"ناقصة عقل" تعني أن قدرتها على التفكير أضعف من قدرة الرجل على نفس التفكير، علما أن اللهَ، سبحانه وتعالى، يقول في القرآن الكريم، في الآية رقم 7 من سورة السجدة : "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ" (السجدة، 7). "أَحْسَنَ"، في هذه الآية، تعني أتقن. وأتقن تعني من وجهة نظرٍ علمية، أن التركيبة العضوية للمرأة شبيهة بتلك التي يتوفَّر عليها الرجل. ولهما، أي المرأة والرجل، نفس الدماغ ونفس الحواس. الفرقُ فرقٌ فيزيولوجي ومُرفولوجي(المظهر الخارجي) للتمييز بين الأنوثة والذكورة.
أما "ناقصة دينٍ" فتعني أن دينَ المرأة لا يمكن أن يكونَ شبيها بذلك الذي يُمارِسُه الرجل. بمعنى أن المرأةَ لها طريقةٌ خاصة بها بممارسة الدين، أي لها طريقة، فيها نُقصان وخاصة لعبادة الله. فما دامت المرأةُ "ناقصة عقل"، فتديُّنُها، هو الآخر ناقص. علماً أن اللهَ، عزَّ وجلَّ، عندما أراد ويريد أن يخاطبَ الناسَ المؤمنين، يقول : "يا أيَّها الذين آمنوا". والذين آمنوا تضمُّ الرجالَ والنساء. ثم لو كان دينُ المرأة أو تديُّنُها ناقصا بالمقارنة مع دينِ أو تديُّن الرجل، لخاطب، عزَّ وجلَّ، فيما يخصُّ العبادة، فئةَ الرجال على حدة وخاطب فئةَ النساء بمعزل عن فئة الرجال.
وكون المرأة "ناقصةَ عقلٍ ودينٍ" يعتبرها علماء وفقهاء الدين سُنَّة من السُّنن التي استنتجوها من الأحاديث النبوية، علما أن الرسول (ص) لا يمكن أن يخالفَ ما قاله، سبحانه وتعالى، في الآيتين الكريمتين رقم 124 من سورة النساء و97 من سورة النحل واللتان يساوي فيهما، سبحانه وتعالى، بين الرجل والمرأة من حيث القيام بالأعمال الصالِحة :
"وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" (النساء)
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل).
والمساواة الإلهية بين الرجل والمرأة سارية المفعول ماضيا وحاضرا ومستقبلاً لأن فعل "عَمِلَ" مُصاغ، في الآية الثانية، في الماضي، وفي الآية الأولى، في المضارع. فأين يكمن الخلل؟
إما الحديث اعتبره أهلُ الجرح والتَّعديل صحيحا وهو غير صحيح وإما غبر متواتر وإما منسوب للرسول (ص) لسببٍ من الأسباب. وكبفما كان الحال، فمرأة العصر الحديث مختلفة تماماً عن المرأة التي أرادها علماءُ وفقهاءُ الدين أن تكون مُلحقةً حيَّة بجانبه qu'elle siit un accessoire vivant auprès de l'homme.
اليوم، الواقع يكذِّب هذه الادِّعاءات ويُبيِّن لنا بوضوحٍ أن المرأةَ ولجَت جميع المهن التي انفرد بها الرجلُ ماضيا أو كانت حكراً عليه، وحتى الشاقَّة منها. الواقع يُبيِّن لنا أن المرأةَ أصبحت طبيبة ومحامية وقاضية وقِيادية في الأحزاب السياسية وباحثة ورُبانة ورائدة أعمال ورئيسة مقاولة وحكومة و وزيرة…
بل إن نساءً كثيراتٍ بصَمن التاريخَ بأفكارهن وبإنجازاتهن وبأبحاثهن… أذكر من بينهن أنجيلا ماركل Angela Merkel التي قادت ألمانيا وقوَّت اقتصادها، ومركارت تاتشر Margaret Thatcher التي قادت المملكة المتحدة بقبضة من حديد…
كما أن هناك نساءٌ مغربياتٌ لا يمكن إغفالُ تأثيرهن على التاريخ كالسيدة الحرة وزينب النفزاوية و ولادة المستكفي… اللواتي لعبن دورا مهما في السياسة والثقافة والآداب والدين، دون نسيان النساء اللواتي بصمن حاضر المغرب كعائشة الشنا المشهورة بالدفاع عن النساء ونعيمة سامح ومريم شهيد وفاطمة المرنيسي ونوال المتوكِّل وليلى السليماني… اللواتي بينَّ عن علُوِّ كعبها في الموسيقى، في العلم، في الرياضة، في الآداب…
وحتى في عهد الرسول (ص) وفي عهد الخلفاء الراشدين، كانت هناك نساء وصحابيات كن مشهورات ولا يمكن الاستغناء عن تأثيرهنَّ على مجرى التاريخ. أذكر من بينهن السيدة خديجة، أول زوجة للرسول (ص) والتي كانت من كبار تجار قريش وساعدت الرسول (ص) على نشر رسالة الإسلام، وعائشة بنت أبي بكر الصِّديق وزوجة الرسول (ص). ألم يكن لها دور حاسم في مجال السياسة بعد وفاة الرسول (ص)؟ وملكة سبأ التي جاء ذكرُها في التوراة والإنجيل والقرآن الكريم. ألم تكن من كبار ملوك الماضي. ألم تبسط نفوذَها على مملكة امتدَّت من اليمن إلى إثيوبيا وإريتريا؟
فهل سنصدِّق الواقعَ أم ما جاء به علمُ وفِقهُ علماء وفقهاء الدين القدامى وسار على نهجهم الحاليون؟ الواقع فرض ويفرض وسيفرض نفسَه على الجميع، طال الزمان أم قَصُرَ!