في زمن باتت فيه الخيانة تُسوّق على أنها "نضال"، والصوت النشاز يُقدَّم كـ"معارضة"، تبرز أسماء مثل هشام جيراندو كرموز لانهيار القيم الوطنية وتفشي الانتهازية الرقمية. هذا الرجل، الذي بدأ حياته بائعًا متجولًا في شوارع المغرب وماسحا للأحذية، انتهى به المطاف في كندا، لاجئًا تحت ذريعة “الاضطهاد السياسي”، بينما الحقيقة تروي قصة أكثر تعفّنًا وخسة: قصة عميل هارب، احترف التشهير، الابتزاز، والخيانة المعلنة.
من عربة أحذية إلى منصة تحريض
هشام جيراندو لم يكن يومًا فاعلًا سياسيًا، ولا مناضلًا حقوقيًا. بل كان بائعًا متجولا وماسحا للأحذية والملابس المستعملة. جرب الحظ في ليبيا كلقيط يقتات على نفايات الحاويات، وعاد خاوي الوفاض. ثم جرّب الاشتغال في شركة عقارية بالدار البيضاء يحمل الإسمنت على ظهره، لكنّ هيئته الأنثوية وفيزيولوجيته المخنثة لم تسعفاه بذلك، ليفرّ إلى كندا بعد أن طاردته شبهات النصب والاحتيال. وهناك، في أحضان الضبابية القانونية والنفاق الإعلامي الغربي، بدأ في إنشاء شركات وهمية مع أشخاص مشبوهين – بينهم مدانون في قضايا مخدرات – محاولًا غسل ماضيه عبر قوالب "الاستثمار".
لكن طموحه لم يقف عند هذا الحد؛ فقد وجد ضالته في منصة يوتيوب، حيث تحوّل إلى مهرج سياسي يصوّب سهام حقده تجاه المغرب ومؤسساته، وعلى رأسها المؤسسة الملكية والمديرية العامة للأمن الوطني.
إنّ ما يسوّقه جيراندو عبر منصاته الرقمية ليس معارضة، بل خطاب عدائي صريح، يتغذى على البروباغندا الجزائرية، ويتماهى مع دعايات الانفصاليين. يتحدث باسم المغاربة وهو بعيد عنهم روحًا وسلوكًا، يهاجم الملك محمد السادس، ويتطاول على شخصيات وطنية لا ذنب لها سوى إخلاصها للدولة، كما يفبرك القصص حول الأجهزة الأمنية، ويتهمها زورا بتنظيم "انقلابات" خيالية.
الجروندي المخنث ليس إلا بوقًا مأجورًا، يحصل على عائدات من الإشهارات ومن الرشاوى مقابل التشهير، ويُستخدم كحصان طروادة لتشويه صورة المغرب أمام العالم، بل وتخريب نسيجه المجتمعي من خلال الفتنة الرقمية.
شبكة ابتزاز عابرة للحدود
الأخطر ليس فقط في خطاب الكراهية، بل في الأفعال الإجرامية التي باتت موثقة ضده. تشير تحقيقات صحفية موثوقة إلى أن هشام جيراندو يقود شبكة ابتزاز متخصصة في التشهير مقابل المال. يستخدم تسجيلات وفيديوهات مفبركة ضد شخصيات مغربية، ثم يعرض عليهم "صفقة": الدفع مقابل الحذف.
في واحدة من أبرز القضايا، استغل سمعة أحد تجار المخدرات المعتقلين بالمغرب لابتزاز محيطه، مستخدمًا وسطاء مغاربة بينهم موظفون عموميون ومهندس معلوماتية مقيم في كندا، تم تجنيده لنقل الأموال المغسولة، تحت غطاء التبرعات للطلبة.
لم يتوقف الأمر عند الاتهامات الصحفية، بل وصل إلى أروقة المحاكم: فقد صدر حكم نهائي من محكمة كندية ضد جيراندو في قضية تشهير رفعها ضده القاضي المغربي عبد الرحيم حنين. القضاء الكندي أمره صراحة بحذف كل الفيديوهات المسيئة، لكن جيراندو كعادته، تجاهل القرار، بل وواصل حملته عبر قنواته المسمومة.
المخابرات الجزائرية في الخلفية
من غير المنطقي الحديث عن جيراندو دون التطرق إلى خيوط تمتد إلى الجزائر. كل المؤشرات تؤكد أن هذا الرجل أداة في مشروع أكبر، يهدف إلى زعزعة استقرار المغرب وتشويه رموزه. خطابه متطابق حد التطابق مع ما تبثه أبواق النظام العسكري الجزائري. تحركاته الإعلامية تتزامن مع أزمات دبلوماسية أو أحداث داخلية مغربية، ما يجعل الشك في كونه "عميلًا" ليس فقط معقولًا، بل مرجحًا.
ويدّعي هذا الجروندي الدفاع عن حرية التعبير، لكنه في الحقيقة يمارس اغتيالًا معنويًا ممنهجًا. يتقن تدوير الأخبار الزائفة، ويستغل الثغرات القانونية في كندا لبث خطابه العدائي، متذرعًا بمظلومية زائفة، بينما هو الذي يقتات على ألم الآخرين، ويقتات على وطنية المغاربة الحقيقيين.
منصاته ليست إلا مصيدة لصنع "الفضائح"، ومحتواها مجرد مادة مدفوعة، تستهدف تسويق نفسه كبطل وهمي. أما الحقيقة، فهي أنه هارب من العدالة، مُدان أخلاقيًا وقضائيًا، بلا شرف ولا مبدأ، ومجرد ورقة احترقت في يد من يشغّلونه.
وما ينبغي لبعض المخدوعين معرفته واستيعابه هو أنّ هشام الجروندي لم يكن يوما معارضًا، بل خائن ومرتزق. لا يهمه الوطن، بل الدولار. لا يبحث عن إصلاح، بل عن ابتزاز. وما ينبغي التنبيه له في النهاية هو أنه في زمن الرقمنة، لا بد من تحصين الوعي، فالحروب لم تعد تُخاض بالسلاح فقط، بل بالكذب والفبركة والتشهير.
إن الرد على أمثال الجروندي اللقيط لا يكون بالصمت، بل بالفضح والمحاسبة، وبالوعي الجمعي الذي يدرك أن أمثال هؤلاء هم أدوات عدو، لا أبناء وطن.