المصطفى تكاني... تقـديم كتاب "مختارات من الشعر العربي - قصيدة وشاعر "

المصطفى تكاني... تقـديم كتاب "مختارات من الشعر العربي - قصيدة وشاعر " غلاف الكتاب

محاولة قراءة الشعر العربي ؛ من خلال بعض القصائد في هذا العمل المتواضع المعتمِد أساسا على جمع وإعداد مختارات شعرية لقصائد عُدَّت من بين عيون الأدب العربي عبر التاريخ ؛ هي عـودةٌ إلى الأصالة والينابيع الثــرة من العواطف والصـور والأخيلة ، وقد قيل قديما : إن " الشعر ديوان العرب " ، لأنه اكتنز أطيافا من الأخبار والأحـداث والملاحم ، وعَكَسَ صُورا من الأحاسيس والمُثُل والأعراف .

لقد صور الشاعـرُ من خلال قصائده نُـزُعـاً مــن القيم و التمثلات لتمجيد الذات والحياة في أجلى معانيها . ووَهَبَ من خلالها لقُـرائه مجدا ثَـريا توارثَـه الخلفُ عن السلف في كل زمان ومكان ؛ وضمَّ نَـخْـبا من المعاني والألفاظ والأوتار ، ومن نغمِ القيتارة والمزمار ؛ ليهيم بها ويَـثْـمَـل كلُّ متيم بالكلمة والفن ليطرب على أعنة القوافي بألفاظٍ خَلوصٍ من أدْران وشوائب النفس .

ولأن الشعر ذَهَبٌ لا يصدأ فـهـو صَـقْـلُ الإنسان من صــدإ الحياة ؛ وهوعموما شعر كما هو قديما وحديثا ؛ إنما هي الأحاسيس والعواطف تتلون بحالات الفرد والذات بالآخر ومعه ؛ شخصا أو حدثا أو موضوعا . والأدب عامة هو صور فنية لتبيان معنى المعنى وظل الكلام .

حاولت خلال هذا العمل المتواضع جمع قصائد عبر التاريخ العربي منذ عصر الجاهلية إلى الآن ، فوقفت لانتقاء قصيدة دُرَّة وُسْطى من ديوان شاعر فذ ؛ عَكَسَتْ ما ارتبط بحدثٍ أو حالة مَيَّزَتْ جُمانَ قصائده . وقد ضَّـمَّـنْتُ هذه المختارات نماذجَ من قصيدة النثر التي عرفها الأدب العربي مع بداية الستينيات من القرن الماضي ؛ لتشهد على هذا التحول الذي عرفته بنية القصيدة العربية شكلا ومضمونا . وحاولتُ أن أسترجع مع القراء مجموعــة من القصائد التي أثْـرَتْ مسارَ تكوين جيل عايشنا أحلى فترات الدراسة منها ؛ لننفض بها الغبار عن صدإ الحياة .

وحرصت على جمع القصائد من مَضانِّها وما امتلكته من مراجع مشهود لها بالتحقيق والتدقيق ، ولم أطنب القول في الشاعر إلا ما هو زَبَدُ المعرفة به ، وبشعره ، وبأحداثه لترك المسافـــة العلمية للباحثين والدارسين الثـقاة في تمحيص مواردها .

وأبقيت بعض القصائد المختارة كاملةً لقصرها ، أو الاجتزاءَ بمنتخباتٍ منها ؛ سَلِس فهمُها ، أو معبرة في علاقتها بالحدث المختار . أعقبتها شروحا لغوية لما استغلق من كلمات على القارئ ، بعيدا عن الشروح والتحاليل السياقية احتراما لذكاء وذوق وعلم القارئ العادي . وتضمنتها أو خـتـمـتُـها ببعض المراجع المشار إليها ؛ على أساس أنها منافذ موارد معرفة ودراية تفصيلية ؛ متى دعت الضرورة . كما حرصت على ترتيب الشعراء في هذا العمل ترتيبا زمنيا لفترات حياتهم المسجِّــلةِ لوفاتهم .

آمل أن يجد أصدقائي القراء وخلاني الأعزاء ضالتهم في تذكار سنوات عمرهم في هذه القصائد المسمطات/ المذهبات في تاريخ الأدب العربي . فهو عمل لم أرد منه كسبا ماديا ولا غيره ؛ كما سبق أن أسلفت ذلك في جميع ما قدمته من أعمال متواضعة ؛ تذكيرا فقط لما قال أبو العلاء المعري في رسالة الغفران : " من بَــغَـى أن يتكسب بهذا الفن فقد أودعَ شَــرابَــه في شَــنٍّ غـيــرِ ذي ثِـقــةٍ على الــوديعة ، بل هي منه في صاحب خَـديـعــــة ... " .