أريري: جزيرة باديس.. خمسة قرون لم تَمْحُ جيناتها المغربية

أريري: جزيرة باديس.. خمسة قرون لم تَمْحُ جيناتها المغربية الزميل عبد الرحيم أريري بموقع جزيرة باديس المحتلة
الخط الذي أقف أمامه في الصورة يطلق عليه اصطلاحا: "الحدود الوهمية". أما أنا، فأسميه "خط العبث" أو "خط الاستعباد الاستعماري".
 
الصورة التقطت زوال الجمعة 12 شتنبر 2025 بجزيرة "باديس" التي تحتلها إسبانيا. وهي جزيرة مساحتها هكتارين تقريبا، توجد في شاطئ "باديس"، وهو من الشواطئ البهية الموجود على الطريق الرابطة بين الحسيمة والجبهة، إذ لا تبعد باديس سوى بحوالي 15 كلم عن جماعة أرواضي وتبعد بحوالي 48 كلم عن الحسيمة.
 
ورغم ارتباطها كلية بتراب المغرب، فما زال "صباط" الاستعمار الاسباني جاثما على جزيرة باديس منذ أواسط القرن 16 إلى اليوم. وتم تثبيث خيط فوق الرمال يفصل بين التراب المغربي المحرر وبين الجزيرة المحتلة من طرف اسبانيول. في قمة الجزيرة بنت إسبانيا الاستعمارية مركزا عسكريا مجهزا برادارات. وعلى الضفة اليمنى بنى المغرب مركزا عسكريا تابعا للبحرية الملكية.
 
المغاربة يسمح لهم بالسباحة بجوار الجزيرة أو الطواف حولها في قوارب سياحية بمائة درهم للجولة (مدتها حوالي 30 دقيقة)، لكن يمنع عنهم منعا تاما أن تطأ أقدامهم "تراب الجزيرة" تحت طائلة إطلاق العسكر الإسباني للنار.
 
ليست جزيرة باديس بالوحيدة التي مازالت تحت إبط الاستعمار، فهناك مجموعة من الجزر المغربية توجد منذ 5 قرون تحل الاحتلال الإسباني، وهي:
جزيرة ليلى بشاطئ بليونش( إقليم المضيق): مساحتها 13 هكتار
جزيرة النكور (أو صخرة الحسيمة) التي لا تبعد هي الأخرى سوى بحوالي 300 متر عن الشاطئ: مساحتها 3500 متر مربع
الجزر الجعفرية (أو جزر إشفارن باللغة الأمازيغية): وهي ثلاث جزر تبلغ مساحتها مجتمعة 52 هكتارا، موزعة على: جزيرة عائشة (هي الأكبر: 25 هكتارا)، وجزيرة إيدو، ثم جزيرة أسني. الجزر الجعفرية تقع قبالة شاطئ رأس الما بإقليم الناظور.
 
وإذا جمعنا مساحة هاته الجزر مجتمعة نجد أن الاستعمار الإسباني مازال "يتبورد" على المغرب والمغاربة في 67 هكتارا و3500 متر مربع انتزعها عنوة.
 
أما إذا أضفنا مساحة سبتة المحتلة (1850 هكتارا)، ومساحة مليلية المحتلة(1341 هكتارا)، فإن مجموع التراب الوطني الذي سلبته إسبانيا من المغرب يصل إلى 3258 هكتارا و3500 متر مربع، أي ما يعادل ثلث مساحة مدينة الرباط، ترفض إسبانيا رفضا تاما إرجاعه للمغرب إلى يومنا هذا.
 
مرت قرون على العصر الذي عرف في التاريخ بعصر التوسعات الاستعمارية. ورغم استمرار إسبانيا في احتلال هذه المساحات من التراب المغربي، فإنها لم تستطع أن تمحو، طيلة هذه القرون، انتسابها إلى المغرب لدى جميع أجيال المغاربة منذ القرن 16، وظل على جدول أعمال المطالبة بإنهاء الاستعمار. 
 
ولذلك، سيظل "خط الاستعباد الاستعماري" الذي رسمته إسبانيا الاستعمارية وهميا، ولن يكون مصيره إلا المحو من طرف المغاربة عاجلا أو آجلا.