رياض وحتيتا: المغرب بين ذاكرة الانتماء وطموح الشباب

رياض وحتيتا: المغرب بين ذاكرة الانتماء وطموح الشباب رياض وحتيتا
أغلى ما في الوجود الوطن، وأعزّ ما في القلوب ملكُنا المحبوب. ترتعش الأنامل حينما تكتب شاكرةً لانتمائها إلى هذا الوطن الحبيب الذي نعيش آمنين ومؤمنين تحت سمائه، متشبّثين بعرشه.
المغرب هو المكان الذي تدور أحداث ذكرياتنا فيه، ففي كل شارع، وفي كل حي، وفي كل مبنى، وعلى كل حبّة رمل نترك بصمة الماضي بذكرياته وتقاليده بين العائلة والأصدقاء والجيران، ونتذكّر آباءنا وأجدادنا الذين بنوا هذا الوطن بسواعدهم وبكل جهدهم وقوّتهم.
عندما نتذكّر هذه الأحداث والأمور فإننا حتماً سنحبّ الوطن، فمن منّا لا يحبّ ذكرياته الجميلة؟ ومن منّا لا يحبّ كل زاويةٍ وقف فيها أو نظر إليها في صباه؟
فالحبّ لا يكون بالعبارات ولا بالأشعار، وإنّما بالأفعال والإنجازات اتجاه وطننا.
الوطن ينادينا، فيجب علينا المحافظة على ترابه وممتلكاته، كما يجب أن نرتقي به نحو كل ما هو أفضل، والدفاع عنه وحماية ترابه من طنجة إلى الگويرة.
فليس السلاح دوماً من حديدٍ للدفاع عن الوطن، فلكل وطنيٍّ سلاحه؛ فالفلاح بفأسه يحمي الأرض، والصحافيّ بقلمه يصون الحقيقة، والعالِم بعلمه يرفع راية الوطن، والمغنّي بصوته يحفظ سمعته ونبضه ومكانته.
إنّ سلاح الوطن بأكمله هم الشباب الذين هم عُدّته وعماده، هم القلب النابض وساعده القوي. وبهم يمكننا تنمية وبناء المجتمع. وعلى الشباب أن يستثمروا طاقاتهم وجهودهم لخدمة المجتمع والنهوض به، لإنجاز التقدّم والتطوّر على كافة الأصعدة: السياسية منها، والاقتصادية، والاجتماعية، والخدماتية وغيرها.
علينا أن نستحضر الوطن عندما نصنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي كل وقتٍ ضاقت بنا الأيام أم فرجت. تمرّ تلك الأيام بحلاوتها ومرارتها، وتختلف ظروفنا في الزمان والمكان، لكن يبقى الوطن يجمعنا ويتقاسم معنا الماضي والحاضر والمستقبل.
إنّ تقدّم الأوطان يتوقف على الشباب.
إذا أردنا أن نعرف تقدّم الوطن أو تأخّره، فيا تُرى ننظر إلى مَن؟
لا شكّ أننا ننظر إلى الشباب. نعم، إلى الشباب: ننظر إليهم معلّمين أو معلمات، أطباء أو طبيبات، مهندسين أو مهندسات، طلبة أو طالبات، صحافيين أو صحافيات... ننظر إليهم في أخلاقهم وعلمهم وملابسهم ومدى تشبّثهم بعَلمهم المغربي داخل الوطن وخارجه.
ومن الواقعي أن التفوّق والمجد والعمل لا يطرق باب أحدٍ ويذهب إليه، فلابدّ لنا من السعي إليه والنشاط في تحصيله، لكي لا نجد سبباً يجعل منّا عالةً على الوطن.
ومهما كتبت لن أوفّيه حقّه، وطني الحبيب المغرب.
وفي المحصّلة، فإنّ حبّ الوطن لا يُترجم بالشعارات والعواطف وحدها، بل بالفعل المسؤول والعمل الملتزم الذي يضع مصلحة البلاد فوق كلّ اعتبار.
وإذا كان الشباب يمثّلون اليوم أكبر طاقةٍ كامنةٍ في المجتمع، فإنّ مستقبل المغرب مرهون بمدى قدرتنا على استثمار هذه الطاقة وتوجيهها نحو التنمية والإبداع والإنتاج.
لذلك، أصبح من الضروري أن تولي الحكومة أولويةً قصوى للشباب في سياساتها العمومية، من خلال تمكينهم اقتصادياً، ودعم مبادراتهم، وتوسيع مشاركتهم في اتخاذ القرار.
فالشباب ليسوا مجرّد فئةٍ عمرية، بل هم رهان الحاضر وضمانة المستقبل، ومن خلالهم يمكن للمغرب أن يواصل مسيرته بثبات نحو التنمية الشاملة والمستدامة.
فسلامٌ على وطنٍ أنجب شباباً يعشقونه بقلوبهم، ويصنعون مجده بأيديهم.
رياض وحتيتا،  خبير فلاحي