مع اقتراب الحسم، في برنامج بطولة الجماهير الذي ينشطه الفنان ربيع القاطي، تتجه الأنظار إلى النتائج والتصويتات، والأداء الجماهيري داخل وخارج الشاشات، حيث كل جمهور يطمح لأن يُتوج، ليس فقط لأنه يشجع فريقًا، بل لأنه يحمل رسالة، وهوية، وثقافة جماعية تُغني كرة القدم الوطنية.
جماهير الفرق المتأهلة إلى نصف النهائي من البطولة، يخلقون الحدث، فما يميز البطولة، في هذا الجانب، ليس فقط الفكرة المبتكرة، بل أيضًا التحول الذي أحدثته في المشهد الإعلامي الرياضي المغربي. إذ لأول مرة، ينتقل التشجيع من المدرجات إلى البيوت، من خلال بث مباشر ومواكبة دقيقة على القناة الأولى والقناة الرياضية، مما منح البرنامج بعدا جماهيريا أوسع، وجعل من الجماهير شريكًا فعليًا في صناعة الفرجة. وقد ساهمت هذه التغطية في نقل نبض الشارع الكروي، وفتح الباب أمام تفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أصبح الجمهور يتابع، يصوّت، ويحلل الأداء الجماهيري، بنفس الشغف الذي يُتابع به مباريات البطولات الكبرى.
إن مواجهات ربع النهائي، تعد شغفا ورمزية، وتاريخا، وثقافة تشجيع، حيث الوداد الرياضي واتحاد طنجة، يلتقيان، بشكل قوي، لقاء بين قطبين جماهيريين لكل منهما طابع خاص؛ جمهور الوداد بصوته الجهوري وانتشاره الوطني، في مواجهة جمهور اتحاد طنجة، المعروف بحضوره العفوي وارتباطه القوي بالهوية الشمالية. مواجهة تعكس صراع المدرجات بين “صوت الدار البيضاء” و”هدير البوغاز”.
ومن مراكش الحمراء بتقاليدها الجماهيرية العريقة، تدخل في صدام رمزي مع شباب المسيرة، ممثل الجنوب والصحراء المغربية، حيث يتقاطع التاريخ الرياضي مع البعد الجغرافي في مواجهة تنبض بالخصوصية.
اما الرجاء الرياضي، والجيش الملكي، فهي مواجهة من العيار الثقيل، تتجاوز التشجيع إلى اختبار عميق للهوية الجماهيرية. جمهور الرجاء، المدرج "الأخضر الزمردي"، يحضر بزخمه الفني، وجمالية تيفوهاته، في صراع مع "الجدار العسكري"، جمهور الجيش الملكي، المعروف بانضباطه وقوته التعبوية. إنها قمة جماهيرية بكل المقاييس. فيما حسنية أكادير تواجه المولودية الوجدية، حيث سوس الإبداع في مواجهة الشرق العريق. مواجهة جماهيرية تعكس تنوع الخريطة الكروية المغربية، وتُبرز حجم التفاعل في مدن لا تحظى دائمًا بالأضواء، لكنها تعيش كرة القدم كجزء من النسيج اليومي.
يشار إلى ان"بطولة الجماهير" ليست مسابقة عابرة، بل تجربة تستحق التعميم والتطوير، لأنها أعادت الجمهور إلى مركز اللعبة، وذكّرت الجميع بأن كرة القدم، قبل أن تكون أهدافًا، هي انتماء، وشغف، وصوت لا يسكت، انه طموح وحماس ومزيد من الفن والإبداع الجماهيري.