"شهادات وذكريات".. كتاب في الوفاء والمحبة لبن عيسى

"شهادات وذكريات".. كتاب في الوفاء والمحبة لبن عيسى محمد بن عيسى
أصدرت "مؤسسة منتدى أصيلة"، ضمن منشوراتها الجديدة، في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي ال46، في دورته الخريفية، كتابا تحت عنوان "شهادات وذكربات / محمد بن عيسى ... رجل الدولة وأيقونة الثقافة"، مع إشارة على الغلاف، الذي تزينه صورة للراحل، تقول إنه كان من إعداد وتنسيق حاتم البطيوي وعبد الإله التهاني.
 
يتضمن الكتاب شهادات المشاركين في ندوة "محمد بن عيسى.. رجل الدولة وأيقونة الثقافة"، ضمن تقليد دأبت عليه منذ إطلاق "خيمة الإبداع"، ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي.
 
واحتفى هذا اللقاء التكريمي بشخصية فذة في أبعادها الثقافية والديبلوماسية والإنسانية، مستعيدا ما قدمه بن عيسى لمدينته من عطاء وفير، في ساحة العمل الاجتماعي والمدني والإحساني.
 
وجاء الكتاب في طبعة أنيقة، من 399 صفحة، متضمنا 78 شهادة، لشخصيات رفيعة، من عالم الثقافة والسياسة والإعلام والديبلوماسية، ومن الحقل الأكاديمي، اجتمع فيها الصدق والوفاء، والدقة والتلقائية، كما كتب عبد الإله التهاني منسق فعاليات "خيمة الإبداع"، في مقدمته التي تحدثت عن الكتاب الذي تضمن "شهادات وانطباعات وتأملات وسرديات شيقة، عن حياة وأعمال وزير مقتدر، وسفير خبير، ومثقف ألمعي.
 
وأخذت المساهمات عناوين على علاقة بمفاهيم الصداقة والتقدير والوفاء والاحترام التي جمعت أصحابها بالراحل، معددة إسهاماته ومواقفه وما يميز شخصيته وسيرته.
 
وشدد التهاني، في معرض مقدمته، على أن الكتاب سيبقى "علامة من علامات الوفاء والمحبة، لفقيد المغرب والعروبة والإنسانية، محمد بن عيسى، رجل الدولة وأيقونة الثقافة".
 
مواساة ملك
فضلا عن مقدمته، افتتح الكتاب برسالة التعزية المؤثرة التي سبق أن بعث بها الملك محمد السادس إلى أسرة الفقيد بن عيسى، معزيا ومواسيا، ومشيدا بوطنيته وإسهاماته الثقافية، وبإخلاصه وكفاءته العالية، في الاضطلاع بكل المهام الحكومية التي أسندت إليه.
 
 شهادات
من بين المشاركين في الكتاب وزراء وسفراء سابقون وحاليون، إعلاميون وكتاب وفاعلون في مجالات على علاقة بالاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام. ومن الشهادات التي تضمنها الكتاب: "محمد بن عيسى خادم الثقافة بلا كلل" للرئيس السنغالي السابق ماكي صال، و"محمد بن عيسى.. خير العضيد ونعم الرفيق في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية" للأمير بندر بن سلطان، السفير السابق للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، والأمين العام السابق لمجلس الأمن الوطني السعودي، و"العقل المتفتح والذهن الوقاد ... واللسان اللبق" لوزير خارجية مصر السباق والأمين العام لجامعة العربية عمرو موسى، و"الرائد والرؤيوي" لأندريه ازولاي، مستشار الملك محمد السادس، و"محمد بن عيسى.. البصمة التي لا تُمحى في عالم الثقافة العربية" لنبيل يعقوب الحمر، مستشار ملك مملكة البحرين لشؤون الإعلام، و"محمد بن عيسى.. الدبلوماسية والجماليات" لآنا بالاثيو، وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية سابقا، و"برزخ الزمان الطويل" لعبد الرحمن شلقم، وزير خارجية ليبيا السابق، و"قامةٌ وطنية بإشعاع عالمي وجذور محلية" لمحمد نبيل بنعبد الله، الوزير والسفير السابق وأمين عام حزب التقدم والاشتراكية المغربي، و"روح الكبار تأبى الغياب" لوزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، و"الحاجة إلى محمد بن عيسى اليوم أكثر من الأمس" للشيخ تيجان غاديو، رئيس المعهد الإفريقي للإستراتيجيات (السلام – الأمن – الحوكمة) ووزير الشؤون الخارجية في السنغال سابقا، و"محمد بن عيسى… اسمً وفعلً ومجموعة أشخاص في شخص واحد" لعثمان العمير، ناشر موقع "إيلاف" اللندني / رئيس تحرير جريدة "الشرق الأوسط" سابقًا، و"تحية إلى محمد بن عيسى رجل دولة وثقافة"، لفيكتور بورجيس، وزير خارجية الرأس الأخضر سابقا، و"في حضرة الدبلوماسية والثقافة والأناقة" لمحمد احسن ولد لبات، الأستاذ الجامعي، ووزير خارجية موريتانيا سابقاً، و"رجل الدولة ونصير الثقافة" لمحمد الهادي الدايري، وزير خارجية ليبيا سابقا، و"زُبدةٌ الخِصال في سيرةِ سيّدِ الرّجال" للكاتب والروائي المغربي أحمد المديني، و" السهل الممتنع" للكاتب الصحافي اللبناني خير الله خير الله، و"محمد بن عيسى.. والارتقاء إلى مصاف الخالدين" للكاتب الصحافي اللبناني عبد الوهاب بدرخان، و"محمد بن عيسى جسر بين الضفاف" للكاتب والصحافي الموريتاني عبد الله ولد محمدي.
 
بعد إنساني وثقافي وسياسي
كتب حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، تحت عنوان "في حضرة الغياب.. والفكرة التي لا تموت: "ظلّ "السي بن عيسى"، بالنسبة لي ولزملائي وأصدقائي في جمعية المحيط، التي أصبحت لاحقاً مؤسّسة منتدى أصيلة، شخصيّة متعدّدة الأبعاد والمزايا. فهو المثقف، والسياسي، والديبلوماسي، والفنان، والمرشد، والمعلم، والمربّ، والملهم … وقبل كلّ شيء، الإنسان الذي تُدرك منذ اللحظة الأولى، نفحته الإنسانية الفذّة".
 
وأضاف البطيوي أن ما حققه بن عيسى في أصيلة، على امتداد أكثر من أربعة عقود، هو في نهاية المطاف، "إنجاز في خدمة الإنسان"؛ لذا، "ظلّ البعد الإنساني، إلى جانب البعدين الثقافي والسياسي–الديبلوماسي، محوراً أساسياً في مسيرته المتميزة".
 
 
 
وشدد البطيوي على أن الحديث عن بن عيسى "لا يُختزل في كلمات، ولا يُوفى في سطور"، بعد أن "خدم مدينته بإخلاص، وحمل في عقله وقلبه، أفكاراً وأحلاماً كثيرة، أراد أن يُحققها، لكن القدر المحتوم باغته".
وقال البطيوي إن بن عيسى حمى أصيلة، على امتداد عقود طويلة، بدعم ملكي موصول، وكانت لديه أفكار وأحلام أخرى كثيرة، أراد إنجازها، لكن الأجل حال دون تحقيقها؛ غير أن الأمل، يستدرك البطيوي، يبقى وطيدًا في تحقيق تلك الأحلام، فما دامت هناك حياة، هناك أيضًا فسحة أمل، وكثير من الطاقة الإيجابية.
 
وداعا صديقي
تحت عنوان "وداعا صديقي"، كتب ميغيل أنخيل موراتينوس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات ووزير خارجية إسبانيا سابقا، شهادة مؤثرة ضمنها مشاعر الصداقة والتقدير نحو الفقيد، قال في بدايتها: "وداعا صديقي ... هكذا كنت تودعني دائمًا، في كل مرة نلتقي فيها أو أزورك. وها أنا اليوم أودعك مرة أخرى، ولكنه هذه المرة، وداع مؤلم وحزين للغاية. ولحسن الحظ أن صداقتنا الطويلة، التي دامت أكثر من ثلاثة عقود، تملؤني بفيض من الذكريات، واللحظات الحية، والتجارب
 
المشتركة. كل هذه الذكريات ما زالت حاضرة بقوة في حياتي، وستساعدني على تذكرك بالمودة والإعجاب ذاتهما، اللذين كنت أحملهما لك دائمًا".
 
وأضاف موراتينوس: "اليوم، يمكننا أن نقول بلا تردد: إذا كان هناك وزير في تاريخ المغرب، يمكن اعتباره
ناطقًا بالإسبانية ومحبًا لها، فهو أنت. حياتك مليئة بالكثير من الذكريات والروابط مع إسبانيا، بما في ذلك حصولك على فرصة مواصلة دراستك في القاهرة، بفضل تدخل سفير إسباني هناك، ساعدك في الحصول على الوثائق الرسمية اللازمة للسفر والإقامة. هناك العديد من القصص والتجارب واللحظات، التي تقاطعت مع حياتنا المهنية والشخصية. واليوم ليس وقت استذكارها جميعًا، لكن من الضروري تسليط الضوء على
مساهمتك الثمينة في تحسين العلاقات بين إسبانيا والمغرب. لقد نلتَ شرف خدمة مَلِكَين في بلدك. ووصلت إلى هذه المكانة بقرارهما، ولكن أيضًا بفضل عملك السابق، وقدرتك على المخاطرة واقتراح حلول مبتكرة، وولائك الدائم لرؤسائك ولوطنك. لقد عملت على تحديث الدبلوماسية المغربية، ويُعرف اسمك ويُقدَّر في أفريقيا، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا".
 
وقال موراتينوس في آخر رسالته / شهادته: "فتحتَ لي أبواب أفريقيا، بفضل منتدى أصيلة وبفضل خبرتك. تعرفت على عدد كبير من الشخصيات البارزة من أفريقيا جنوب الصحراء. وفي منزلك وجدت المفتاح لحل قضية اختطاف مؤلمة وطويلة، تعرض لها عدد من المتعاونين الإسبان في موريتانيا. كما تعلمت منك الحكمة، والاستفادة من خبرات زملاء من الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. كان منتدى أصيلة بالنسبة لي موعدًا لا يمكن تفويته. وكنت دائمًا أقول علنًا إنه أكثر أهمية وإلهامًا من أي منتدى دولي آخر، بما في ذلك منتدى دافوس. وكان آخر لقاء بيننا في أكتوبر الماضي، في منتداك، وفي مدينتك. وفي منزلك، أجرينا كعادتنا حوارًا عميقًا، محترمًا، ومُثرِيًا، انتهى – كما في كل مرة – في وقت متأخر من الليل، ونحن نتذوق أطباق المطبخ المغربي الشهية، برفقة زوجتك العزيزة ليلى، ومثقفين عرب مغمورين في الغرب، لكنهم لامعون ومتواضعون في تحليلاتهم لوضع عالمنا. وكما كنتَ تقول لي دائمًا، قلت لي مجددًا: "وداعًا، صديقي". لم أكن أعلم أنها ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها. أرقد بسلام. وسنواصل نحن السعي من أجل السلام، مستلهمين إرثك وحكمتك".