلمين ومسيحيين حول تراث مشترك وروح منفتحة.
ومن خلال تنظيم نحو 20 حفلا موسيقيا ومنتديين فكريين إلى جانب أنشطة ثقافية متنوعة، كرست دورة 2025 مرة أخرى مكانة مدينة الصويرة كنموذج فريد في مجال التقارب والإبداع وصون التراث الثقافي على الصعيد العالمي.
وشكل تأثير المكان والرابط في تعزيز التماسك الاجتماعي محور المنتدى الفكري الذي نظم، بـبيت الذاكرة،  في إطار فعاليات الدورة العشرين للمهرجان، بحضور نخبة من الشخصيات البارزة.
 وجاء المنتدى تحت شعار “أهمية المكان، أهمية الرابط”، وجمع صناع القرار والمفكرين والفنانين والباحثين والمنتخبين وشخصيات مرموقة من ديانات متعددة لتبادل الرؤى حول قيم الانفتاح والحوار التي تميز مدينة الرياح.
وفي كلمته بالمناسبة، شدد أندري أزولاي على خصوصية النموذج المغربي الذي يحفظ فيه التنوع والحوار والذاكرة ككنوز جماعية، مؤكدا أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، يواصل مقاومة الانقسامات والانحرافات الفكرية في وقت تتوسع فيه التطرفات العالمية.
 وأوضح أن بيت الذاكرة، يمثل فضاء للذاكرة الحية والمعرفة والتبادل، مؤكدا أن الصويرة تجسد نموذجا فريدا للتماسك الثقافي والروحي، حيث التراث اليهودي الإسلامي واقع حي وملموس يقوم على الاحترام والتقاسم. 
من جانبه، أشار الوزير الأسبق رشيد بلمختار إلى الدور الأساسي للثقافة في مواجهة التحولات الكبرى، مؤكدا أن الثقافة تشكل الهويات وتنظم السلوكيات وتصوغ الذاكرة الجماعية، وأن المغرب قادر على أن يكون مثالا يحتذى وبوصلة لبقية العالم.
كما أبرز رئيس الجماعة الترابية للصويرة طارق محمد عثماني، الحمولة الرمزية لـبيت الذاكرة، مشيرا إلى أن المدينة كانت تضم نحو 40 كنيسا يهوديا و20 زاوية، شاهدة على إرث روحي فريد يقوم على التعايش والتقارب الثقافي.
واختتم المنتدى بتأكيد المشاركين على مواصلة هذا الإرث من التسامح والتقاسم، ودعم المبادرات الثقافية التي تتيح للأجيال القادمة الاستفادة من هذا الرصيد المشترك، في إطار التزام متجدد للسلام والعيش المشترك كقيم جوهرية لمدينة الصويرة.