في شهر مارس من سنة 2012، اشتريت سيارة وكان أول سفر لي بها خارج مدينة المحمدية في اتجاه مدينة مكناس. فقد تلقى أحمد فرس بصفته الشخصية وأيضا بصفته رئيسا لجمعية "مدينتنا" دعوة من الأستاذ محمد بلماحي رئيس المكتب المديري للنادي المكناسي، وذلك بمناسبة عقد جمعه العام العادي.
الأستاذ بلماحي الذي كان يشغل ومازال منصب رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات الهوائية أصر على دعوة فرس لتشريف الجمع العام بحضور أسطورة رياضية وإعطاء قيمة للجمع، علما أن الأستاذ يدرك جيدا هذه الإشارات.
كالعادة، كان لابد لنا من مجهود لإقناع الحاج فرس للخروج من بيته الكبير؛ مدينة المحمدية لأنه كان لابد من قضاء ليلة واحدة على الأقل بمدينة مكناس.
سيلبي مول الكرة الدعوة، وسيرافقنا في الرحلة كل من المرحوم حسن عسيلة، عزيز بلبودالي الصحافي الكاتب العام لجمعية "مدينتنا"، ومنير بلمير أمين المال لنفس الجمعية وعميد فريق شباب المحمدية في تسعينيات القرن الماضي.
كان الاستقبال بالعاصمة الاسماعيلية حارا وصادقا من جميع مكونات وفروع النادي المكناسي. تم الترحيب بنا وخاصة برئيس جمعيتنا فرس وشقيقه عسيلة بحرارة.
بعد نهاية الجمع العام، سنتوجه رفقة أحد ممثلي المكتب المديري للنادي إلى الفندق الذي سنقضي فيه الليلة.
تناولنا وجبة العشاء، ومباشرة بعدها سيعصد أحمد فرس إلى غرفته لينام كالعادة مبكرا، وقبل ذلك، لابد أن يخرج نظارته الطبية ويقرأ ما تيسر له من القرآن الكريم قبل الخلود إلى النوم. فهذه عادة شبه يومية سواء كان في بيته أو مسافرا.
أما نحن الثلاثة، فقد رافقنا الراحل حسن عسيلة إلى ملهى ليلي محترم لقضاء أمسية ساهرة بدعوة من محمد بلماحي. كانت هناك طاولة محجوزة باسم حسن عسيلة.
قضينا وقتا جميلا رفقة صاحب اليسرى الساحرة، رجل النكثة والحكايات المثيرة للضحك..فعلا كانت متعة حقيقية رفقة لاعب قمة في التواضع، عسيلة مثله مثل أخيه الأكبر فرس رحمهما الله.
ورغم أننا غادرنا الملهى في وقت متأخر، فقد كنا نحن الخمسة جاهزين لتناول وجبة الفطور بمطعم الفندق في الساعة السابعة تماما. كان الموعد مع الحاج فرس وعلينا احترامه والالتزام بالتوقيت.
كعادة أيضا، الحاج فرس عندما يغادر مدينة المحمدية ويقضي ليلة خارجها، فإنه ظل يلح منذ إنهاء وجبة الفطور، أن علينا بالعودة في أسرع وقت إلى فضالة.
في طريق العودة، وعند مدخل مدينة الرباط كان هناك حاجز أمني معروف، كنت أعرفه بحكم تنقلاتي. ومع ذلك أشار علي الشرطي بالتوقف، وتقديم وثائق السيارة. فوجئت لما سمعته يتكلم معي عن غرامة 300 درهم بسبب السرعة، رغم أنني كنت شديد الانتباه لذلك.
نزلت من السيارة فتبعني الحاج فرس عندما علم بضرورة أداء مبلغ المخالفة. عندما رآه رجال الشرطة وكانوا حوالي أربعة أفراد جاءوا للسلام عليه. ظل رئيسهم يقسم بأغلظ الإيمان وهو يحمل في يده صورة التقطتها كاميرا المراقبة، فيها رقم سيارتي والسرعة المسجل(67 كلم). ظل رئيسهم يقول بأن وزراء وجنرالات أدوا مبلغ المخالفة لأن كل شيء يسجل وينقل في آنه إلى المقر المركزي عبر النظام المعلوماتي الموحد.
ونحن نتحدث مع رجال الامن أصر منير بلمير أمين مال جمعية مدينتنا على أداء الغرامة..
المثير أنه كلما اقتربنا من مدينة كانت ضحكات أحمد فرس ترتفع مثل طفل صغير يعود إلى بيتهم بعد غيبة وفراق..سبحان الله إحساس لايوصف وعلاقة غريبة كانت بين أحمد فرس والمحمدية التي ولد وعاش فيها حياته كلها وفي الأخير دفن بها، بعد أن كان أحد معالمها الثلاثة: شواطىء المحمدية، شركة سامير قبل إغلاقها وأحمد فرس..