أولاً، لقد أصبح الذكاء الاصطناعي أداةً محورية في الإنتاج الصحفي وتحليل توجهات الرأي العام. حيث أثبتت التجارب العالمية أن الأتمتة الذكية للخبر أصبحت تمنح فرصا أكبر للانتشار. كما تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي القدرة على رصد الأخبار الزائفة والتفاعل معها في الزمن الحقيقي، مما يجعل الإعلام الرقمي المغربي مدعواً لتبني هذه الأدوات دون تأخير، سواء لمكافحة التضليل أو لتعزيز المصداقية التحريرية.
ثانياً، إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الدبلوماسي توفر إمكانيات نوعية غير مسبوقة، من الترجمة الفورية للبيانات الدبلوماسية متعددة اللغات، إلى تحليل اتجاهات الصحافة الدولية بشأن قضية الصحراء المغربية. هذه القدرات التحليلية يمكن أن تشكّل ركيزة لمنظومة استشراف دبلوماسي مغربي تتابع تطورات المواقف الدولية بناء على المعطيات وليس الانطباعات، خصوصاً في المحافل متعددة الأطراف.
ثالثاً، يشكل الذكاء الاصطناعي درعاً رقمياً في مواجهة الدعاية العدائية، سواء من خلال كشف الحسابات الوهمية التي تروّج لروايات انفصالية، أو عبر تحليل الخطاب العدائي وتفكيك بنيته. كما يمكن إنتاج خرائط زمنية تفاعلية ترصد حملات التضليل الرقمي المرتبطة بقضية الصحراء، وتكشف مصادرها وموجهيها، مما يمكّن من ردّ علمي وفعال، يسهم في تحصين الفضاء الرقمي الوطني.
رابعاً، يشكل الذكاء الاصطناعي أداة متقدمة للمرافعة الرقمية المؤيدة للقضايا الوطنية. فمن خلال منصات توليد النصوص والصور والفيديوهات التفاعلية، صار بالإمكان إعداد محتوى بصري متعدد اللغات يخاطب الرأي العام الدولي بلغة مقنعة وسهلة، تستجيب لمتطلبات التواصل السياسي العصري.
خامسا، ندعو بهذه المناسبة إلى تأسيس مختبر للذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية الرقمية، يُعنى برصد التحولات التكنولوجية، وتطوير أدوات ترافعية مفتوحة المصدر، وتكوين شبكات شبابية مغربية عبر العالم في مجالات تحليل الخطاب وإطلاق مفاوضات رقمية، وصناعة المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتعزيز الحضور الرقمي المغربي في المنتديات العالمية ذات الصلة، وذلك في أفق ابتكار ديبلوماسية رقمية مغربية تليق بعدالة قضيتنا وريادة بلدنا.
إبراهيم أفروخ / رئيس المركز الأطلسي للصحافة وتكنولوجيا الإعلام بالصحراء