" مؤسسة زنمو للرعاية الصحية والاجتماعية" بأمستردام.. تجربة مغربية تتألق في قلب هولندا

" مؤسسة زنمو للرعاية الصحية والاجتماعية" بأمستردام.. تجربة مغربية تتألق في قلب هولندا نجوى بن موسى تتوسط الشواهد التي حصلت عليها المؤسسة
في غرب أمستردام، تقف مؤسسة زنمو للرعاية الصحية والاجتماعية Zenmo شاهدة على تجربة فريدة استطاعت أن تفرض مكانتها على الساحة الهولندية. تجربة ولدت من فكرة طموحة حملتها نجوى بن موسى، ذات الأصول المغربية والناشطة في المجتمع المدني، والتي كرست اهتمامها للقضايا الاجتماعية والرعاية الصحية.
 
في نهاية العقد الماضي، وتحديداً سنة 2018، بدأت المغامرة حين قررت بن موسى إنشاء هذا المركز. تحديات البدايات لم تضعف عزيمتها، بل زادت من إصرارها على النجاح. واليوم أصبح للمركز حضور قوي، ليس فقط في غرب أمستردام حيث يوجد المقر الرئيسي، بل أيضا من خلال فروعه في روتردام وأوتريخت، مع خطط للتوسع إلى مدن هولندية أخرى.
 
يضع المركز نصب عينيه مهمة نبيلة: تقديم خدمات صحية واجتماعية للمسنين وللأشخاص في وضعية هشة، ويضم فريقا متعدد التخصصات من أطباء وممرضين وأخصائيين نفسيين وأطباء نفسيين ومعالجي أنظمة (Systemtherapeuten) وأخصائيي العمل الاجتماعي، موزعين بين فرق متنقلة تصل إلى منازل المرضى عبر سيارات خاصة، وفرق أخرى تستقبل المرضى داخل المركز للعلاج النفسي والطبي النفسي أو للفحوصات الطبية. ويقدّم الفريق خدماته بثلاث عشرة لغة مختلفة. كما يعمل “زنمو” بالتعاون مع المستشفيات وأطباء الأسرة، الذين يحيلون المرضى إلى المركز لتلقي الرعاية اللاحقة.

ما يميز هذه التجربة أن خدماتها مدعومة من نظام التأمين الصحي الهولندي، الذي يلزم المواطنين بالتأمين، مما يضمن استدامة التمويل وجودة الرعاية.
 
تشغل المؤسسة حوالي 80 موظفا من جنسيات متعددة: هولندا، بلجيكا، إيران، تركيا، العراق، سوريا، أفغانستان، مصر، البرازيل، سورينام… يجمعهم هدف واحد وهو تقديم خدمة إنسانية راقية. يقود هذا الفريق الطموح السيدة نجوى بن موسى، التي تعمل جنبا إلى جنب مع أطر مغربية شابة وكفؤة. ومن الجدير بالذكر أن لها باعا طويلا في العمل الجمعوي، إذ تترأس مركز الصحة والتعليم والتماسك الاجتماعي، وهي من المؤسسين والمسؤولين في حركة “مغرب الغد”.
 
إن نجاح هذا المشروع ليس مجرد قصة نجاح لمهاجرين في أوروبا، بل هو نموذج حي يمكن استلهام عناصره وتكييفها لتلبية احتياجات المغرب. فهو يقدم دروسا عملية في كيفية تحويل المبادرات الفردية والجماعية إلى مؤسسات قائمة الذات، قادرة على ضمان الاستمرارية وإحداث أثر إيجابي.

وتتجلى أهمية هذا النموذج أكثر في السياق المغربي، خاصة بعد إقرار دستور فاتح يوليوز 2011، الذي كرس الحق في الصحة والرعاية للأشخاص في وضعية هشّة كحق دستوري ملزم، ومع انخراط المغرب في مشروع “الدولة الاجتماعية” كخيار استراتيجي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
 
تثبت تجربة مركز الرعاية الصحية والاجتماعية Zenmo بأمستردام، أن النجاح في هذا المجال لا يعتمد أساسا على الإمكانيات المادية الكبيرة، بقدر ما يرتبط بالرؤية الواضحة، وحسن التدبير، والقدرة على تعبئة الكفاءات، وهي كلها مقومات يمكن للمغرب الاستفادة منها لتطوير خدماته الصحية والاجتماعية وتعزيز حماية الفئات الهشة.
 
وهكذا، تحول مركز الرعاية الصحية والاجتماعية في مدينة أمستردام إلى رمز للتفاني والعمل الإبداعي، وجسرا يربط بين قيم التضامن الاجتماعي وثقافة النجاح المؤسسي، ليبقى نموذجا يحتذى به في هولندا.