كباقي شعوب العالم مر المغرب من محطات كثيرة، بعضها كان زلزالا هز الجغرافيا والوجدان، لكنه دائما يخرج واقفا متماسكا، مؤمنا بأنه لا خيار أمامه إلا أن يواصل المسير.
لكن، بعد كل هذه العقود من النضال والإستبسال وبعد الانتصار الكبير في قضية الصحراء، يحق لنا أن نسأل بصوت مرتفع:
هل فعلا سنعيش بداية بناء الدولة القوية التي حلمنا بها؟ أم أننا، كعادتنا، نضيّع الفرص الذهبية التي تمنحنا إياها الأقدار؟
قضية الصحراء كانت معركة وجود، واستنزفت من المغرب الكثير من المال والرجال، لكنها كانت أيضا مدرسة في الإصرار والوحدة الوطنية.
واليوم، بعد أن حسمت في الميدان والدبلوماسية، لا بد أن نحسم المعركة الأخرى، الأصعب والأعمق: معركة بناء الدولة العادلة.
لقد ضيعنا فرصا كثيرة، نعم مشاريع هنا وهناك، منجزات تعرض في التقارير، لكن الحقيقة المرة أن دوائر الفقر ما زالت تتسع، والتعليم مازال في غرفة الإنعاش، والفساد مازال يتطاول علينا بالخيلاء،
البرلمان تحول إلى مسرح للفرجة تارة وإلى دراما التشريعات ، والوعود الانتخابية صارت نكتة الموسم، والمال العام ينهب بلا خجل. والرشوة دااارت في البلاد خبلة...
أما المواطن البسيط، فيكفي أن يرفع صوته ليُتهم بالتحريض أو “الإساءة للوطن”، وكأن الوطن هش إلى هذا الحد!
الوطن لا يخاف عليه من أبناء الريف أو الأساتذة الغاضبين أو zشباب الذين يصرخون من القهر واستفحال الفساد
الخطر الحقيقي هو قبيلة المنافقين التي تتكاثر في الظل، تصفّق في كل مناسبة،وبغير مناسبة ترفع الشعارات الوطنية في النهار وتنهب في الليل. هؤلاء أخطر من كل معارض، لأنهم يلبسون قناع الوطنية ليخفوا خيانتهم.
اليوم، المغرب أمام مفترق طرق:إما أن نغتنم لحظة الانتصار ونفتح صفحة جديدة عنوانها “القطيعة مع العبث”،وإما أن نواصل الدوران في حلقة مفرغة من الشعارات والتطبيل.
المرحلة اليوم تتطلب شجاعة سياسية حقيقية، تبدأ بإطلاق سراح معتقلي الرأي وكل من دافع عن كرامته بصوته، لا بسلاحه.
تتطلب مصالحة صادقة بين الدولة والمواطن، وتستلزم إعادة بناء الثقة التي تآكلت بفعل الفساد والتضليل.
لقد كسبنا معركة الأرض، لكننا لم نكسب بعد معركة الإنسان.ومتى خسرنا الإنسان، فلن تجدي الخرائط ولا البيانات.
المغرب يستحق أكثر، وشعبه يستحق أن يعيش في وطن يتسع للجميع، لا وطن محكوم بجيوش من المنافقين.
هذه اللحظة ليست للبكاء على ما فات، كما ليست محطة لكثير من الفرحة حد الإبتذال ...
بل نحن في حاجة ملحة وأكيدة وآنية من أجل استعادة ما يمكن إنقاذه قبل أن تضيع الفرصة مرة أخرى...
أما الشطيح والرديح راااه عاااا بدااا ليهم وسخن ليهم الطعااارج ...وتفرج .
سعيد عاتيق، فاعل حقوقي