محمد حفيظ: الفساد أولا.. الفساد أخيرا

محمد حفيظ: الفساد أولا.. الفساد أخيرا محمد حفيظ
- أنا لا تهمني الحصيلة والأرقام فقط، وإنما يهمني، قبل كل شيء، التأثير المباشر والنوعي، لما تم تحقيقه من منجزات، في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين.
- إن من حقنا جميعا أن نتساءل: هل ما نراه من منجزات، ومن مظاهر التقدم، قد أثر بالشكل المطلوب والمباشر على ظروف عيش المغاربة؟ وهل المواطن المغربي، كيفما كان مستواه المادي والاجتماعي، وأينما كان، في القرية أو في المدينة، يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، بفضل هذه الأوراش والإصلاحات؟
- ويبقى السؤال المطروح: ماذا فعلنا بما حققناه من تقدم؟ هل ساهم فقط في زيادة مستوى الاستهلاك، أم أننا وظفنا ذلك في تحقيق الرخاء المشترك لكل المغاربة؟ وإلى أي درجة انعكس هذا التقدم على تحسين مستوى عيش المواطنين؟
هذا ليس كلاما صادرا عن أحد شباب جيل Z الذين يخرجون منذ أسبوعين إلى الشارع من أجل التظاهر والاحتجاج، ولا هو كلام أطلقه أحد المعارضين من "المعتدلين" أو "الراديكاليين" ليعارض الحكومة أو ينتقد الدولة.
هذا كلام الملك محمد السادس. هكذا تحدث الملك عن ظروف عيش المغاربة وأوضاعهم الاجتماعية. وهكذا تساءل، قبل أحد عشر عاما، في خطاب العرش لسنة 2014، عن مدى انعكاس الأوراش على عيش المغاربة.
وبعد 11 عاما من تساؤلات الملك، يخرج شباب جيل Z، ليطرحوا التساؤلات نفسها، بل ليُحَوِّلوها إلى مطالب اجتماعية تخص الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.
 
لقد ختم الملك تساؤلات خطاب العرش في 2014 بتساؤله الشهير الذي طرحه باستغراب: 
- أتساءل باستغراب مع المغاربة: أين هي هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟.
سؤال الملك الذي بدأ بـ(أين): "أين الثروة؟"، يتضمن أيضا سؤال (مَن): مَن يستفيد من الثروة؟ ويمكن أن يحيل إلى سؤال (كيْف)؛ مثل: كيف تُوزَّع الثروة؟ وسؤال (لماذا)؛ مثل: لماذا تُهْدَر الثروة؟ أو لماذا تتفرج الدولة على إهدارها؟ أما سؤال (متى)، فيكفي أن نعلم أن سؤال (أين) الذي طرحه الملك، منذ أكثر من 11 عاما، لا يزال بلا جواب.
 
لم يعد الوضع الاجتماعي، اليوم، وكذا الوعي المواطني يسمحان بتعليق الجواب عن سؤال "أين الثروة؟" وباقي الأسئلة التي تتفرع عنه. ولعل أول جواب عن رسالة جيل Z هو الجواب عن هذا السؤال.
الجواب عن سؤال "أين الثروة؟" يقتضي، أولا، التوجه نحو الفساد، الذي ظل المغاربة يطالبون بمحاربته، ووَضَعَه شباب المغرب، اليوم، على رأس مطالبه.
الجواب عن سؤال "أين الثروة؟" يقتضي ألا تستمر الدولة في التفرج على ثروة المغرب والمغاربة وهي تتعرض لسوء التدبير والتبديد والسرقة. فلا يمكن حماية ثروة المغرب والمغاربة في ظل تفشي الفساد والتطبيع معه.
جيوب الفساد لم تعد مجهولة؛
ابحثوا في خزائن أثرياء الفساد وأثرياء الريع؛
فُكُّوا العلاقة بين السلطة والمال؛
فَعِّلوا مبدأ الربط بين ممارسة السلطة والخضوع للمحاسبة؛
الفساد استشرى بسبب زواج السلطة والمال.
الفساد استشرى بسبب عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة.
الفساد استشرى بسبب إطلاق اليد لأثرياء الريع الذين يتاجرون في الصحة والتعليم والعقار والفلاحة... إلخ.