يوسف غريب: الرئيس تبّون بقناع بن بطّوش  يطالب ب" اقتسام فاتورة السلام  " مع المغرب

يوسف غريب: الرئيس تبّون بقناع بن بطّوش  يطالب ب" اقتسام فاتورة السلام  " مع المغرب يوسف غريب
قبل التفصيل في هذا القناع الذي ظهر به الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أود الإشارة إلى أن نظام العسكر هناك بدا لي ولأول مرة منسجماً مع نفسه ومع أطروحته العدائية المزمنة لكل ما هو مغربي، حتى إن معظم جرائده، ولحد الآن، ما زالت تتحدث عن جيل Z بكل ذلك التضليل الإعلامي الغبي.
 لذلك كان طبيعياً أن يتم السكوت المطلق عن الإنجاز المغربي العالمي في دولة الشيلي وفي مختلف المؤسسات الرسمية وغيرها، لما في ذلك من تناقض مع أطروحتهم التضليلية.بعيداً عن هذه النقطة، فإن السيد تبون، رأس النظام العسكري هناك، لا يتقن إلا دور النعامة التي تخفي رأسها في الرمال كلما أحست بالخوف والعزلة والحصار، وهو ما ظهر جلياً في ما يعرف ببيان “اقتسام فاتورة السلام”، الموقع من حيث الشكل باسم بن بطوش كقناع، مع مضامين تفضح ملامح الوجه الحقيقي الذي انتقل من فكرة تقسيم الصحراء إلى اقتسام فاتورة السلام، بالتركيز أولاً على كلمة “فاتورة” كمصطلح تجاري محض، وربطها بتصريح للرئيس تبون قبل أشهر أكد فيه أن الجزائر أنفقت مال قارون على هذا النزاع.كأنه يقول: من سيعوضنا هذه الخسارة المالية بعد الهزيمة الدبلوماسية؟ بل تذكرنا هذه النقطة بحدث مماثل سنة 1979 حين قبل المقبور هواري بومدين مسألة التعويض الذي عرضته عليه المملكة العربية السعودية وقتها قبل وفاته.لكن الفضيحة الكبرى هي هذه العبارة نفسها “اقتسام فاتورة السلام”، حيث أشارت بعض المصادر الموثوقة إلى أنها استُعملت في إحدى رسائل القيادات الجزائرية إلى الإليزيه، والتي تمت صياغتها في سجون فرنسا السياسية، وكان مضمونها المطالبة بتقاسم ثروات البلاد والحفاظ على مصالح فرنسا ورعاياها، مقابل السماح للجزائريين بتقرير مصيرهم في استفتاء شعبي يتضمن خيار البقاء تحت حكم فرنسا أو الاستقلال عنها، مع البقاء متعاونين معها ضمن ما يسمى الآن اتفاقية إيفيان.
إن التاريخ لا يعاد إلا بشكل كاريكاتوري وبئيس، كبؤس هذا البيان الصادر كما قلنا باسم جبهة البوليساريو، بلغة كيان دولة قائمة مستعدة للتفاوض مع بلدنا خدمة للأمن والسلام الإقليميين.من حيث المبدأ الثابت للمملكة المغربية، فإنه لا تفاوض مباشراً مع الانفصاليين منذ بداية النزاع، وحتى اتفاقية وقف إطلاق النار، فقد وقعها المغرب مع هيئة الأمم المتحدة. ولا ننسى أن اللقاءات المباشرة مع بعض القيادات كانت في سياق العودة إلى الوطن تحت راية المغرب المنفتح على كل الاقتراحات.أما من حيث تفكيك هذه المبادرة كما سميت، نتساءل: كيف لجبهة تدعو إلى التفاوض حول السلم وتقاسمه دون أن تصدر ما يلغي قرار استئناف القتال ضد المغرب، بجملة صادرة عن بن بطوش نفسه “اتفاقية وقف إطلاق النار صارت من الماضي”؟إلى جانب ذلك، يجب تسليم الأسلحة، كما فعل حزب العمال الكردستاني ومثيلاته من الحركات التحررية. فذاك السلاح أصبح كابوساً لدى جنرالات المرادية، حتى إن تبون طلب من مستشار ترامب تدخل أمريكا لنزع سلاح الجبهة.
وأخيراً، حل هذا الكيان المسمى “الجمهورية الصحراوية” حتى يستقيم ما تطالبون به من استفتاء شعبي. ولأنه من سابع المستحيلات انتظار تحقيق هذه القرارات، نعتبر هذا البيان الجزائري بقناع بن بطوش محاولة للهروب إلى الأمام في الثواني الأخيرة قبل إغلاق هذا الملف لصالح الشرعية والمشروعية المغربية، مؤكداً أني من أنصار ومؤيدي ما قاله أحد شيوخ قبائلنا الصحراوية لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بمدينة الداخلة السنة الماضية: “حتى قبولنا لمقترح الحكم الذاتي نابع من احترامنا لجلالة الملك محمد السادس فقط”.في المجمل العام، وانطلاقاً من السياقات الإقليمية والدولية، نستطيع القول إننا ذاهبون إلى مشهد يجعل من كابرانات الجزائر كالتاجر الذي يبيع البيض، وعليه ألا يتسبب في أي شجار في السوق الدولية. فقد انتهى زمن العنتريات الواهمة، أما الزمن المغربي فما زال مستمراً في تحقيق حلم كبير وعريض، كإعادة تحيين خارطة طريق الإمبراطور أحمد المنصور الذهبي من طنجة إلى الساحل الصحراوي.
انتهى الكلام.
يوسف غريب، كاتب صحفي