ومن الناحية المبدئية كان يفترض قبل مباشرة اجراءات ومسطرة الحجز أن تعمد الجهات المختصة بإطلاق حملة تحسيسية عن طريق وسائل الإعلام العمومية الرسمية تحذر فيها المواطنين/ المستهلكين من اقتناء دراجات نارية بمحرك لا تحترم المواصفات الفنية والتقنية المسموح بها وعدم تغيير خصائصها التقنية والميكانيكية، بل كان من الأولى مصادرة هذه الدراجات النارية التي لا تحترم المواصفات القانونية قبل دخولها أي على مستوى الجمارك، وحتى في حالة دخولها كان الأصح هو مصادرتها من داخل المحلات ومن عند الشركات المختصة في تسويقها، لأنه من غير المنطقي - يضيف - أن تقوم الجهات الحكومية بشن حملة واسعة لمصادرة هذه الدراجات على مستوى آخر سلسلة من سلاسل التسويق أي عند المستهلكين ودون أن تسبق ذلك حملة تحسيسية واسعة تحذر المستهلكين من اقتناءها ومحاولة تغيير خصائصها التقنية والميكانيكية.
كما دعا محاورنا الى منح الأشخاص المعنيين أجل معقول لإعادة الحالة التقنية والميكانيكية في حالة تغييرها إلى وضعها الطبيعي والأول، وبعد انتهاء هذا الأجل يمكن إضافة أجل ثاني وبشكل تدريجي، لأن مصادرة وحجز هذه الدراجات النارية بشكل فجائي قد يضر بمصالح فئة كبيرة من المواطنين، خاصة الذين يستخدمونها كآلية للتنقل لمقرات عملهم، بشكل يومي وفي وقت متأخر من الليل ( فئة عريضة من أصحاب الدخل المحدود أو الضعيف تعتمد في تنقلاتها الليلية واليومية على الدراجات النارية) ، بل حتى شركات التوصيل أصبحت تعتمد في عملها على هذا النوع من الدراجات النارية. وبالتالي، فحجز الدراجات النارية بهذه الطريقة السريعة - يضيف السرار - قد تكون له تداعيات سلبية على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لفئات عريضة من الأجراء الذين يعتمدونها كآلية للتنقل بين مقرات عملهم ومقرات سكناهم.
أما بخصوص الوثيقة الصادرة عن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية -التابعة لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك- فأشار السرار أنه أقل ما يمكن القول عنها أنها "تفتقد للهوية القانونية" من حيث توصيفها، إن كانت منشورا، أو مراسلة أو دورية أو قرار ... فضلا عن خلوها من البناءات القانونية التي تكسبها الشرعية والمشروعية على غرار عناصر المشروعية الخارجية والداخلية المتطلبة في القرار الإداري، وهو ما يطرح بعض الملاحظات خاصة مدى ملاءمتها/انسجامها مع مقتضيات النصوص القانونية التالية:
1- القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطريق بشأن المركبات، خاصة الباب الثالث منه المتعلق بالمراقبة التقنية سيما المواد 66 و67 و68 وما يليهما من مواد، وبشكل أخص المادة 272 منه والتي أسندت مأمورية المراقبة التقنية للمركبات لعون فاحص مرخص له من لدن الإدارة، أخذا بعين الاعتبار مدلول ومفهوم المركبة الوارد في المادة 44 من ذات المدونة التي عرفت المركبة: بكونها كل وسيلة نقل لها عجلتان على الأقل تسير على الطريق العمومية بواسطة قوتها الآلية الذاتية أو بواسطة قوة خارجية، وهذا التعريف العام يضم حتى الدراجات النارية بمحرك. وبالتالي، فهذه الوثيقة فيها مخالفة صريحة للمقتضيات الخاصة بالمراقبة التقنية والميكانيكية للمركبات، وأيضاً لأجهزة قياس السرعة المنصوص عليها بشكل حصري في مختلف مقتضيات مدونة السير وهي المعمول بها من قبل أجهزة مراقبة السرعة أثناء سير المركبات سواء على الطرق الوطنية أو على الطريق السيار.
2ـ المرسوم رقم 2.10.421 الصادر في 29 سبتمبر 2010، بتطبيق أحكام القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطريق بشأن المركبات، خاصة المادة 113 منه التي أسندت صلاحية المراقبة التقنية للمركبات لعون فاحص مرخص له من لدن الإدارة، وفي مكان خاص بذلك كما هو ساري به العمل خاصة على مستوى (مراكز الفحص التقني للسيارات والمركبات).
وعليه فهذا البلاغ أو الإعلان أو المنشور أو الدورية أو القرار ...، الذي لا يحمل أي توصيف قانوني ويصعب توصيفه من الناحية القانونية والإدارية، كنا لا يمكن أن يشكل بأي حال من الأحوال سندا قانونيا أو إداريا لمراقبة الحالة التقنية أو الميكانيكية للدراجات النارية بمحرك، لأنه يفتقد للهوية القانونية وصبغة الإلزام التي تقتضي من الناحية القانونية أن يصدر عن البرلمان باعتباره صاحب الاختصاص الحصري للتشريع في مجال الجمارك والنقل بموجب الفصل 71، وحتى في حالة إستحالة أو تعذر تطبيق المقتضيات الخاصة بالسيارات على الدراجات النارية بمحرك، فإن ذلك يقتضي تعديل بعض مقتضيات أو مواد مدونة السير على الطرق وادراج مقتضيات أو مواد خاصة بالدراجات النارية بمحرك، ثم بعد ذلك يأتي مرسوم تطبيقي تصدره وتوقعه السلطات الحكومية المعنية بالسهر على تطبيق مقتضيات مدونة السير على الطريق.
وختم تصريحه في الأخير بالقول إن اللجوء إلى القضاء الإداري سيحسم في هذا الأمر، أي مدى ملاءمة هذه الوثيقة لمقتضيات مدونة السير ، وكذا مرسومها التطبيقي، كما لم يستبعد توجه القاضي الإداري لحماية حقوق أصحاب الدراجات النارية بمحرك من أي"تعسف أو قيود" خارج ما يفرضه البرلمان بموجب الفصل 71 من الدستور، خاصة نظامي الجمارك والنقل التي تدخل في مجال القانون.