في محطة علمية، احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، يوم الإثنين 1 يوليوز 2025، مناقشة أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، شعبة القانون بالفرنسية، قدّمها الباحث عصام القويطي، تحت عنوان:
"La faute civile du salarié – Étude à la lumière de la jurisprudence"
"الخطأ المدني للأجير: دراسة على ضوء الاجتهاد القضائي".
تناولت الأطروحة بإمعان علمي قضية بالغة التعقيد في مجال المسؤولية المدنية، تتمثل في مدى إمكانية ترتيب مسؤولية الأجير عن الأضرار الناجمة عن سلوك خاطئ أثناء تنفيذ علاقة الشغل، وهو موضوع لا يزال يثير جدلاً فقهياً وقضائياً في المغرب، نتيجة التقاطع بين مقتضيات القانون المدني وأحكام مدونة الشغل، وعدم وجود إطار تشريعي خاص يضبط هذا النوع من الأخطاء.
واستند الباحث إلى منهج تحليلي مقارن، سلط من خلاله الضوء على الاجتهاد القضائي المغربي، مع مقارنات دقيقة بالتجربة الفرنسية، ليخلص إلى أن لا القانون المدني بمفرده، ولا قانون الشغل استطاعا الإحاطة القانونية الكاملة بمفهوم الخطأ المدني المرتكب من قبل الأجير، لاسيما في الحالات التي تتسم بجسامة السلوك أو توافر القصد، وما يترتب عن ذلك من أضرار مادية جسيمة.
ومن أبرز ما أوصت به الأطروحة، ضرورة الانفتاح على المفاهيم القانونية الفرنسية، ولا سيما مفهوم la faute lourde أو الخطأ العمدي الجسيم، كآلية تشريعية تساعد على تجاوز الفراغ المفاهيمي والتشريعي، وتؤسس لتوازن قانوني يضمن الحماية الواجبة للأجراء دون التفريط في حقوق المشغّلين، انسجاماً مع روح العدالة ومقتضيات الأمن القانوني.
المناقشة التي جرت في أجواء علمية رفيعة، ترأسها الأستاذ شكيب العوفير، وعرفت حضوراً متميزاً للسيد هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، وشارك فيها كل من الأستاذة المشرفة إلهام حمضي، والأستاذتين إلهام ماموني وعايدة الفركلي. وقد أجمع أعضاء اللجنة على جودة العمل وأصالته العلمية وراهنيته القانونية، مشيدين بإسهامه في تعميق البحث حول أحد الإشكالات المحورية في القانون المغربي، وتقاطعاته بين المجالين المدني والاجتماعي.
تمثل هذه الأطروحة إضافة نوعية في حقل الدراسات القانونية، وتفتح الباب أمام نقاش أكاديمي وتشريعي حول الحاجة إلى إعادة التفكير في نظام المسؤولية المدنية داخل علاقة الشغل، بما يضمن العدالة لجميع الأطراف في إطار من التوازن والنجاعة.