أكد عبد الصمد قيوح، وزير النقل واللوجيستيك، أن ميناء الداخلة الأطلسي يشكل ركيزة أساسية في تعزيز الاندماج الاقتصادي بين دول القارة الإفريقية، ومعبراً استراتيجياً نحو إفريقيا جنوب الصحراء.
وأوضح الوزير، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال النسخة الثانية من المنتدى والمعرض الدولي للحركية والنقل واللوجيستيك "لوجيتير 2025"، المنعقد يوم الخميس 16 أكتوبر بالدار البيضاء، أن هذا الحدث، يعكس الإرادة المغربية في دعم التكامل الإفريقي وتطوير شبكات النقل المستدام.
وأضاف قيوح أن المملكة، بناءً على موقعها الجغرافي والتزامها الثابت، جعلت المملكة المغربية من التعاون مع الدول الإفريقية، أولوية استراتيجية في سياستها الإفريقية، انسجاماً مع الرؤية الملكية الرامية إلى تعزيز التضامن والتنمية المشتركة.
وقد تجسد هذا الالتزام من خلال مبادرات رائدة، أبرزها مبادرة الملك محمد السادس الرامية إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، والتي تهدف إلى إرساء أسس جديدة للتعاون والتنمية المشتركة، من خلال تقاسم التجربة المغربية ووضع البنيات التحتية الطرقية والسككية والمينائية رهن إشارة هذه الدول.
وتندرج هذه المبادرة في إطار رؤية ملكية شمولية تُكرس إفريقيا متضامنة ومستقرة ومزدهرة، وتشكل رافعة استراتيجية لتحول اقتصاديات دول الساحل عبر تعزيز استقلالها الاستراتيجي واستثمار مؤهلاتها الهائلة.
وفي هذا الإطار، عملت المملكة على تطوير بنياتها التحتية المينائية والطرقية والسككية بشكل متكامل، بما يُسهم في تحقيق هذا الطموح القاري.
فميناء طنجة المتوسط يُعد اليوم المنصة المينائية الأولى بإفريقيا، إلى جانب ميناء الناظور غرب المتوسط كمحور جديد لدعم التجارة الدولية وربط سلاسل القيمة، وميناء الداخلة الأطلسي الذي يُشكل البوابة الجنوبية للمملكة نحو إفريقيا جنوب الصحراء، وركيزة أساسية للاندماج الاقتصادي مع الدول غير الساحلية.
وعلى المستوى الطرقي، تمثل الطريق السريع تيزنيت-الداخلة نموذجاً بارزاً لهذا التوجه، إذ يُعد امتداداً استراتيجياً نحو العمق الإفريقي، يتيح انسيابية أكبر لحركة الأشخاص والبضائع، ويُسهم في تقليص الفوارق المجالية وإنعاش الاقتصادات المحلية والإقليمية، كما يشكل شرياناً محورياً ضمن مبادرة الربط الأطلسي لدول الساحل.
وبالموازاة مع ذلك، أكد قيوح ان وزارة النقل واللوجيستيك تولي اهتماماً خاصاً بتهيئة المناطق اللوجيستيكية في مختلف جهات المملكة، باعتبارها رافعة أساسية لتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز جاذبية الاستثمار.
ويجري حالياً تنفيذ برنامج ذي أولوية يغطي مشاريع متعددة على مساحة إجمالية تبلغ 750 هكتاراً.
كما تم أيضاً إيلاء اهتمام خاص للجهات الجنوبية، ولاسيما الداخلة والكركرات، لتطوير مناطق لوجيستيكية تواكب أهداف المبادرة الأطلسية وتدعم مكانة المغرب كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا والعالم.
وفي مجال العبور الطرقي، أشار الوزير إلى دعم المغرب جهود توحيد وتنسيق إجراءات العبور بين الدول الإفريقية، من خلال تفعيل الاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية النقل الدولي الطرقي (TIR)، بما يعزز المبادلات التجارية البينية والاندماج الإقليمي.
أما في مجال النقل السككي، فتواصل المملكة تطوير شبكتها وفق منظور تكاملي واستشرافي يجمع بين النجاعة الاقتصادية والاستدامة البيئية، مع العمل على توسيع شبكة القطار فائق السرعة وربط محاور جديدة بالشبكة الوطنية، تمهيداً لتكامل سككي إقليمي فعّال. وفي هذا السياق، تعتمد المملكة على الطاقات النظيفة لتشغيل أكثر من 90% من قطاراتها، في تجسيد عملي لالتزامها بالانتقال الطاقي وتقليص البصمة الكربونية، انسجاماً مع اتفاق باريس وأهداف التنمية المستدامة.
كما دعا الوزير إلى تعزيز الشراكات الإفريقية في مجالات التكوين وتمويل المشاريع المشتركة وتيسير العبور الجمركي، مؤكداً أن الرقمنة والطاقات النظيفة أصبحتا ركيزتين أساسيتين لتحقيق التحول المنشود في قطاع النقل واللوجيستيك على مستوى القارة.
واختتم قيوح كلمته بالتأكيد على أن شعار هذه الدورة، "تعزيز الربط القاري من أجل نموذج جديد للتعاون جنوب–جنوب"، يجسد طموح المغرب وشركائه في بناء قارة إفريقية قادرة على المنافسة والتنمية المستدامة.