محمد سالم عبد الفتاح: العلاقات المغربية الإسبانية ما بين تناقضات الداخل الإسباني وتبعات التاريخ الاستعماري

محمد سالم عبد الفتاح: العلاقات المغربية الإسبانية ما بين تناقضات الداخل الإسباني وتبعات التاريخ الاستعماري محمد سالم عبد الفتاح، باحث مهتم بملف الصحراء والجوار المغاربي
تشكل‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬نموذجا‭ ‬معقدا‭ ‬ومركبا،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬محكومة‭ ‬بالجوار‭ ‬الجغرافي‭ ‬والتداخل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬المشتركة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬مثقلة‭ ‬بتاريخ‭ ‬استعماري‭ ‬ثقيل‭ ‬وذاكرة‭ ‬جماعية‭ ‬لم‭ ‬تندمل‭ ‬جراحها‭ ‬بعد‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬الإسباني،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬التحول‭ ‬المعلن‭ ‬سنة‭ ‬2022‭. ‬قد‭ ‬انخرط‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬دعم‭ ‬المملكة‭ ‬وتأييد‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬كحل‭ ‬واقعي‭ ‬لملف‭ ‬الصحراء،‭ ‬فإن‭ ‬الساحة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تناقضات‭ ‬حادة،‭ ‬حيث‭ ‬تتحرك‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتيارات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والمدنية‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬معارض‭ ‬يناهض‭ ‬مصالح‭ ‬المغرب‭ ‬ويخدم‭ ‬أجندات‭ ‬إقليمية‭ ‬معادية‭ ‬لها‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬المتكررة‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬الجزائر‭ ‬والبوليساريو‭ ‬تجد‭ ‬دائما‭ ‬صدى‭ ‬لها‭ ‬داخل‭ ‬إسبانيا،‭ ‬عبر‭ ‬حملات‭ ‬إعلامية‭ ‬أو‭ ‬مبادرات‭ ‬سياسية‭ ‬موجهة‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬إخفاقات‭ ‬المشروع‭ ‬الانفصالي‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬يستمر‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬التمسك‭ ‬بمطالبه‭ ‬المشروعة‭ ‬باسترجاع‭ ‬مدينتي‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية،‭ ‬وفي‭ ‬المطالبة‭ ‬باعتراف‭ ‬إسباني‭ ‬واضح‭ ‬بالجرائم‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬المغرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬استخدام‭ ‬الغازات‭ ‬السامة‭ ‬ضد‭ ‬سكان‭ ‬الريف‭.‬

علاقات‭ ‬تتأرجح‭ ‬بين‭ ‬منطق‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬الواقع‭ ‬الجيوسياسي،‭ ‬وبين‭ ‬تبعات‭ ‬التاريخ‭ ‬وإكراهات‭ ‬الداخل‭ ‬الإسباني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الثنائية‭ ‬محورا‭ ‬دائما‭ ‬للنقاش‭ ‬والتوتر‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬ومدريد‭.‬
 
تناقض‭ ‬بين‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬الإسباني‭ ‬وأصوات‭ ‬الداخل‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي
 
لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬الإسباني‭ ‬اليوم‭ ‬بات‭ ‬يُصنف‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجسد‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬اعتراف‭ ‬حكومة‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز‭ ‬بمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬كأفق‭ ‬واقعي‭ ‬لحل‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬فإن‭ ‬الساحة‭ ‬الإسبانية‭ ‬الداخلية‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬مفارقة‭ ‬واضحة،‭ ‬حيث‭ ‬تتحرك‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬الحزبية‭ ‬والإعلامية‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬مناقض،‭ ‬عبر‭ ‬خطاب‭ ‬عدائي‭ ‬يستهدف‭ ‬المغرب‭ ‬ويشكك‭ ‬في‭ ‬شرعية‭ ‬مصالحه‭ ‬الوطنية‭.‬

فعدد‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬الإسبانية،‭ ‬فسواء‭ ‬أحزاب‭ ‬اليسار‭ ‬الراديكالي،‭ ‬أو‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف،‭ ‬وحتى‭ ‬بعض‭ ‬التيارات‭ ‬القومية‭ ‬الانفصالية،‭ ‬لم‭ ‬تتحرر‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬رواسب‭ ‬الماضي‭ ‬الاستعماري،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تحاول‭ ‬توظيف‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬كورقة‭ ‬للمزايدة‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية،‭ ‬سواء‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تبرير‭ ‬مواقفها‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬المنحازة‭ ‬للانفصال‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬نجد‭ ‬إعلاما‭ ‬إسبانيا‭ ‬مؤدلجا‭ ‬يفتح‭ ‬أعمدته‭ ‬لحملات‭ ‬متكررة‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬محاولا‭ ‬تصويره‭ ‬كخصم‭ ‬دائم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجسد‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬وتقارير‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬الإسبانية‭ ‬التي‭ ‬تتبنى‭ ‬رواية‭ ‬الأطراف‭ ‬المعادية‭ ‬للمغرب،‭ ‬وتغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬الحقائق‭ ‬الميدانية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬كرستها‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

‮ ‬هذا‭ ‬التناقض‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬البراغماتي‭ ‬والخطاب‭ ‬الحزبي‭ ‬والإعلامي‭ ‬العدائي‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬فقط‭ ‬ازدواجية‭ ‬الموقف‭ ‬الإسباني،‭ ‬بل‭ ‬يكشف‭ ‬أيضا‭ ‬حجم‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تمارسه‭ ‬بعض‭ ‬اللوبيات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالجزائر‭ ‬والبوليساريو‭ ‬داخل‭ ‬الساحة‭ ‬الإسبانية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬يتعامل‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬مدريد‭ ‬الرسمية‭ ‬كشريك‭ ‬استراتيجي،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬فيه‭ ‬حربا‭ ‬دعائية‭ ‬وإعلامية‭ ‬يقودها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬الحزبي‭ ‬والإعلامي‭ ‬الإسباني‭ ‬ضد‭ ‬مصالحه‭ ‬الحيوية‭.‬

توظيف‭ ‬الملفات‭ ‬الإقليمية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمغرب‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الإسباني
 

‮ في‭ ‬كل‭ ‬محطة‭ ‬تعرف‭ ‬فيها‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬أزمات‭ ‬داخلية‭ ‬أو‭ ‬تتعمق‭ ‬فيها‭ ‬عزلة‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬نلاحظ‭ ‬تحركات‭ ‬صاخبة‭ ‬لبعض‭ ‬الفاعلين‭ ‬الإسبان،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الحزبية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬تُوجه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭.‬

سلوك‭ ‬يعكس‭ ‬علاقة‭ ‬وظيفية‭ ‬تربط‭ ‬تلك‭ ‬الأطراف‭ ‬بلوبيات‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالجزائر‭ ‬والميليشيات‭ ‬الانفصالية‭.‬

فعندما‭ ‬تتصاعد‭ ‬الخلافات‭ ‬داخل‭ ‬تندوف،‭ ‬أو‭ ‬تبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬العجز‭ ‬الجزائري‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬اختراق‭ ‬دبلوماسي،‭ ‬يخرج‭ ‬علينا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسباني‭ ‬بحملات‭ ‬منظمة‭ ‬تستهدف‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬الداعم‭ ‬للمغرب،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مصداقية‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬كما‭ ‬تتحرك‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬الإسبانية‭ ‬لافتعال‭ ‬«تقارير‭ ‬حقوقية»‭ ‬أو‭ ‬«مبادرات‭ ‬تضامنية»‭ ‬مع‭ ‬البوليساريو،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬إنعاش‭ ‬مشروع‭ ‬انفصالي‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬احتضار‭ ‬سياسي‭.‬

هذه‭ ‬الحملات‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬لا‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬العام‭ ‬للشعب‭ ‬الإسباني‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬سياسوي‭ ‬وإيديولوجي‭ ‬يراد‭ ‬به‭ ‬التغطية‭ ‬فشل‭ ‬واندحار‭ ‬خصوم‭ ‬المملكة‭.‬

‮ ‬وبالتالي‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬أصبح‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الإعلامية‭ ‬والنفسية‭ ‬التي‭ ‬تدار‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬الإسباني‭.‬

هذا‭ ‬الارتباط‭ ‬العضوي‭ ‬بين‭ ‬الأزمات‭ ‬الجزائرية‭ ‬والانفصالية‭ ‬وبين‭ ‬التحركات‭ ‬العدائية‭ ‬لبعض‭ ‬الأطراف‭ ‬الإسبانية،‭ ‬يبرز‭ ‬أن‭ ‬المعركة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لا‭ ‬تدور‭ ‬داخل‭ ‬مدريد‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬لتقاطعات‭ ‬إقليمية‭ ‬تحاول‭ ‬الجزائر‭ ‬عبرها‭ ‬استغلال‭ ‬الساحة‭ ‬الإسبانية‭ ‬كمنصة‭ ‬إسناد‭ ‬لمعاداة‭ ‬المغرب‭ ‬وتقويض‭ ‬مصالحها‭.‬

ملفات‭ ‬تاريخية‭ ‬وسيادية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا
 
لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬الملفات‭ ‬التاريخية‭ ‬العالقة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬قضية‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬والجزر‭ ‬المحتلة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الجرائم‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬المغرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬استخدام‭ ‬الغازات‭ ‬السامة‭ ‬ضد‭ ‬سكان‭ ‬الريف‭ ‬خلال‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

فالمغرب،‭ ‬وهو‭ ‬منخرط‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬مدريد‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬والاقتصادي‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬لم‭ ‬يتخل‭ ‬قط‭ ‬عن‭ ‬مطالبه‭ ‬المشروعة‭ ‬باسترجاع‭ ‬أراضيه‭ ‬المحتلة‭.‬

هذه‭ ‬المطالب‭ ‬المشروعة‭ ‬للمملكة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬خطاب‭ ‬سياسي‭ ‬ظرفي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬المغربية،‭ ‬ومن‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجماعية‭ ‬للشعب‭ ‬المغربي‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬تبقى‭ ‬جرائم‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسباني‭ ‬في‭ ‬الريف،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬استعمال‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيميائية،‭ ‬جرحا‭ ‬مفتوحا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬المغربي‭ ‬الحديث،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬آثارها‭ ‬الإنسانية‭ ‬والصحية‭ ‬قائمة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬مطالبة‭ ‬المغرب‭ ‬باعتذار‭ ‬رسمي‭ ‬وجبر‭ ‬الضرر‭ ‬ليست‭ ‬عملاً‭ ‬رمزياً‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬شرط‭ ‬لتطبيع‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وترسيخ‭ ‬مصالحة‭ ‬حقيقية‭ ‬تتأسس‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬والإنصاف‭.‬

فالمغرب‭ ‬وهو‮ ‬‭ ‬يتعامل‭ ‬بواقعية‭ ‬وبراغماتية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬شراكته‭ ‬مع‭ ‬مدريد،‭ ‬لا‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬ثوابته‭ ‬السيادية‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬حقوقه‭ ‬التاريخية،‭ ‬فالشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬محو‭ ‬الذاكرة‭ ‬أو‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬السيادة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تعني‭ ‬إدارة‭ ‬العلاقة‭ ‬بمنطق‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬مصالح‭ ‬الطرفين‭ ‬ويؤسس‭ ‬لمستقبل‭ ‬مشترك‭ ‬متوازن‭.‬

يتأكد‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬تتسم‭ ‬بطابع‭ ‬مزدوج،‭ ‬يربط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬طبيعة‭ ‬الشراكة‭ ‬الإستراتيجية،‭ ‬والتحديات‭ ‬المستمرة‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬تناقضات‭ ‬الداخل‭ ‬الإسباني‭ ‬وامتداد‭ ‬الأزمات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الملفات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬التسوية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتهاجه‭ ‬لرؤية‭ ‬براغماتية،‭ ‬يظل‭ ‬المغرب‭ ‬متمسكا‭ ‬بثوابته‭ ‬السيادية‭ ‬وبحقوقه‭ ‬التاريخية‭.‬