ماء العينين ماء العينين: الحكم الذاتي‎.. ‏‎نداء للتاريخ

ماء العينين ماء العينين: الحكم الذاتي‎.. ‏‎نداء للتاريخ ماء العينين ماء العينين
زارني منذ أيام قليلة، قصد الإطمئنان على صحتي، شخصية صحراوية، تعجبني مواقفها الوطنية، ودفاعها المستميت عن مقدساتنا ووحدتنا الوطنية، والحديث ذو شجون بادرني بالسؤال عن رأيي في مايجب أن نقوم به، كصحراويين وحدويين، في أفق وانتظار الحكم الذاتي؟
‏‎قلت دون تفكير، حتى وإن كانت حالتي الصحية لاتسعفني بالكلام وأحرى الإطالة فيه. 
‏‎ جوابي سيكون مستمدا من تعريف الفقهاء للوكالة، فهي عندهم، إذا طالت قصرت، وإذا قصرت طالت.
‏‎ومن هذا المنطلق، فإن مايجب أن نقوم به، يتجلى أولا وقبل كل شيء، في كلمة خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان وهي (الوحدة القبلية).
‏‎بهذا المفتاح السحري، استطاع سلفنا، أن يكون قبيلة واحدة، بل أسرة واحدة، قصد الدفاع عن هويتنا، والتشبث بوحدتنا الوطنية، والإستماتة في التصدي لكل من سولت له نفسه المس بوطننا، وبالجالس على عرشه، بهذه الوحدة ‏‎استطعنا، وراء ملوكنا العظام، وبتعليمات منهم وتوجيهات ‏‎وإعانات، صنع التاريخ، ودخوله من بابه الواسع،جنودا مجندين خلف ملوكنا العظماء، من أجل الذب عن الحياض، والدفاع عن المقدسات. بهذه الوحدة،كان الآباء، والأجداد، بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة، مع قلة ذات اليد، وعدم إسعاف الظروف المحيطة بهم، في خندق واحد من أجل التصدي لكل من سولت له نفسه النيل من تلك الأهداف، والغايات التي آمنوا بها، وضحوا من أجلها بالغالي والنفيس. 
‏‎شكل القوم كما أسلفت القول، قبيلة واحدة، وأحيانا أسرة واحدة، في الإستماتة، وقوة الشكيمة،والبطولة،من أجل ذلك، فلهم يشهد التاريخ أنهم كانوا صحبة- القبائل السوسية-آخر من تصدى للإستعمار الفرنسي في جبال وكهوف ومغارات أكردوس، وآيت عبدالله.. كان ذلك سنة 1934.
‏‎لم نكن في تلك الفترة ولا قبلها،إلا قبيلة واحدة، نتوحد في السراء والضراء، ولايعني ذلك، أنه لم يكن بين القوم تفاوت، فهذا مالم يكن حتى بين الرسل الكرام (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)، ولكن لم يكن لذلك تأثير، بل كان مصدر قوة وتنوع وثراء، كان معه القوم إخوة متراصين، تجري في عروق كل قبيلة منهم، دماء بقية القبائل الأخرى.
بحكمته المعهودة، وتبصره الثاقب، وحصافة رأيه السديد، وحدبه وعطفه الموروث عن أسلافه ‏‎المقدسين على الجهة وساكنتها، اقترح جلالة الملك حفظه الله، حكما ذاتيا، للمنطقة ولساكنتها، ‏‎هو قرار ملكي سامي، وارادة عالية، ومكرمة ثمينة وغالية، أصبح لها الآن بعدا إقليميا ودوليا، وازنا، يتزايد يوما بعد يوم، ويزيدها أهمية، ماتنعم به جهتنا الصحراوية المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة من بلهنة في العيش الكريم، ونمو عمران غير مسبوق يبهر الملاحظ والمتتبع، وإدارة محلية، وإقليمية، وجهوية لتلك المناطق،تدار من طرف أبنائها، ناهيك عن تحملهم، لأمور الجماعات والبلديات، والجهات بالإضافة إلى تمثيلهم الوازن في البرلمان.
ولم يكن هذا، إلا امتدادا لما لاقاه الآباء، والأجداد، من حدب، وعطف، ورعاية سامية،منذ أقدم العصور، من طرف الجالس على عرش المملكة الشريفة، وهذا يعني أننا ونحن ننتظر في القريب العاجل، إن شاءالله، ما أرادته الإرادة الملكية السامية، وصار على هديه المنتظم الدولي، أن الوحدة القبلية،  أصبحت مطلبا أساسيا ورئيسيا، يجب أن يكون الآن، غايتنا الأنبل، وهدفنا الأسمى، من أجل أن نكون عند حسن ظن جلالة الملك، الذي ألقى على عاتق كل واحد منا، رجالا ونساء، هذه الأمانة الغالية، والحمل الثقيل، وثانيا أن نكون القدوة الحسنة، والإسوة المثالية، لساكنة بقية الجهات الوطنية الأخرى.
‏‎هي دعوة ليست موجهة لأخواني الوحدويين، سكان تلك الجهة ولكنها
‏‎موجهة كذلك، إلى إخوة لنا، آن الأوان أن نبتعد عن وصفهم، بما فرضته عليهم ظروف معينة، إلتقطها بخبث ومكر شديدين وكراهية أشد لنا ولماضينا المجيد والمشرق، حكام الجزائر وقبلهم حكم العقيد القذافي، كما غذاها كذلك ماكان سائدا من حرب باردة بين معسكرين، عانت دول العالم منها الأمرين، فهم أخوة لنا دماؤنا واحدة، وأوشاجنا متلاصقة، وقرابتنا أصيلة ومتجذرة، وأسلافنا جمعهم تاريخ مشترك، في جهة واحدة ووطن، واحد لقد حلت الساعة التي علينا جميعا، أن ننبذ فيها القبلية المقيتة، لا نحن ولاهم، مانعانيه نحن هنا، وهم في مخيمات لحمادة من هذا المرض العضال، لايستقيم. وما ينتظرنا جميعا وينتظر أبناءنا، رجال الغد، يجب أن لانترك لهم إلا مايوحد ‏‎الصف، ويبتعد عن الخلاف والشقاق ‏‎والتنابز بالألقاب، من أجل أن نبقى صفا واحدا متراصا، وراء جلالة الملك حفظه الله، من أجل جهتنا ولكن كذلك من أجل وطننا الغالي.
‏‎أبيت إلا أن أسجل للتاريخ هذا النداء النابع من القلب، حتى وإن كانت وضعيتي الصحية لا تسعفني ‏‎على التركيز والكتابة.