منذ خمسين سنة والجزائر تردّد المقولة ذاتها، بأنها ليست طرفا في نزاع الصحراء، وإنما بحنانها وعطفها تساند حقّ الشعوب في تقرير مصيرها.
لكن ما إن اقتربت ساعة الحسم في الأمم المتحدة، وبدأت الدول العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، في إعداد مشروع قرار يتبنّى مقترحَ الحكم الذاتي المغربي كحلٍّ وحيدٍ وأوحدَ وواقعيٍّ للنزاع، حتى بدأت الجزائر تُظهر وجهها الحقيقي، وهو الجبن والخوف المغلّف بالتهديد بالامتناع عن التصويت بخصوص قضية مصيرية بالنسبة إليها.
ويمكن اعتبارها قضية القشّة التي ستكسر ظهر البعير والعقيدةَ العسكرية الجزائرية. فهل هو موقف مبدئي؟ أم خوفٌ استباقيّ من الاعتراف بالهزيمة الدبلوماسية؟
فلعقودٍ طويلةٍ والجزائر تتذرّع بأنها غير معنية مباشرة بالنزاع المفتعل من طرفها، لكنها في الواقع تؤوي وتسلّح وتموّل جبهةَ البوليساريو، وتهاجم المغرب في المحافل الدولية باسم "الشرعية الوهمية"، وتستعمل القضية الصحراوية كورقةٍ لتبرير فشلها الداخلي وتوحيد الرأي العام حول عدوٍّ خارجيٍّ من صنع خيالها.
إن تهديد الجزائر اليوم بعدم التصويت على مشروع قرارٍ أمميٍّ يكرّس مقترح الحكم الذاتي المغربي، لا يمكن تفسيره إلا باعتباره جبنا دبلوماسيا يسبق الهزيمة الكبرى، لأن الامتناع في هذه الحالة ليس سوى إقرارٍ ضمنيٍّ بشرعية الموقف المغربي، المحصَّن بالإجماع الدولي والإقليمي.
فالدول التي تؤمن بعدالة موقفها لا تختبئ خلف الصمت أو الغياب، بل تعبّر علنا عن رأيها مهما كانت النتيجة، والتي ستكون إن شاء الله إغلاق ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
مصطفى يخلف، محام بهيئة أكادير وعضو جمعية عدالة