من مناورات "الأسد الإفريقي" إلى تحالفات الكبار.. القوات المسلحة الملكية تكتب فصلاً جديدًا في القوة والنفوذ

من مناورات "الأسد الإفريقي" إلى تحالفات الكبار.. القوات المسلحة الملكية تكتب فصلاً جديدًا في القوة والنفوذ واكبت القوات المسلحة الملكية، التحولات الرقمية بإطلاق أول تمرين وطني للدفاع السيبراني "Cyberdef-24"
على مدى الخمسة عشر عامًا الأخيرة، رسمت القوات المسلحة الملكية المغربية مسارًا صاعدًا نحو التحديث والاحترافية، من خلال استراتيجيات متكاملة شملت التكوين، اقتناء أحدث المعدات، وتوسيع شبكة الشراكات العسكرية عبر العالم.

من مناورات "الأسد الإفريقي" إلى تمارين الدفاع السيبراني والتعاون مع حلف الناتو، عزز المغرب موقعه كفاعل محوري في الأمن الإقليمي.

رحلة تكشف كيف مزجت المؤسسة العسكرية المغربية بين التحديث الصلب والدبلوماسية العسكرية الناعمة لمواجهة تحديات عالمية متزايدة التعقيد.

فبتعليمات من الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، اتبعت القوات المسلحة استراتيجية شاملة للتحديث العسكري وتعزيز قدراتها الدفاعية، بالتوازي مع توسيع شبكة تعاونها الإقليمي والدولي. فقد تميزت الفترة الممتدة من 2010 إلى 2025 بجملة من التكوينات، التدريبات، الصفقات العسكرية، والمبادرات الدبلوماسية التي وضعت المغرب في مصاف الدول ذات الحضور المتنامي في الساحة العسكرية الدولية.
شكّلت عملية تحديث الترسانة العسكرية أولوية قصوى، حيث شهدت هذه الفترة تدشين فرقاطة "طارق بن زياد" سنة 2011، تلتها مشاريع أخرى، مثل اقتناء بارجة "وادي ماسة" لتحلية مياه البحر سنة 2016. كما انخرط المغرب في تطوير قواته الجوية من خلال اقتناء طائرات بدون طيار متطورة من طراز "بيرقدار أكينجي" التركية، إضافة إلى استلامه مروحيات قتالية AH-64E "أباتشي" سنة 2025. كما دعم الدفاع الجوي بشراء صواريخ جو-جو من طراز AIM-120C-8 وصواريخ دفاعية FIM-92K Stinger، مما يعكس توجه المملكة نحو امتلاك وسائل ردع متطورة.

 
كما عزز المغرب حضوره على الساحة الدولية بتوقيع اتفاقيات تعاون مع عدد من القوى العسكرية الكبرى. ففي 2020، وقّع مع الولايات المتحدة خارطة طريق للتعاون العسكري لعقد كامل لتصل عدد اللقاءات التي جمعت الجيش الأمريكي والمغربي أزيد من 31 لقاء خلال هذه الفترة دون احتساب مناورات واجتماعات "الأسد الإفريقي". وتوسعت شبكة الشراكات لتشمل توقيع مذكرات تفاهم مع إسرائيل في مجالات الدفاع ونقل التكنولوجيا، كما نسج اتفاقيات تعاون مع رومانيا، البرتغال، بلجيكا، الرأس الأخضر، أذربيجان، وموريتانيا. ومن جهة أخرى، حافظ المغرب على حضوره النشط في مبادرة "5+5 دفاع"، ومختلف المنتديات الإقليمية.

خلال هذه الفترة، حافظت مناورات "الأسد الإفريقي" المشتركة مع الولايات المتحدة على زخمها السنوي حيث وصلت إلى أزيد من 19 نشاط عسكري مرتبط بهذا الحدث المهم، حيث تحولت إلى أكبر تمرين عسكري بالقارة الإفريقية بمشاركة آلاف الجنود من عشرات الدول. وشهدت السنوات الأخيرة أيضاً تنظيم مناورات "جبل الصحراء" مع بريطانيا، وتمارين "شيبيك" مع فرنسا، فضلاً عن تدريبات بحرية مشتركة مع إسبانيا وحلف الناتو، ما ساهم في تعزيز قابلية التشغيل البيني بين الجيش الملكي وجيوش الحلفاء.

واكبت القوات المسلحة الملكية، التحولات الرقمية بإطلاق أول تمرين وطني للدفاع السيبراني "Cyberdef-24"، مستقطباً خبراء محليين ودوليين، بما يعزز مناعته ضد التهديدات الرقمية. هذا التمرين عكس مدى وعي القيادة العسكرية بأهمية الأمن السيبراني ضمن معادلة الدفاع الشامل.

ترافقت هذه الدينامية مع احتضان المغرب لعدد من المؤتمرات الدولية، مثل الاجتماعات الدورية لمبادرة "5+5 دفاع"، ومنتدى مدراء الكليات الحربية الإفريقية، حيث ناقش الضباط السامون موضوعات استراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي في الدفاع.

حرصت القوات المسلحة الملكية على أداء دور محوري في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، من خلال التعاون مع دول الساحل وغرب إفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. كما تم تعزيز قدرات القوات الخاصة عبر تدريبات متخصصة في التعامل مع التهديدات العابرة للحدود.