تتجلى أهمية السياسة الوطنية للشباب في قدرتها على تحويل الشباب من عبء إلى رافعة تنموية، شريطة أن تكون واقعية ومتكاملة، تأخذ بعين الاعتبار تعزيز “المواطنة الكاملة” وتجعل مشاركتهم ركيزة أساسية للتقدم السياسي والاجتماعي. فتعاقب الأجيال ونقل القيم والمعارف بينها يعزز هذا الهدف، لكن ذلك يتطلب إطارًا قانونيًا واضحًا لضمان فعالية هذه السياسة.
منذ عام 2008، يسعى قطاع الشباب إلى تبني سياسة وطنية مندمجة من خلال دراسات وحوارات ومنتديات، شاركت فيها منظمات وجمعيات المجتمع المدني بمبادرات عديدة سامت في صياغة رؤى وتوصيات لتعزيز مشاركة الشباب في مسار التنمية المستدامة، لكن الجهود غالبًا ما اقتصرت على خطابات ترويجية للوزراء المتعاقبين، دون التركيز على سنّ تشريعات تحدد بدقة:
الدستور المغربي انتبه الى وطنية سياسة الشباب وافرد لها مجلسا نص في فصله 33 على إحداث مجلس وطني للشباب والعمل الجمعوي، بهدف تعزيز مشاركة الشباب في وضع سياسة وطنية مندمجة للشباب، ودعم مبادرات المجتمع المدني. لكن هذا المجلس لم يرَ النور بشكل كامل، مما يعيق تفعيل دوره في تنسيق السياسات وإشراك الشباب
المرسوم المتعلق باختصاصات وزارة الشباب والثقافة والتواصل (2.13.254 الصادر في 21 مايو 2013) يكشف تناقضًا واضحًا: الوزارة تدّعي تبني سياسة وطنية للشباب، بينما اختصاصاتها تقتصر على سياسة قطاعية لا تتمتع بالصلاحيات اللازمة لقيادة سياسة وطنية شاملة. هذا النقص في الإطار القانوني يُضعف شرعية السياسة ويحد من فعاليتها، حيث تفتقر إلى مراسيم تنفيذية واضحة أو آليات رقابية.
إن وصف سياسة ما بـ” الوطنية” يتطلب توافقها مع الدستور والقوانين، لا مجرد خطابات إعلامية. فغياب إطار تشريعي ملزم يجعل من هذه السياسات ألية جامدة، خالية من المضمون التنموي. لذا، يجب ربط السياسة الوطنية للشباب بتشريعات واضحة تضمن الشفافية والمساءلة، مع توفير الإرادة السياسية، الموارد، والآليات المؤسسية.
فالاعتماد على اختصاصات قطاعية محدودة يجعل وزارة الشباب مجرد فاعل ضمن آخرين، وليس قائدًا للسياسة الوطنية. هذا يستدعي تعديل النصوص القانونية لتوضيح الأدوار وتعزيز التنسيق، مع إشراك الشباب وضمان تقييم مستمر لتحقيق استدامة السياسة وتعظيم أثرها الإيجابي.