أريري: الحفر الست التي ابتلعت الدولة الاجتماعية بالدارالبيضاء

أريري: الحفر الست التي ابتلعت الدولة الاجتماعية بالدارالبيضاء عبد الرحيم أريري
تعد الدار البيضاء من أكثر المدن المغربية التي تعاني من ضغط ضريبي انتخابي رهيب. إذ في كل ولاية انتدابية يتم استنزاف جيوب ساكنة العاصمة الاقتصادية بمبلغ يصل إلى 300 مليون درهم. هذا المبلغ يتضمن حصة البيضاء من الكلفة الخاصة بتمويل الانتخابات المحلية والجهوية، وكذا مبلغ التعويضات الممنوحة لمنتخبي مجلس المدينة و16 مقاطعة خلال الولاية الانتخابية. مما يفيد أن الضغط الضريبي الانتخابي يبتلع من الخزينة العامة 50 مليون درهم في السنة، أي ما يعادل 1،5% من ميزانية مجلس الدارالبيضاء كل عام !
 
المفارقة أن منتخبي الدار البيضاء الذين ترصد لهم الدولة( تمويل العملية الانتخابية والتعويضات الشهرية وكراء السيارات)، كل عام مايعادل 1،5% من مجموع ميزانية المدينة، لا يخصصون سوى الفتات للقضايا الاجتماعية المهمة. 
وإليكم بعض الأمثلة:
 
أولا: مجلس البيضاء يرصد أقل من 1% من الميزانية السنوية للحدائق والبستنة.
 
ثانيا: مجلس البيضاء ينفق 0،2% على التشوير الطرقي( العمودي والأفقي)، ويكاد يغيب التشوير أمام المدارس والكليات والمستشفيات والقيساريات والأسواق البلدية والمساجد والملتقيات الطرقية.
 
ثالثا: مجلس البيضاء يرصد 0 % ( صفر في المائة)، للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة البالغ عددهم قرابة 160.000 مواطن( أي 4،8% من سكان البيضاء)، بإحجام المنتخبين عن إنفاق ولو درهم واحد لتهيئة الممرات والولوجيات بالأماكن العامة والساحات والشوارع لتيسير تنقل هاته الفئة الهشة.
 
رابعا: مجلس البيضاء يرصد 1% فقط من الموارد المالية لتهيئة الساحل. وحتى هذه النسبة خصصت بالكامل لبرنامج تأهيل ساحل عين الذياب وكورنيش مسجد الحسن الثاني فقط بفضل برنامج"مخطط الدارالبيضاء 2015\2020، الذي تضمن عدة شركاء. في حين خصص الفتات لسواحل البسطاء في كورنيش عين السبع والبرنوصي.
 
خامسا: مجلس البيضاء يرصد 0% ( صفر في المائة) لدعم الطلبة المحتاجين والمتقاعدين عبر رفض تحمل كل أو جزء من كلفة تنقلهم بالحافلات والترامواي والباصواي، على غرار ما تقوم به مدن الدول المتمدنة لفائدة الطلبة.
 
سادسا: مجلس البيضاء يرصد بالكاد 0،1% من ميزانيته لمرضى داء السكري الأكثر فقرا بالمدينة، والبالغ عددهم 60.000 مريضا( أي 1،8% من سكان البيضاء).
 
نعم، إن الديمقراطية في كل دول العالم المتمدن لها كلفة مالية، لكن هذه الكلفة يتم استرجاع عائدها ماديا ومعنويا من طرف المجتمع، ويتجلى ذلك في تحسين مستوى رفاهية السكان، وتجويد مستوى العيش الحضري، وتحويل المدن إلى "جنينات" تشع بهاء وخضرة وجمالا، وتوفير مناخ جاذب للأعمال والاستثمار، فضلا عن رقي الخدمة المقدمة في المرفق العمومي المحلي بتلك المدن (منتزهات، وسائل نقل مريحة وكافية، معاهد موسيقية، مسابح، أندية رياضية، إنارة عمومية، إلخ...).
 
أما في المغرب ، وفي الدارالبيضاء تحديدا، فإن هاته "الديمقراطية المحلية" هي مجرد مسرحية رديئة مكشوفة، ذات كلفة باهضة أرهقت خزينة البلاد والعباد. وبالتالي لا الموارد المالية، على قلتها في بلد فقير مثل المغرب، ظلت في الخزينة العامة لتخصيصها لما ينفع الناس في أولوياتهم، ولا المؤسسات المنتخبة "المخدومة" ساهمت في تأمين حق المواطن في المدينة، وبالتالي المساهمة في إشعاع المغرب من خلال تسويق ترابي ذكي للبيضاء. والدليل أن عددا من مدبري العاصمة الاقتصادية يقبعون حاليا في السجن، أو فارين من العدالة، أو محط ملاحقة قضائية، أو مثار مساءلة من طرف أجهزة الرقابة لوجود شبهة فساد.