شبكة الدفاع عن الحق في الصحة والحياة: الرادارات وحدها لا توقف نزيف حوادث السير في المغرب

شبكة الدفاع عن الحق في الصحة والحياة: الرادارات وحدها لا توقف نزيف حوادث السير في المغرب
في وقت أعلنت فيه الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (NARSA) عن تفعيل جيل جديد من الرادارات الآلية المتطورة لرصد مخالفات السير، حذّرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة من استمرار نزيف الطرق بالمغرب، داعية إلى استراتيجية شاملة وفعالة تتجاوز الحلول التقنية إلى معالجة الأسباب الجذرية لحوادث السير.

وفي بيان أصدرته الشبكة بمناسبة انطلاق العمل بهذه الرادارات الجديدة يوم 16 يونيو 2025، تساءلت عن مدى جدوى هذه الاستثمارات الضخمة في ظل استمرار أرقام الوفيات والإصابات الخطيرة على الطرقات المغربية، والتي بلغت في عام 2024 أكثر من 4000 حالة وفاة، بمعدل 10 قتلى يومياً، 43% منهم من مستعملي الدراجات النارية و23% من المشاة، بالإضافة إلى آلاف الإصابات المفضية إلى إعاقات دائمة، ما يكلّف البلاد 2.5% من الناتج الداخلي الخام سنوياً.

تذكّر الشبكة بأن المغرب شرع في إدخال الرادارات منذ سنة 2002، لتتوسع المنظومة لاحقاً إلى 552 راداراً ثابتاً ومتنقلاً، كلفت الدولة مئات الملايين من الدراهم، من بينها 200 مليون درهم لتركيب 500 رادار في 2017، و24 مليون درهم لشراء 286 راداراً متنقلاً في 2020. وتُجهَّز حالياً صفقة جديدة لم يُكشف بعد عن قيمتها، تزامناً مع تفعيل النظام الجديد.

ورغم هذا الاستثمار الكبير، تُسجّل الشبكة أن المردودية ظلت محدودة، مبرزة أن تركيز الرادارات على الطرق السيارة، التي لا تمثل النسبة الأكبر من الحوادث، يحجب ضعف المعالجة الشاملة للمشاكل على الطرق الوطنية والجهوية والمجال الحضري والقروي.

وأوضحت الشبكة أن ارتفاع معدلات الحوادث مردّه عوامل متعددة لم تُعالج بعد، ومنها: هشاشة البنية التحتية: طرق مهترئة، غياب التشوير، خاصة في القرى والمناطق النائية. بالإضافة لسلوكيات خطيرة: السرعة المفرطة، استعمال الهاتف أثناء القيادة، وعدم احترام قانون السير.ووسائل نقل غير آمنة: استخدام سيارات مهترئة، ودراجات نارية متهالكة، وتسيب في النقل غير المهيكل.

بالإضافة إلى ضعف الوعي: حملات تحسيسية موسمية محدودة الفعالية رغم ضخامة ميزانية NARSA. وغياب منظومة إسعاف ناجعة: أكثر من 40% من ضحايا الحوادث يموتون قبل وصولهم إلى المستشفى بسبب غياب وحدات التدخل الطبي السريع على الطرق وتأخر الإسعاف ونقص التجهيزات في أقسام المستعجلات.

وأكدت الشبكة أن إنجاح أي سياسة طرقية رهين بإرساء تصور متكامل يتجاوز المقاربات التقليدية، ويدمج مجموعة من العوامل كإصلاح البنية التحتية، ومعالجة "النقط السوداء"، وتحسين التشوير. وتفعيل دور الشرطة والدرك في المراقبة الميدانية، خاصة تجاه الدراجات النارية والشاحنات، ومنع النقل غير المرخص للركاب والعمال، وتوسيع التغطية القانونية للنقل المهني.

كما طالبت الشبكة بتعزيز التوعية والتثقيف المستمر بشراكة مع المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وإعادة هيكلة منظومة الإسعاف الطبي وتأهيل أقسام المستعجلات، مع مراجعة أدوار الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وتحويلها إلى هيئة تخطيط وتنسيق، بدل التركيز على الجوانب الزجرية فقط.

واعتبرت الشبكة أن الرادارات، رغم دورها في الردع، ليست سوى جزء صغير من الحل، داعية وزارة النقل واللوجستيك إلى إعادة النظر في استراتيجيتها، والوفاء بالتزاماتها تجاه إعلان مراكش للسلامة الطرقية، الهادف إلى خفض عدد الوفيات بنسبة 50% بحلول عام 2030، في إطار أهداف التنمية المستدامة.

واختتمت الشبكة تساؤلها الصريح: "هل بالرادارات وحدها، مهما كانت متطورة ومكلفة، يمكن أن نوقف هذا النزيف اليومي على طرقات المغرب؟"