10 تدابير لبعث «الكوركاس» من رماده

10 تدابير لبعث «الكوركاس» من رماده خليهن ولد الرشيد
إذا‭ ‬استحضرنا‭ ‬لحظة‭ ‬تأسيس‭ ‬الكوركاس‭ ‬(المجلس‭ ‬الملكي‭ ‬الاستشاري‭ ‬للشؤون‭ ‬الصحراوي)،‭ ‬يقتضي‭ ‬الأمر‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نربطها‭ ‬بوضع‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬صيغته‭ ‬الأولى،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬31‭ ‬للمسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬(6‭ ‬نونبر‭ ‬2006): «..‭ ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬قامت‭ ‬مبادرتنا‭ ‬في‭ ‬تخويل‭ ‬أقاليمنا‭ ‬الجنوبية‭ ‬حكما‭ ‬ذاتيا‭ ‬موسعا،‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬سيادة‭ ‬المملكة،‭ ‬ووحدتها‭ ‬الوطنية‭ ‬والترابية،‭ ‬وقد‭ ‬قطعنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬خطوات‭ ‬متقدمة‭ ‬ضمن‭ ‬مسار‭ ‬تشاوري،‭ ‬وطني‭ ‬ومحلي»‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬تأسيس‭ ‬الكوركاس‭ ‬خطوة‭ ‬مفصلية‭ ‬حاسمة‭ ‬تنهض‭ ‬على‭ ‬إرساء‭ ‬تمثيل‭ ‬صحراوي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تميز‭ ‬آنذاك‭ ‬بضرورة‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬جدي‭ ‬وواقعي‭ ‬وموثوق‭ ‬لنزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬وبضرورة‭ ‬إعداد‭ ‬نخبة‭ ‬سياسية‭ ‬محلية‭ ‬لدعم‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭ ‬الذي‭ ‬يحظى،‭ ‬الآن‭ ‬وبعد‭ ‬حوالي‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬طرحه،‭ ‬بدعم‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬والفاعلين‭ ‬الكبار‭ ‬فيه‭ ‬(واشنطن،‭ ‬مدريد،‭ ‬باريس،‭ ‬برلين،‭ ‬لندن‭.. ‬إلخ)،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬القنصليات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬افتتاحها‭ ‬في‭ ‬العيون‭ ‬والداخلة،‭ ‬وانهيار‭ ‬خطاب‭ ‬الانفصال‭ ‬وتورط‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ميليشيات‭ ‬إرهابية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬مراجعة‭ ‬جذرية‭ ‬لوضعية‭ ‬المجلس‭ ‬الملكي‭ ‬الاستشاري‭ ‬وأدواره،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬أبرز‭ ‬وظائفه‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬والتشاور،‭ ‬تقديم‭ ‬المشورة‭ ‬للملك‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالصحراء،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تمثيل‭ ‬الصحراويين‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬السكان‭ ‬المحليين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬التسويق‭ ‬السياسي‭ ‬لمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬والوساطة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬الصحراوي،‭ ‬وتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الحساسة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المجلس‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الجمود‭ ‬المؤسسي‭ ‬والوظيفي،‭ ‬حد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يطرأ‭ ‬عليه‭ ‬أي‭ ‬تعديل‭ ‬يُذكر‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تركيبته‭ ‬أو‭ ‬آليات‭ ‬اشتغاله‭. ‬بل‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬تركيبته‭ ‬التي‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬141‭ ‬عضواً‭ ‬تجديداً‭ ‬فعلياً‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2010،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬شرعيته‭ ‬التمثيلية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحولات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭.‬

من‭ ‬الناحية‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬شهد‭ ‬الكوركاس‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬بين‭ ‬2007‭ ‬و2012 نشاطاً‭ ‬ملحوظاً،‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬جولات‭ ‬ومراسلات‭ ‬شفهية‭ ‬نحو‭ ‬عواصم‭ ‬أوروبية‭ ‬وأمريكية‭ ‬لاتينية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حضوره‭ ‬الدوري‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بجنيف،‭ ‬كما‭ ‬استقبل‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الوفود‭ ‬البرلمانية‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وأوروبا‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬بدأ‭ ‬يخبو‭ ‬تدريجياً‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬2013،‭ ‬حيث‭ ‬تراجع‭ ‬حضوره‭ ‬بشكل‭ ‬لافت،‭ ‬وانتقلت‭ ‬أدوار‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الموازية‭ ‬عملياً‭ ‬إلى‭ ‬المنتخبين‭ ‬والمجالس‭ ‬الجهوية،‭ ‬بينما‭ ‬سجل‭ ‬المجلس‭ ‬غياباً‭ ‬شبه‭ ‬تام‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬إصدار‭ ‬البيانات‭ ‬والتقارير‭ ‬التفسيرية‭ ‬بلغات‭ ‬متعددة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أضعف‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬الرادار‭ ‬الدولي،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحولات‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تقتضي‭ ‬الاستعانة‭ ‬بكفاءات‭ ‬جديدة،‭ ‬ذات‭ ‬امتداد‭ ‬دولي‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬الترافع‭ ‬بلغات‭ ‬الإقناع‭ ‬الحقوقي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭.‬

ولا‭ ‬غرابة‭ ‬أن‭ ‬مهتمين‭ ‬بالشأن‭ ‬الصحراوي‭ ‬يسجلون‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مفارقة‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬رافق‭ ‬إعلان‭ ‬تأسيس‭ ‬الكوركاس،‭ ‬والظهير‭ ‬المؤسس‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬لاحقاً،‭ ‬إذ‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬الإفراغ‭ ‬التدريجي‭ ‬للمحتوى،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تركيز‭ ‬الصلاحيات‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الرئيس،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬تحييد‭ ‬الطابع‭ ‬التشاركي‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يميز‭ ‬هيئة‭ ‬استشارية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭. ‬وقد‭ ‬أدّى‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬غياب‭ ‬آليات‭ ‬داخلية‭ ‬للنقاش‭ ‬والتداول،‭ ‬وتضييق‭ ‬مساحة‭ ‬المبادرة‭ ‬لدى‭ ‬الأعضاء،‭ ‬مما‭ ‬أضعف‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الكوركاس‭ ‬على‭ ‬الفعل،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬غيابه‭ ‬شبه‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬معركة‭ ‬الترافع‭ ‬الدولي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬فسح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬قنوات‭ ‬أخرى‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬تقييم‭ ‬وظائف‭ ‬المجلس‭ ‬الملكي‭ ‬الاستشاري‭ ‬للشؤون‭ ‬الصحراوي‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬خلق‭ ‬إطار‭ ‬تمثيلي‭ ‬يعكس‭ ‬التعدد‭ ‬الصحراوي‭ ‬في‭ ‬صيغته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية،‭ ‬ويعمل‭ ‬كآلية‭ ‬استشارية‭ ‬لصيقة‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬ويستجيب‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬ويعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إرساء‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬تدبير‭ ‬النزاع،‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬المؤسساتية‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬تعزيز‭ ‬وجودها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأطير‭ ‬المقترح‭ ‬وتفعيله‭. ‬ولن‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بفتح‭ ‬قنوات‭ ‬حوار‭ ‬داخلي‭ ‬وخارجي‭ ‬للتأسيس‭ ‬إلى‭ ‬خطاب‭ ‬رصين‭ ‬ومتماسك‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يضطلع‭ ‬به‭ ‬المغرب‭ ‬ليظل‭ ‬متحكما‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يدعمه‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬تمتيع‭ ‬المجلس‭ ‬الاستشاري‭ ‬بتركيبة‭ ‬جديدة‭ ‬شابة‭ ‬ومسؤوليات‭ ‬موسعة،‭ ‬يكون‭ ‬قابلا‭ ‬لانخراط‭ ‬كافة‭ ‬الفاعلين‭ ‬المحليين‭ ‬في‭ ‬أقاليمنا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الفاعلون‭ ‬الجمعويون‭ ‬والإعلاميون،‭ ‬ومكلفا‭ ‬برفع‭ ‬التصور‭ ‬الشامل‭ ‬بخصوص‭ ‬مشروع‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭.  ‬

غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية،‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬مقلقة،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬وفاة‭ ‬المجلس‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬إلغائه،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬الدفع‭ ‬القوي‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إعادة‭ ‬تأسيسه‭ ‬وفق‭ ‬منظور‭ ‬جديد‭ ‬يراعي‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء،‭ ‬داخلياً‭ ‬وخارجياً،‭ ‬ويمنحه‭ ‬الأدوات‭ ‬والآليات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬منه‭ ‬فاعلاً‭ ‬استراتيجياً‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬بلورة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭. ‬المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬مقاربة‭ ‬إصلاحية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الظهير‭ ‬المؤسس،‭ ‬وتوسيع‭ ‬صلاحيات‭ ‬المجلس،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬داخل‭ ‬بنيته‭ ‬التنظيمية،‭ ‬مع‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬نخب‭ ‬جديدة‭ ‬تحمل‭ ‬الهم‭ ‬الجهوي‭ ‬وتتمتع‭ ‬بالمروءة‭ ‬وبالكفاءة‭ ‬العلمية‭ ‬والخبرة‭ ‬السياسية،‭ ‬بدل‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالتمثيل‭ ‬القبلي‭ ‬أو‭ ‬الاعتبارات‭ ‬العائلية‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬محدوديتها‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬إشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وتوسيع‭ ‬دائرة‭ ‬التشاور‭ ‬العمومي،‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬البحث،‭ ‬وتأسيس‭ ‬وحدة‭ ‬تفكير‭ ‬استراتيجية‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬تنتج‭ ‬تقارير‭ ‬وتحليلات‭ ‬موجهة‭ ‬بلغات‭ ‬متعددة‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي،‭ ‬بات‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬السرديات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬جزءاً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬النزاع‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬العزلة‭ ‬الإعلامية،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬منصة‭ ‬تواصلية‭ ‬رقمية‭ ‬حديثة‭ ‬متعددة‭ ‬اللغات،‭ ‬تنقل‭ ‬صورة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وتقدم‭ ‬معطيات‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية،‭ ‬وتواجه‭ ‬الخطاب‭ ‬الانفصالي‭ ‬بأسلوب‭ ‬علمي‭ ‬ومقنع‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬تتجلى‭ ‬أهم‭ ‬المراجعات‭ ‬أو‭ ‬الإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬لها‭ ‬الكوركاس،‭ ‬في‭ ‬مايلي:
أولا‭ :‬‭‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬المجلس،‭ ‬وتوسيع‭ ‬تمثيليته‭ ‬لتشمل‭ ‬وجوهاً‭ ‬شابة‭ ‬ونسائية‭ ‬وكفاءات‭ ‬علمية‭ ‬وميدانية،‭ ‬ودمجه‭ ‬ضمن‭ ‬آلية‭ ‬جهوية‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬الجهوية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬بل‭ ‬سدّ‭ ‬فجوة‭ ‬«التمثيل‭ ‬الصحراوي»‭ ‬للجم‭ ‬ادعاءات‭ ‬الخصوم‭ ‬الذين‭ ‬يروجون‭ ‬خطاب‭ ‬«عدم‭ ‬إشراك‭ ‬الصحراويين»‭. ‬

ثانيا‭:‬ تفعيل‭ ‬المجلس‭ ‬كمنصة‭ ‬ترافع‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬تعمل‭ ‬ميدانياً‭ ‬في‭ ‬الفضاءات‭ ‬الدولية‭ ‬(الجامعات،‭ ‬الإعلام،‭ ‬مراكز‭ ‬الفكر،‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني)،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سيعزز‭ ‬تموقعه‭ ‬في‭ ‬خريطة‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬الموازية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬إرسال‭ ‬وفود‭ ‬تمثل‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اعترفت‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬مترددة،‭ ‬لإجراء‭ ‬حوارات‭ ‬عمومية‭ ‬ومع‭ ‬النخب،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬الجاليات‭ ‬المغربية‭ ‬بالخارج،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المعلوماتي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الترافع‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭.‬

ثالثا‭ :‬إحداث‭ ‬مركز‭ ‬للدراسات‭ ‬والأبحاث،‭ ‬أو‭ ‬مرصد،‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬تُعنى‭ ‬بجمع‭ ‬المعطيات،‭ ‬وقراءة‭ ‬الخطابات‭ ‬الدولية،‭ ‬وتحليل‭ ‬تطور‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬المؤثرة،‭ ‬وأيضا‭ ‬إنتاج‭ ‬تقارير‭ ‬دورية‭ ‬بلغات‭ ‬العالم‭ ‬(بالفرنسية،‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬الإسبانية،‭ ‬الروسية،‭ ‬الألمانية‭...‬)‭ ‬حول‭ ‬تطورات‭ ‬النزاع،‭ ‬تنشر‭ ‬وتوزع‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭.‬

رابعا‭:‬ إرساء‭ ‬آلية‭ ‬تنسيق‭ ‬دائمة‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬ومجلس‭ ‬الجالية،‭ ‬والمجالس‭ ‬الجهوية‭ ‬المنتخبة،‭ ‬لتعزيز‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬والمواقف،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬مقترحات‭ ‬مدروسة‭ ‬للملك،‭ ‬باعتبار‭ ‬المجلس‭ ‬هيئة‭ ‬استشارية،‭ ‬لتطوير‭ ‬آليات‭ ‬تنزيل‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المؤسساتي‭.‬

خامسا‭:‬ مواكبة‭ ‬الاعترافات‭ ‬الدولية‭ ‬الجديدة‭ ‬بخطاب‭ ‬سياسي‭ ‬وثقافي‭ ‬وفكري‭ ‬موازي،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تنظيم‭ ‬ندوات‭ ‬وملتقيات‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الصحراوية‭ ‬(العيون،‭ ‬الداخلة،‭ ‬السمارة،‭ ‬بوجدور،‭ ‬أوسرد‭...‬(‭.‬

سادسا‭:‬ توجيه‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية‭ ‬ناعمة‭ ‬عبر‭ ‬الصحافة‭ ‬الدولية،‭ ‬تعزز‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬وتبرز‭ ‬واقعية‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬صحافيين‭ ‬وإعلاميين‭ ‬أجانب‭ ‬أظهروا‭ ‬معرفة‭ ‬دقيقة‭ ‬بالطبخة‭ ‬الجزائرية‭ ‬ورغبة‭ ‬الكراغلة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الزعامة‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمغرب‭.‬

سابعا‭:‬ مواجهة‭ ‬السردية‭ ‬الحقوقية‭ ‬الجزائرية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التشويه‭ ‬والإشاعة‭ ‬وتزييف‭ ‬الحقائق‭ ‬واختلاق‭ ‬الأحداث،‭ ‬وتعرية‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬ميلشيات‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬بدعم‭ ‬غير‭ ‬مشروط‭ ‬من‭ ‬عصابة‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري‭.‬

ثامنا‭:‬ الاشتغال‭ ‬على‭ ‬«الوجه‭ ‬الإنساني»‭ ‬للقضية:‭ ‬معاناة‭ ‬الصحراويين‭ ‬بمخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬وقصص‭ ‬نجاح‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬وفضح‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬تندوف‭ ‬من‭ ‬انتهاكات،‭ ‬وكشف‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬السخرة‭ ‬والعبودية‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭.‬

تاسعا: ‬إنشاء‭ ‬قناة‭ ‬تواصل‭ ‬رقمية‭ ‬للمجلس‭ ‬بثماني‭ ‬لغات،‭ ‬تبث‭ ‬مستجدات‭ ‬القضية‭ ‬وتحللها‭ ‬بمنطق‭ ‬استراتيجي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬المركز‭ ‬السينمائي‭ ‬المغربي‭ ‬بغرض‭ ‬إنتاج‭ ‬وثائقيات‭ ‬وشهادات‭ ‬لصحراويين‭ ‬يعكسون‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬وواقع‭ ‬الحياة‭ ‬بالصحراء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭.‬

عاشرا‭:‬ تنظيم‭ ‬جولات‭ ‬تواصل‭ ‬أكاديمية‭ ‬وسياسية‭ ‬وفكرية‭ ‬وإعلامية‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وتزويد‭ ‬مركز‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي‭ ‬بالمعطيات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬الاعترافات‭ ‬الدولية‭ ‬المتتالية،‭ ‬وخاصة‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬دائمة‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬وخاصة‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬انتزاع‭ ‬اعتراف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا‭. ‬

يحتاج‭ ‬الكوركاس،‭ ‬إذن،‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬الراهن،‭ ‬إلى‭ ‬نقلة‭ ‬جديدة:‭ ‬أي‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬استشارية‭ ‬إلى‭ ‬فاعل‭ ‬مواكب‭ ‬ومنخرط‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬تثبيت‭ ‬الطرح‭ ‬المغربي‭ ‬كخيار‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬تكثيف‭ ‬الحضور‭ ‬الدولي،‭ ‬شرقا‭ ‬وغربا،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬بناء‭ ‬جسر‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬المغاربة‭ ‬الصحراويين،‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬بمن‭ ‬فيه‭ ‬المنحازون‭ ‬للطرح‭ ‬الانفصالي،‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬إعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬وظيفته‭ ‬ودوره‭ ‬ضمن‭ ‬الهندسة‭ ‬المؤسساتية‭ ‬المغربية،‭ ‬وبما‭ ‬يجعله‭ ‬دعامة‭ ‬حقيقية‭ ‬لمشروع‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وشريكاً‭ ‬فعالاً‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬نموذج‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وتنموي‭ ‬بالأقاليم‭ ‬الصحراوية‭..‬