الخـاصيـة الأولى تـتـجـلـى فـي وجــود اتــحـادات قـبلـية ممتدة تجسدت في مصمودة و صنهاجة و زناتة و التي انـتـشرت تفريعاتها في مختلف مناطق المغرب. فقبائل مصمودة كانت تتنتقل مابين جـبـال الـريـف و الـسـهول الأطـلـسـيـة و الأطـلـس الكـبـيـر، وصنهاجة كانت تعيش في جنوب المغرب، و قبائل زناتة كانت مستقرة بالمغرب الشرقي
الخـاصية الـثـانـية هـو أن الـكـيان القبلي في المغرب اتسم باختزانه لمكونات تنظيمية مستقلة تقوم بالأساس على: الاستقلال بمجال ترابي خاص، الخضوع لبنية تنظيمية مستقلة ( الجماعة)، والشعور بالانتماء المشترك ( الوعي القبلي).
و من ثـمـة، فـإن الـهـاجـس الـرئـيسي للدولة في المغرب، وذلك عبر مختلف مراحل تطورها، كان يتلخص في كيفية الـتـعـامـل مع هـذا "الند السياسي" سـواء مـن خـلال الـعـمـل عـلـى توحيده ( التجربة المرابطية و الموحدية) أو مـحـاولـة تــوظيفه و تفكيكه ( التجربة السعدية و العلوية ). و هـذه الـوظيـفـة الـتاريـخـيـة التي التصقت بالـدولة الـمـغربـيـة مـيـزتها عن باقي دول المنظومة المتوسطية، إذ أن الدولة في أوربا ( وخاصة في بلدان كإسبانيا و البرتغال و فرنسا) اهتمت بالأساس على إخضاع الكنيسة و الإقطاع في حين عملت الدولة بالمغرب على إخضاع الكيان القبلي لمنطقها أيديولوجيا وسياسيا.
أما بخصوص كتاب "الدولة الملكية بالمغرب بين التكريس الدستوري والشرعية السياسية"، لنفس الباحث محمد شقير، فإنه يتطرق إلى العراقة السياسية للدولة المغربية. حيث تعتبر الدولة المغربية والدولة المصرية الدولتان الأكثر عراقة ضمن دول منطقة شمال افريقيا. وقد عبر بول بالتا عن هذه الخاصية عندما أشار إلى ما يلي:"هـناك بـلـدان يـتـمـيـزان بـمـوقع جـغـرافي و بعمق تاريخي، ويحتلان مكانة خاصة بشمال القارة الأفـريـقـيـة: فـفـي الشـرق هـناك مصر، و في الغرب هناك المغرب الذي يعتبر أول دولة تشكلت في الغرب الإسلامي.
ومن خلال هذا التاريخ السياسي العريق والضارب في القدم، كان هناك ارتباط وثيق بين الدولة والملكية التي عملت على توحيد مجالها السياسي من خلال ما تمتعت به من سلطات شبه مطلقة، وما حظيت به من شرعية سياسة. وقد تم تقسيم هذا البحث إلى أربعة فصول:
الفصل الأول: ارتباط الدولة بالملكية بالمغرب.
الفصل الثاني: الملكية التنفيذية بالمغرب
الفصل الثالث: التكريس الدستوري للمؤسسة الملكية بالمغرب
الفصل الرابع: السلطة الملكية وتدبير الماء بين الرمزية والشرعية.