كشف تقرير أمني فرنسي، تم عرضه خلال اجتماع لمجلس الدفاع في 21 ماي 2025، عن ما اعتبره "تسللاً قاعديًا" لجماعة الإخوان المسلمين داخل فرنسا، محذرًا من مخاطره على التماسك الوطني. ووفقًا لمصدر التقرير الذي نشره المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات (ECCI)، فقد دفع مضمون الوثيقة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى مطالبة الحكومة بإعداد "مقترحات جديدة" لمواجهة هذا "الخطر المنهجي".
الرئيس الفرنسي عقد اجتماعًا طارئًا لمجلس الدفاع حضره عدد من الوزراء، من ضمنهم المكلفون بالشؤون الخارجية، والمالية، والتعليم، والتعليم العالي، والرياضة، وهي القطاعات التي قال التقرير إنها الأكثر عرضة لاختراق الإخوان المسلمين.
ورغم تداول دوائر الرئاسة الفرنسية إمكانية إصدار بيان رسمي عقب الاجتماع، فإن الخيارات المطروحة لم تكن في مستوى التوقعات، ما دفع ماكرون إلى تأجيل القرار ودعوة كافة الوزارات إلى تقديم مقترحات إضافية استعدادًا لاجتماع دفاعي آخر مرتقب في يونيو المقبل.
وفي تدخل أمام مجلس الشيوخ، طرح وزير الداخلية برونو ريتالو حزمة أولية من الإجراءات، تشمل تحسين "تنظيم الدولة" وتعزيز "صلاحيات الاستخبارات"، إلى جانب إنشاء "نيابة إدارية" خاصة داخل وزارة الداخلية تعنى بمراقبة تغلغل الجماعة. كما أشار الوزير إلى ضرورة "تدريب الموظفين المنتخبين" ورفع الوعي العام، مع التركيز على "الثغرات في الدوائر المالية" المرتبطة بالإخوان.
التقرير الأمني أشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، رغم عدم ارتباطها بأعمال عنف مباشرة، تمثل خطرًا زاحفًا يستهدف النسيج المجتمعي والمؤسسات الجمهورية في المدى المتوسط، من خلال "نشر الإسلام السياسي على المستوى المحلي"، بهدف تغيير القواعد التنظيمية الوطنية تدريجيًا.
كما حذّر التقرير من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من طرف "إسلاميين" يعملون على تأجيج الشكوك حول الجمهورية الفرنسية، وترويج فكرة عدائها للإسلام، مما يعمق حالة الانقسام داخل المجتمع الفرنسي.
وردًا على مضمون التقرير، أصدر اتحاد المسلمين الفرنسيين، الذي يُعرّف نفسه بأنه "الفرع الوطني للإخوان المسلمين في فرنسا"، بيانًا نفى فيه كل الاتهامات الموجهة إليه، واعتبرها "ادعاءات لا أساس لها"، محذرًا من "تداعيات محتملة". وأكد أن نشاطه لا يتعدى الإطار المؤسساتي والعمل الميداني، دون ارتباط بأي مشروع سياسي خارجي.
من جانبه، أعرب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) عن "قلقه من الانتهاكات المحتملة وسوء استخدام المعطيات"، منتقدًا غياب "تعريفات واضحة للمفاهيم" الواردة في التقرير.
وفي المشهد السياسي، عبر زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون عن رفضه لما وصفه بـ"الإسلاموفوبيا المؤسسية"، واعتبر عقد مجلس الدفاع حول هذا الموضوع بمثابة "انخراط رسمي في أطروحات متطرفة". أما جوردان بارديلا، زعيم حزب التجمع الوطني، فقد دعا إلى "حظر جماعة الإخوان" ومحاصرة مؤيديها إداريًا.
واقترح غابرييل أتال، الأمين العام لحزب "عصر النهضة"، منع ارتداء النقاب من طرف القاصرات دون سن 15 في الأماكن العامة، بعد أن كان وراء قرار منع العباءة في المدارس، مؤكدًا أن التقرير يُبرز "هجومًا منسقًا على قيم الجمهورية".
أن جماعة الإخوان تعتمد في فرنسا على شبكة تضم 139 مسجدًا ومركزًا للعبادة، إضافة إلى 68 موقعًا "قريبًا من الاتحاد" موزعة على 55 مقاطعة، أي ما يمثل نحو 7% من مجموع أماكن العبادة الإسلامية في البلاد، البالغ عددها نحو 2800. ويشارك في هذه المساجد نحو 91 ألف مصلٍّ في صلاة الجمعة، ما يعكس حجم التغلغل الشعبي، بحسب التقرير.
كما أشار إلى أن الجماعة باتت تركّز استراتيجيتها على أوروبا، بعد خسارتها لنفوذها في العالم العربي، داعيًا إلى مواصلة التنسيق مع المفوضية الأوروبية لمحاصرة تمدد الإسلام السياسي.
واختتم التقرير توصياته بضرورة التحرك الحاسم وطويل الأمد على الأرض، مصحوبًا بخطاب علماني متجدد، ومبادرات تواصل إيجابية موجهة إلى المسلمين في فرنسا، من أجل كبح صعود الإسلام السياسي وتعزيز قيم الجمهورية.