إعفاءات بوزارة الصحة بجهة سوس ماسة على خلفية أزمة "مستشفى الموت" بأكادير

إعفاءات بوزارة الصحة بجهة سوس ماسة على خلفية أزمة "مستشفى الموت" بأكادير أمين التهراوي، وزيرالصحة ومشهد من الوقفة الاحتجاجية أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير
شهدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تطورات لافتة خلال الأيام الأخيرة، تمثلت اليوم الثلاثاء 16شتنبر 2025 في إصدار قرارات بإعفاء لمياء شاكيري المديرة الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة سوس ماسة، إلى جانب المندوب الإقليمي للوزارة بمدينة أكادير إداوتنان، بعدما جرى إعفاء مدير المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بأكادير، المعروف إعلاميا بـ"مستشفى الموت"، الذي ظل لسنوات موضوع انتقادات حادة من طرف المواطنين والهيئات المدنية.

ووفق معطيات حصلت عليها "أنفاس بريس" يأتي هذا القرار عقب موجة احتجاجات عرفها محيط المستشفى نهاية الأسبوع الماضي، شارك فيها عشرات من المواطنين وفعاليات جمعوية، رفعوا خلالها شعارات منددة بـ"تردي الخدمات الصحية" و"الاستهتار بأرواح المرضى"، معتبرين أن المستشفى تحول إلى رمز لمعاناة ساكنة الجهة مع الولوج إلى العلاج.

خلفيات القرار
وتؤكد مصادر مطلعة أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تفاعلت بشكل مباشر مع الاحتقان الاجتماعي الذي بلغ مداه بمدينة أكادير، بعدما تكررت شكاوى المواطنين بشأن الاكتظاظ الكبير، ونقص الأطر الطبية وشبه الطبية، وتدني جودة الخدمات، إضافة إلى أعطاب متكررة في التجهيزات الحيوية داخل المستشفى.

كما أن الضغط الإعلامي والحقوقي المتزايد دفع الوزارة إلى تحميل المسؤولية المباشرة لمسؤولي القطاع بالجهة، باعتبارهم الحلقة الأولى في تدبير المنظومة الصحية محليا، خاصة وأن الوضع المتأزم لم يعد يقتصر على ملاحظات عابرة، بل ترجم إلى وقفات احتجاجية، وصفها نشطاء بأنها "صرخة مجتمع يائس من الإصلاحات الموعودة".

أبعاد الإعفاء
ويرى متتبعون أن هذه القرارات تعكس محاولة من الوزارة لامتصاص غضب الشارع المحلي وقطع الطريق أمام اتساع رقعة الاحتجاجات، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات عميقة حول مدى قدرة هذه الإجراءات على معالجة جذور الأزمة البنيوية التي يعيشها القطاع الصحي بالجهة، والمتمثلة أساسا في ضعف البنية التحتية الصحية، قلة الموارد البشرية، وغياب حكامة رشيدة في التدبير.

نحو إصلاح أم إعادة تدوير؟
رغم الترحيب الحذر الذي قوبلت به هذه الإعفاءات، إلا أن أصواتا مدنية تؤكد أن التغيير الحقيقي يقتضي تجاوز منطق "التضحية بالمسؤولين" نحو رؤية إصلاحية شاملة تعيد الاعتبار للمرفق الصحي العمومي، وتستجيب لانتظارات المواطنين الذين يعتبرون الصحة حقا دستوريا لا يمكن التنازل عنه.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستنجح هذه القرارات في إعادة الثقة إلى ساكنة سوس ماسة، أم أنها مجرد إجراء ظرفي سرعان ما سيفقد مفعوله أمام واقع صحي مثقل بالمشاكل؟