غير أنّ هذا الحلم الجماعي سرعان ما يتصدع حين تصفعنا الأخبار الصادمة: محاولة هتك عرض طفل بريء داخل مخيم رأس الما بإفران على يد من كان يفترض أن يكون مربياً وحامياً. سلوك شاذ ومنحرف لا يمكن أن يُقرأ كوجه للحقيقة الكاملة، لكنه بلا شك خيانة فردية لجوهر الرسالة التربوية. وهو جرس إنذار يستدعي من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ومعها الجمعيات والهيئات المشرفة، أن تُعيد النظر في معاييرها، وأن تتحلى بأقصى درجات الصرامة في منح شرف التأطير التربوي، لأن الطفل ليس حقل تجارب، ولا مساحة مفتوحة للفوضى الأخلاقية.
ولم تمض سوى يومين حتى جاء الخبر الأشد قسوة: إطار تربوي يتعرض للضرب المفضي إلى الموت قرب مخيم الحوزية، لحظة مغادرته في اتجاه مدينة آسا. جريمة وحشية تكشف عن وجه آخر للانحدار، عن حضور العنف والبلطجة في فضاءات يُفترض أن تكون ملاذاً للأمان والاحترام. كيف لمكان فُتح للمتعة واللعب أن يتحول إلى ساحة جريمة، يزرع الخوف في نفوس الأطفال والمؤطرين على حد سواء؟
هذان المشهدان القاتمان، وإن كانا لا يمثلان الجوهر النقي للمخيمات، إلا أنهما يضعان علامات استفهام مريرة: كيف نحمي الطفولة من كل انحراف محتمل؟ كيف نصون الإطار التربوي من أن يكون ضحية أو جلاداً؟ وما جدوى أي مشروع تربوي إذا فقدت المخيمات براءتها الأولى؟
إنّ المخيمات يجب أن تظل فضاءات للتربية والتميز والبناء، لا بؤراً للعنف والخوف والهدم. وهذه مسؤولية جماعية تبدأ من يقظة الدولة، مروراً بصرامة الجمعيات، وصولاً إلى وعي المجتمع بأسره.
فالمخيم ليس مجرد أسبوع من اللعب والنوم الجماعي، بل هو صورة مكثفة عن الغد. وحين نعجز عن حماية الغد في براءته الصغيرة، فلن يكون المستقبل سوى مرآة مشوهة لانكسارات الحاضر.