خصصت صحيفة "الوطن الآن" في عدد خاص، لمقاربة حركة الاحتجاج الشبابي ( جيل Z )، وعززته بحوارات أجراها صحافيوها مع عدد من الأساتذة والخبراء الذين تناولوا من زوايا متقاطعة أبعاد كلا من وجهة نظره حراك جيل زاد، وانعكاساتها الحالية والمستقبلية.
وفي تقديمها لهذا الملف الذي اختارت له عنوانا دالا " الاحتجاج الشبابي بين المطالب الحالمة والتخريب الآثم "، ذكرت فيه بالخصوص، بأن الاحتجاج لم يبدأ في المغرب اليوم، ولم تكن الموجة الاحتجاجية الاجتماعية التي عاشها المغرب، على فترات متباعدة، منذ جيل الاستقلال الى "جيل Z ".
وتبعا لذلك، فإن ما نعيشه اليوم من احتجاج، رغم اللغة الجديدة والأدوات المغايرة والأساليب غير المسبوقة في التعبئة والتنظيم، يعتبر امتدادا لمسار تراكمي كويل التفاعل بين السلطات والمجتمع، بين مطالب الشارع وإيقاع التحولات الاقتصادية والاجتماعية وتحديات الاستقرار وحفظ الأمن، كما كتبت الأسبوعية في تقديم الملف.
تحول في الوعي
وإذا كان الاحتجاج اليوم مؤشرا دالا على تحول في بنية الوعي لدى جيل Z ، فإن شبكات التواصل الاجتماعي، جعلت الحدود السياسية شبه متلاشية، فصارت العدوى الرمزية تنتقل بسرعة بين المدن والبلدان ويصبح الاحتجاج مشتركا والعناوين واحدة: الكرامة، العدالة والحق في الأمل.
وبعدما أبدت " الوطن الآن" في ملفها مجموعة من الملاحظات لفهم هذا الاحتجاج، من حيث دوافعه وآلياته وخطابه ورموزه، بما يساعد على استيعاب العلاقات المعقدة التي قد يخفيها في ثناياه، خلص معدو الملف الى القول إن هذا الجيل يريد أن يرى مؤسسات بلاده خاضعة لمبدأ " المسؤولية والمحاسبة" واعلاما عموميا يعكس الواقع ولا يخفيه ويخدم المواطنة ، ويقوم بترشيد النقاش العمومي بموضوعية ولغة راقية، وسياسة تستوعب النقد ولا تجرمه، لكن في الوقت نفسه، على هذا الجيل أن يدرك أن الإصلاح لا يدار من الخارج.
احتجاج جيل
بيد أن الأمر يتعلق باحتجاج جيل، وليس باحتجاج فئة أو قطاع، كما هو الشأن بالنسبة إلى عدد من الاحتجاجات الفئوية أو القطاعية، إنها احتجاجات ضد السياسة ومن أجل السياسة، وما يميزها هو أنها خرجت باسم جيل وترفع مطالب تهم المغاربة وجميع الأجيال، كما يقول محمد حفيظ الأستاذ الجامعي والصحافي السابق، في معرض جوابه على سؤال حول ما الذي جعل هذا الموجة الاحتجاجية مغايرة عن مثل التظاهرات المنظمة على طول السنة؟.
لكن ما الذي ميز هاته الحركة حتى دب الهلع في النخب الحكومية والحزبية والسياسية؟، إن الشعور بالإحباط عند الفرد هو الشرط الأول لبناء عمل جماعي احتجاجي... وأن ما يعبئ الشارع هو الإحساس بالظلم وبالحكرة لينادي بالكرامة والعيش الكريم أولا حسب ما يراه الأستاذ عبد الرحمان رشيق الباحث في علم الاجتماع الحضري، في الوقت الذي يعتبر الكاتب والمحلل السياسي ادريس الكنبوري، أن احتجاجات الشباب تعكس غضبا من الأحزاب ومن المشهد السياسي برمته.
الحوار والحرية
ومن جهة أخرى فإن الاحتواء لم يعد ممكنا بالقوة، بل بالحوار وبالاعتراف بشرعية النقد كأحد أشكال المواطنة الفاعلة على حد ما يعتقد الأستاذ السعيد صدقي الباحث في السوسيولوجيا الذي تساءل كذلك هل يملك الفاعلون السياسيون، شجاعة مواجهة الأسباب البنيوية: الفساد، والتفاوت الاجتماعي، وهل السياسات التنموية، أم سيواصلون الارتماء في دائرة إنكار الواقع، إلى أن يفرض التاريخ منطقه الخاص، في الوقت الذي يعتبر محمد بنطلحة أستاذ العلوم السياسية أنه للتخفيف عن عنف الاحتجاج، لابد من التوعية وتشجع المشاركة السياسية لتتطور إلى ممارسة النشاط السياسي بانتظام كحق وسلوك مبنى على الحرية والاختيار، حينها يفترض أن تكون لها تأثيرات على القرار الحكومي.
وإذا كان يونس فراشين الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ( ك د ش )، يؤكد بأن احتجاجات جيل Z مبررة وتعكس فشل السياسات العمومية وفقدان الثقة في المؤسسات، فإن محمد سلام شكري الأستاذ الباحث في علم الاجتماع بالمقابل أن التعامل مع هذه الحركات، مسؤولية جماعية تتطلب إنصاتا عميقا للمطالب الشبابية ومقاربة مؤسساتية.
المهنة أولا
أما السوسيولوجي أحمد شراك فيقول بأن توقيت اندلاع احتجاجات " "جيل Z " ، " ليس بريئا .."، وهو ما تقاسمه معه على مستوى آخر عز الدين الفراع الباحث في علم الاجتماع، الذى اعتبر دعوات وجهها بعض الأشخاص للشباب من أجل تأسيس حزب ليست بريئة، في حين أكد محمد أمين المحفوظي على أن" لحظة التوقف واجبة ، لا لننكر ما وقع، بل لنفهمه ونحوله إلى دروس". كما نقلت الأسبوعية عن شاب من جيل زد قوله على أن الدولة مطالبة بالتحرك عاجلا لتجنب الاحتقان قبل الانتخابات والتظاهرات الرياضة.
يشكل المجهود الصحافي المهني الذي بذله طاقم أسبوعية " الوطن الآن "، نبراسا يمكن أن تهتدي به وسائل الاعلام في تعاطيها مع هكذا أحداث وفق مقاربات متنوعة، لكنها متقاطعة، تستقى فيها آراء الفاعلين من تخصصات مختلفة، كمساهمة فعالة تمكن الرأي العام الوطني والدولي من تكوين صورة حقيقية وواضحة عن هذا الاحتجاج الشبابي الذي تشكل قضايا الصحة والتعليم التشغيل ومحاربة الفساد، أبرز المطالب التي حركت الشباب للخروج للشارع للاحتجاج ومدى انعكاساتها على راهن ومستقبل البلاد في العديد من الميادين الحيوية في مقدمتها.