مصطفى المصموضي: وضعية موظفي الجماعات الترابية بين تنكر وزارة الداخلية و لامبالات الحكومة

مصطفى المصموضي: وضعية موظفي الجماعات الترابية بين تنكر وزارة الداخلية و لامبالات الحكومة مصطفى المصموضي
 خلدت الشغيلة المغربية هذه السنة عيدها الاممي لفاتح ماي على ايقاع خطاب نقابي  احتجاجي يعبر عن استنكاره هزالة حصيلة جلسة ابريل التفاوضية، في المقابل عرضت الحكومة المغربية اهم الاتفاقات والامتيازات التي استفاذت منها شغيلتها عامة  وموظفيها خاصة، لتشجيعها على مزيد من العطاء،حسب تصريحها، لمواصلة بناء وطن مشترك قادر على رفع التحديات التنموية في زمن لا يسمح فيه بالتراخي في تنزيل سياسة تنموية ناجعة أساسها العنصر البشري . وكما جرت العادة قدم الناطق الرسمي باسم الحكومة ليلة فاتح ماي تصريحا حكوميا عرض فيه اهم المنجزات الاجتماعية والمطالب العمالية التي تم التوافق حولها او تنفيذها من طرف الحكومة المغربية خلال السنة الجارية والسنة الفارطة. تقرير يمكن وصفه بالديماغوجي يحمل من لغة التمويه ما لا يطيق استيعابه عاقل. حاول  الناطق الرسمي من خلاله سرد اهم الاتفاقات المنجزة مع النقابات، مدرجا خلاله مكسب وهمي بالنسبة لقطاع الجماعات الترابية مدرجا اياه كإنجازا حكومي تحقق بالنسبة لشغيلة قطاع الجماعات الترابية، حيث صرح السيد الوزير بملء فمه ومن خلال بيان الحكومة كذلك، انه سينعقد لقاءا تفاوضيا يوم 13 ماي مع نقابات هذا القطاع دون تحديد حتى طرف الحكومة على طاولة المفاوضات، الغريب انه عرض  كإنجاز لصالح موظفي  الجماعات الترابية ، وعليه ولان الحكومة بهذا التصريح الاستفزازي اتجاه هذا القطاع لا يمكن سوى جوابها بأسلوب سخرية برنادشو بتقديم احر الشكر لها كونها قبلت الجلوس الى طاولة الحوار مع موظفي قطاع خاضعين لنفس مقتضيات ظهير 58 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية، في ظل دستور مغربي اهم مقتضياته، الامن القانوني والذي لا يمكن ان يتحقق سوى من خلال تحقيق مبدا المساواة وعدم التمييز الذي يستشف بصورة واضحة وفاضحة من طرف كل  قارئ ومتتبع للتصريح الحكومي وبيانها، عند مقارنة الامتيازات الممنوحة لمجوعة من القطاعات دون استفاذة  موظفي الجماعات الترابية منها، سناتي على ذكرها سواء المضمنة في تصريح  الناطق الرسمي للحكومة، او تلك التي حاول إخفاءها حتى لا يتضح حجم التمييز الذي اصبح يعيشه موظفي الجماعات الترابية كقطاع بالوظيفة العمومية. فإذا كان قطاعي التعليم والصحة كما جاء في التصريح  استفادت من تعويضات تم تضمينها بنظامهما الأساسيين تراوحت بين الف وخمس مئة درهم وثلاثة الف درهم شهريا بشكل جزافي، حسب الدرجات، اذ اعتبرتها الحكومة إنجازا مهما، فالمسكوت عنه في التصريح بخصوص الزيادات والامتيازات التي تم منحهما لقطاعي المالية والعدل اعلى بكثير حيث تجاوز الفارق بالنسبة لأعلى اجر بالمالية والعدل 6000 درهم مقارنة مع اعلى اجر بالجماعات الترابية مثلا بالنسبة لمتصرف من الدرجة الأولى مقارنة مع متصرف المالية  او منتدب قضائي درجة أولى، نفس الفارق المهول نجده بين ادنى اجر بالجماعات الترابية مع ادنى اجر بالقطاعات الاخرى حيث يتجاوز الفين درهم بين السلم 6 بالقطاعين. هذه الهوة الساحقة في الفرق في الاجور بين موظفي قطاع الوظيفة العمومية، حاول التصريح الحكومي إخفاءه والتغطية عليه بالكلام عن متوسط الاجر الذي حدده في عشرة الاف درهم، معطى ممكن جعله حجة ودليل اخر على الحيف الذي يعيشه موظفي قطاع الجماعات الترابية، لان أعلى اجر بقطاع الجماعات الترابية هو نفسه متوسط الاجر بالقطاع العام. إن لغة الأرقام وجدها الانسان لضمان صدق الحقائق غير ان استعمالها من طرف الحكومة اصبحت لغة لتزييف الحقائق او يمكن وصفها بلغة ديماغوجية الزيف. 

فلعلم الحكومة ان قيمة أجرة موظف بالجماعات الترابية امست اقل من محصول سنة من ثمار شجرة أشرف هو على غرسها في إحدى حدائق المجال الترابي جماعته، كما يجب ان يعلم الراي العام الوطني ومنظمات المجتمع المدني والحقوقي ايضا ان اعلان نوايا الحوار مع قطاع الجماعات الترابية الذي عبر عنه الناطق باسم الحكومة باعتباره انجاز يجعلنا نتصوره كقطاع لكائنات فضائية وليست جزء من الوظيفة العمومية المفروض ان يتم إعلان عن استفادة كل قطاعاتها من نفس الامتيازات بنفس تاريخ المفعولية و على قدم المساواة احتراما لمضامين الدستور. إن كل متتبع للتصريح الحكومي  لا يمكنه اغفال ارتباك وتلعثم السيد الناطق الرسمي اثناء ذكر موظفي قطاع الجماعات الترابية في تصريحه ولا يمكن إيجاد تأويل لارتباكه سوى في نظريات علم النفس التي وجدت تأويلا سابقا للمس المتكرر  للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لأنفه كلما أجاب عن سؤال اثناء استجوابه بالكونغريس على خلفية قضية مونيكا لوينسكي عندما كان يحاول اخفاء حقيقة تحرشاته. يجب ان يعلم الجميع أيضا ان التفاوض مع وزارة الداخلية يخضع لمزاجيتها تحت إشراف موظفين بالمديرية العامة للجماعات الترابية نلتمس لهم العذر كونهم لا يملكون القرار السياسي لاتخاذ قرارات وإيجاد مخرجات للحوار وتحريك عجلة حوار مرتبك، منذ اتفاق 2019 وهو يراوح مكانه بين تعطيل غير مبرر ومقترح نظام أساسي لا تسمح الوضعية القانونية والدستورية للنصوص المرتبط بها بإصداره. 

 وعليه، لقد آن الأوان لإيجاد حلول جدية من اجل تحسين الوضعية المادية لموظفي هذا القطاع المهم على غرار قطاعي المالية والعدل او اعلان اعفاء موظفيه من خدمة الوطن والصالح العام. 

هل يعلم وزير الداخلية والحكومة معه ان قطاع الجماعات التربية وموظفيه هم الوحيدين ضمن باقي قطاعات الوظيفة العمومية الذين يخضعون لمراقبة ثلاثية   وتقارير من ثلاث مؤسسات وهي المفتشية العامة لوزارة الداخلية وإدارة المالية إضافة إلى المجلس الأعلى للحسابات، كما انه الموظف الوحيد الذي تسري عليه جميع النصوص الجنائية التي يخضع لها كل قطاع حكومي فيما يخصه. انها معادلة غريبة يخضع لها موظف الجماعات الترابية،  تتلخص في مسؤولية جنائية أكبر واجرة اقل. إن قطاع الجماعات الترابية لم يعد ذلك القطاع الذي يتكون من عمال وموظفين غير مؤهلين ولا يملكون شواهد، فقد أصبح قطاعا يحتوي على أطر ذات تكوين عالي من أطباء وخريجي جامعات من متصرفين ومهندسين وتقنيين متخصصين، ومساعدين اداريين وتقنيين، لهم من التجربة أفضل من باقي القطاعات التي تغدق عليها الحكومة بالتعويضات لضمان فقط امن المعلومات باداراتها. 
 
خلاصة، إن ازدواجية المعايير التي تنهجها الحكومة  بقطاع الوظيفة العمومية يجعلها تقع في الاخلال بالمبادئ الدستورية والتزامات المغرب الدولية بخصوص قضايا التمييز على اساس المهنة والجنس، ولتجاوز هذا الوضع الحكومي المتناقض يفترض اخراج في الوقت القريب نظام تعويضات منصف لموظفي هذا القطاع ، عوض استعمال  كلمات فضفاضة على شكل وعود بتحسين شروط العمل.
مصطفى المصموضي، متصرف لوزارة الداخلية ملحق لدى الجماعات الترابية.