أعتقد أن الدخول الاجتماعي لهذه السنة هو دخول لأوراش مهمة واستراتيجية بامتياز، خاصة أن المغرب مقبل على تنظيم كأس إفريقيا وكأس العالم، ومن تم فهناك أوراش كبرى، سواء من حيث البنية التحتية، أو صبيب الأنترنيت والجيل الخامس من وسائل الاتصال، إضافة إلى الأوراش المتعلقة بالجانب الاجتماعي، سيما أن معدلات البطالة مرتفعة جدا، خاصة خلال هذه الفترة الانتدابية.
كما أن هناك أوراشا مرتبطة بتأثيرات الإصلاحات الهيكلية التي تم إقرارها فيما يتعلق بالمشاكل المرتبطة بإصلاح صناديق التقاعد والمشاكل التي يعرفها قطاع التعليم، والتأثيرات التي تصاحب تفعيل قانون العقوبات البديلة، وإصلاح قانون المسطرة المدنية والجنائية، والقضايا المرتبطة بارتفاع الأسعار سواء تعلق الأمر باللحوم الحمراء أو البيضاء ومشتقاتها كالبيض مثلا، إلى جانب غلاء مستلزمات المدارس، وارتفاع أسعار المحروقات بما لا يتلاءم مع أسعارها الدولية.
في نظري أن أهم المشاكل الهيكلية التي عرفتها حكومة أخنوش هي وجود تواطؤات كبيرة جدا بين الفاعلين كل في مجال تخصصه، وهناك احتكار في العديد من القطاعات (اللحوم، المحروقات، التأمينات، الخضر، الاتصال، البيض) بما لا يترك هامشا للمناقشة. هذه التواطؤات تتغذى على الاحتكار وارتفاع الأسعار والمس بالعيش اليومي للمواطن، وقد شعرت الجالية المغربية في الخارج بهذا الارتفاع بشكل كبير، حيث تبين أن الأسعار مهولة مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين.
ولابد أن تتدخل الحكومة للعمل على تقنين المنافسة، لأن هذه الأخيرة لا تتطلب تواطؤات واحتكارات، بل حرية الفعل حتى ينعكس ذلك على الأسعار. أما التواطؤات فتجعل المواطن بدون خيار فيما يتعلق بالاستهلاك، حيث تصل السلع إلى المواطن العادي بضعف أسعارها الحقيقية. ومن تم هناك شبكة من الوسطاء تستفيد من فراغ تشريعي يؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو قطاع يجب العمل على تنظيمه وتقنينه.
وهناك أيضا قضايا مرتبطة بالاقتصاد غير المهيكل الذي يشكل أكثر من %30 من الاقتصاد المغربي، لكن الخزينة العامة لا تستفيد منه على مستوى الجبايات والضرائب، ما يضيع على المغرب ملايير الدراهم، وبالتالي يجب تقنينه والحد من توسعه.
ولا يمكن نسيان المشاكل المتعلقة بالعقار، حيث لابد من إعادة النظر في القوانين المنظمة لهذا المجال بما يتلاءم مع البنية الهيكلية للاقتصاد المغربي من حيث الماكرو، خاصة أن العقار يُعوَّل عليه كرافعة للتنمية في العديد من المدن.
كما يجب أن تكون هناك رؤية لاستيعاب أعداد الحاصلين على الشواهد، وهذا راجع إلى تخبط الحكومة في إصلاح التعليم الجامعي، حيث تعمل كل حكومة على وضع قوانين فوقية لا تتلاءم مع واقع التعليم العالي، مما ينعكس على جودة هذا التعليم وخريجيه.
إن الدخول السياسي هو دخول اجتماعي بامتياز بمشاريع مهمة وهيكلية، لابد أن تراعي الرؤية الملكية المرتبطة بسرعة التنفيذ، دون أن ننسى العالم القروي الذي يعاني الهشاشة ويجب فك العزلة عنه، خاصة ما يرتبط بالطرق والعرض الصحي والرؤية التنموية المندمجة. وهي مشاريع لابد من إعطائها العناية الكاملة، لأن آثارها ستكون محددة لطبيعة التحالفات السياسية المقبلة.
محمد نشطاوي، أستاذ جامعي