أطلقت الجامعة الوطنية للتخييم مبادرة "نسمع صوتي – حوارات شبابية من أجل الوطن" وهي مبادرة تحمل في طياتها نية صادقة لفتح فضاءات أمام الشباب للتعبير عن تطلعاتهم ومطالبهم. وتندرج هذه الخطوة في سياق الحراك الشبابي ، وضرورة الإصغاء للأجيال الجديدة. كما تؤكد أن الحوار هو المدخل الأسلم لبناء الثقة وتجديد الروابط بين الشباب والمؤسسات. ومع ذلك فإن نجاح المبادرة لا يتوقف على حسن النوايا أو قوة الشعارات، بقدر ما يتطلب توفر الشروط التي تجعل المبادرة أكثر وضوحا وفعالية، وليست استجابة انفعالية لأحداث طارئة.
وأول ما يلفت الانتباه هو غلبة الطابع الخطابي على البلاغ الرسمي للمبادرة، حيث نجد وفرة في الشعارات والقيم الكبرى مقابل قلة في التفاصيل العملية حول المنهجية و المؤطرين أو كيفية تحويل هذه الحوارات إلى سياسات ملموسة. فالشباب كما يعرف الإخوة في الجامعة لا يحتاج إلى فضاء للتعبير وأيضا إلى ضمانات حقيقية ومسؤولة أن صوته سيترجم في خطط قابلة للتنفيذ.
وثاني الملاحظات تتمثل في تركيز المبادرة على الحوار ولكنها لم تربطه بالسؤال الجوهري المتعلق بتأهيل المنظمات التربوية نفسها. ففتح الفضاءات أمر ضروري، ولكن الأهم هو أن تكون الجمعيات والهيئات التي ستحتضن هذه الحوارات مؤهلة ببرامج حديثة وأساليب تربوية تواكب تحولات الجيل الرقمي.
وثالث الملاحظات هي تغييب الشباب أنفسهم عن المشاركة في صياغة وتدبير هذه المبادرة منذ البداية. إذ من غير المنطقي أن يكونوا مجرد طرف مدعو للحوار. فالمشاركة الحقيقية تعني أن يكونوا شركاء في التخطيط والتنظيم والتقييم حتى يشعروا أن الأمر يخصهم ويهمهم فعلا وأن الأمر يتعلق حقيقة بمبادرة جادة وهادفة وليست مجرد نشاط شكلي من انشطة الفيترينا " الواجهة "
ورابع الملاحظات تتعلق بغياب مسألة التقييم والمتابعة باعتبارها نقطة محورية. فبدون آليات واضحة لقياس أثر هذه الحوارات تظل المبادرة مجرد حدث ظرفي لا يترك أثرا ولايحد تغييرا. ومن هنا تبرز الحاجة إلى مؤشرات دقيقة: كم عدد الشباب الذين شاركوا؟ ما طبيعة المقترحات التي خرجت؟ كيف ستتم متابعتها؟
وختاما يمكن القول إن مبادرة "نسمع صوتي" خطوة إيجابية تستحق التنويه ولكنها تحتاج إلى تأطير أوضح يربط بين الحوار والتأهيل، ويضمن الانتقال من مستوى الخطاب إلى مستوى الفعل. وإذا استطاعت الجامعة الوطنية للتخييم أن تجعل من هذه المبادرة مسارا مستداما قائما على وضوح الرؤية والتقييم المستمر، فإنها ستساهم بالفعل في تعزيز الثقة وتجديد الأمل لدى الشباب.