أثار إعلان نُشر مؤخرا في صحيفة نيويورك تايمز، يروج لشراء منازل في مدينة مراكش بأسعار منخفضة مقارنة بأسعار المنازل في أمريكا، النقاش حول التداعيات المحتملة لاقتناء السياح الأجانب عقارات للسكن في المغرب، لاسيما المدن السياحية.
إذ يشهد سوق العقار في المغرب خلال السنوات الأخيرة تحولات لافتة، خاصة في ظل تزايد اهتمام الأجانب، سواء من المستثمرين أو السياح، باقتناء عقارات داخل المملكة. ويُتوقع أن يتعزز هذا التوجه بشكل أكبر مع استعداد المغرب لاحتضان مجموعة من التظاهرات الدولية البارزة خلال السنوات المقبلة وفي مقدمتها كأس العالم 2030، مما يجعل من العقار مجالاً استراتيجياً للاستثمار، ومصدرًا محتملاً لجذب رؤوس الأموال.
لكن هذا الانفتاح على السوق الدولية يطرح، في المقابل، إشكاليات عدة تتعلق بتوازنات العرض والطلب، وقدرة المواطنين المغاربة على الولوج إلى السكن، في ظل مخاوف من نشوء موجة مضاربات عقارية وارتفاع غير مبرر للأسعار، خاصة في المدن السياحية.
في هذا السياق، أفاد محمد جدري، خبير اقتصادي ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي ل "أنفاس بريس"، أن المغرب مقبل على استضافة مجموعة من الأحداث العالمية خلال السنوات القادمة، وهو ما أصبح يجذب اهتمام عدد متزايد من المستثمرين والسياح الأجانب الراغبين في اقتناء عقارات داخل المملكة. هذا التوجه يحمل في طياته آثارًا إيجابية متعددة على الاقتصاد الوطني من جهة، لكنه في المقابل لا يخلو من تداعيات سلبية قد تطال السوق المحلية.
بالنسبة للتداعيات الإيجابية يوضح جدري فهي:
أولًا، يتوقع أن يؤدي هذا الإقبال إلى تدفق كبير للعملة الصعبة نحو المغرب، وهو أمر بالغ الأهمية، خصوصًا وأن قيمة العقارات التي يتم اقتناؤها من قبل الأجانب ليست بمبالغ بسيطة، بل غالبًا ما تتجاوز عشرات الآلاف من الدولارات أو اليوروهات. هذا التدفق المالي يشكل مصدر دعم مهم للاقتصاد الوطني.
ثانيًا، سيساهم هذا النشاط في إنعاش قطاع البناء والعقار، سواء من حيث الإصلاحات أو مشاريع الإنشاءات الجديدة، وهو ما يوفر فرص شغل ويساهم في تحريك عجلة الاقتصاد.
ثالثًا، سيكون لهذا الوضع أثر إيجابي على القطاع السياحي. فالسياح الذين اعتادوا زيارة المغرب مرة أو مرتين في السنة، سيتحولون إلى زوار دائمين أو شبه دائمين عند امتلاكهم عقارات في البلاد، مما يعزز استهلاكهم المحلي ويدعم مختلف الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة والخدمات.
من هنا، يتابع جدري، يصبح من الضروري دعم هؤلاء المستثمرين والسياح من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية المرتبطة بشراء العقارات، وتوفير المساعدة اللازمة عبر الإدارات المختصة. كما يمكن التفكير في تقديم مجموعة من التحفيزات، من بينها تسهيلات ضريبية، لجعل الاستثمار في العقار بالمغرب أكثر جاذبية، إلى جانب دور الابناك في تمويل جزء من قيمة العقارات.
إن تسهيل المساطر وتشجيع الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري يجب أن يكون من بين أولويات السياسات العمومية، لما له من أثر مباشر على تحفيز النمو الاقتصادي وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
فيما يتعلق بالآثار السلبية، يقول جدري، يمكن أن يؤدي تهافت السياح الأجانب على اقتناء للعقارات الى خلق طلب أكبر وبالتالي إحداث مضاربة، بالرفع من قيمة العقارات مثلا العقارات التي تبلغ 40 او 50 او 60 مليون، غدا يمكن أن تبلغ 80 او 90 مليون او 100 مليون وبالنسبة للسياح الاجانب سيظل هذا السعر تنافسيا مقارنة مع دول اخرى كفرنسا أو إيطاليا أو تركيا، لكن سيتضرر المغاربة من ارتفاع أسعار العقارات مثل ما نلاحظه الآن بمدن سياحية كمراكش وطنجة.
وخلص محاورنا تصريحه بالقول، أن اقتناء مجموعة من السياح الاجانب للعقارات بالمغرب له تداعيات إيجابية أكثر منها سلبية، تصب في تشجيع مقاولات البناء والاستثمار في القطاع العقاري من أجل الاستجابة لطلب المغاربة في الولوج إلى السكن.