فقد نشر المركز المغربي للمواطنة قبل أيام دراسة استطلاعية حول “واقع السلوك المدني لدى المغاربة”. دراسة عادية في منهجها، لكنها عميقة في دلالاتها، لأن قوتها لا تكمن في تفاصيلها الرقمية، بل في صدى خلاصاتها داخل كل مغربي يواجه يوميًا تحديات العيش في فضاء عام يضيق بالتسامح، ويفتقر إلى احترام الاختلاف، حيث الزحام بلا طوابير، والضجيج بلا احترام، والخدمات بلا ضمير أو مسؤولية.
لقد حاولت الدراسة وضع اليد على مظاهر هذا الخلل، لكن السؤال الأعمق يظل قائمًا:
هل ما نعيشه مجرد انزلاقات فردية؟ أم أننا أمام تراجع جماعي في منظومة القيم؟
من منظور معرفي، السلوك المدني هو جملة من التصرفات والمواقف التي يعبر بها الفرد عن التزامه بالقانون، واحترامه للغير، وتقديره للمصلحة العامة.
ولا يمكن لأي مجتمع أن ينهض فعليًا دون وعي جماعي بماهية هذا السلوك، باعتباره منظومة قيمية وأخلاقية وتنظيمية تؤسس للعيش المشترك، وتحفّز على التنمية.
إنه الترجمة اليومية للمواطنة في الشارع، في المدرسة، وفي الإدارة، كما أنه الامتحان الفعلي لكل مشروع جماعي يروم بناء مجتمع منفتح، منظم، وعادل.
“الإنسان مدني بطبعه.”(ارسطو)
أي أنه لا يكتمل إلا بانخراطه في حياة جماعية تحكمها القوانين وتربطها الأخلاق.
كما ان روسو اعتبر ان المىَدَنِية و المشاركة الواعية في المجال العام تجعل من الاحترام، والانضباط، والنظافة، والتعاون شروطًا لوجود العقد الاجتماعي.
ببلادنا ،الملاحظ في الواقع المعيشي، الذي لم تعمل ارقام الدراسة إلا على إبرازه ، أن السلوك المدني في تراجع مستمر، بعدما تآكلت المنظومة القيمية التي تسنده.
• احترام قواعد اللباقة: 45%
• احترام النساء: 52%
• تدمير التجهيزات العامة: 70%
• الغش: 83%
• رمي النفايات: 78%