أعادت مباراة "نهضة بركان" ضد "شباب قسنطينة" الجزائري، لحساب ذهاب نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، الجدل من جديد للمواجهات المغربية الجزائرية، بعد أن حولها جيراننا إلى ما يشبه "قضية وطنية"، بعدما حظي الفريق الجزائري بدعم رسمي واسع النطاق، شمل سلطات البلاد، وعلى رأسها وزارة الرياضة والاتحاد الجزائري لكرة القدم. لقد تبين أن المباريات التي تجمع أندية البلدين ومنتخباتهم تتجاوز حدود نطاق لعبة كرة القدم إلى "مواجهة" يتجند لها إعلام الجزائر والنظام العسكري الحاكم، فيعلنون حالة استنفار قصوى تجعل الرياضة عاجزة عن إصلاح ما أفسده السياسيون.
"الوطن الآن" تعيد ترتيب بؤر التوتر والانفراج في المواجهات الكروية المغربية الجزائرية.
الحكومة الجزائرية تتكفل بمصاريف رحلة فريق قسنطينة إلى المغرب
قبل أن يشد شباب قسنطينة الجزائري، الرحال إلى المغرب لمواجهة النهضة البركانية، أعلن وليد صادي، رئيس الاتحاد الجزائري، خلال مأدبة عشاء أقامتها ولاية قسنطينة على شرف الفريق، أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم سيتكفل بمصاريف تنقل النادي إلى المغرب ذهابا وإيابا من أجل خوض مباراة الذهاب أمام نهضة بركان، كما استأجر الاتحاد الجزائري طائرة خاصة بنقل البعثة الرياضية الجزائرية من قسنطينة إلى وجدة.
وقال صادي، في كلمة ألقاها أمام الإعلام الجزائري: "شباب قسنطينة اليوم لم يعد فقط فريق المدينة، بل بات شباب الجزائر كلها، وجب على جميع الجزائريين دعمه من أجل أن يشرفنا ويبلغ النهائي ويتوج بالكأس".
وأضاف المتحدث: «الفريق يحظى بدعم جميع الجزائريين، من والي قسنطينة، والسلطات الأمنية، والولائية، والبلدية، إلى كل أبناء الجزائر من جنوبها إلى شرقها».
وتناوب على منصة الخطابة والي قسنطينة، الذي أعلن دعم سلطات الولاية الكامل للفريق، ووعد بمنح وتحفيزات مالية إضافية في حال تمكن الفريق من العودة ببطاقة التأهل إلى النهائي على حساب نهضة بركان.
كشفت تصريحات المسؤولين حجم الاستنفار الرسمي المرافق لمباراة كروية، ما اعتبره متابعون «شحنا مفرطا» في مواجهة رياضية عادية في منافسة قارية، في الوقت الذي يرى فيه البعض أنه نوع من الضغط العالي على لاعبي الفريق الجزائري الذي تعوزه التجربة الإفريقية التي تساعده على التعامل مع مثل هاته المباريات ذات الطابع الحساس.
هذا الاستنفار المبالغ فيه جاء في وقت كان فيه الفريق البركاني يستعد للمباراة في أجواء عادية جدا وكأنها مباراة تدخل في خانة مباريات الدوري المغربي، أكثر من ذلك فقد خص ممثل الكرة المغربية نهضة بركان خصمه الجزائري الذي حل يوم الجمعة 18 أبريل 2025، بمطار وجدة أنجاد عبر رحلة جوية خاصة، الإفريقية باستقبال حافل، إذ عبر مسؤولو النادي القسنطيني عن سعادتهم بحفاوة الاستقبال، مثمنين المجهودات المبذولة من قبل إدارة نهضة بركان وسلطات مدينة وجدة.
وفي تصريح رسمي، أكد خير الدين مضوي مدرب نادي شباب قسنطينة الجزائري أن «هذا الاستقبال ليس غريبا عن أشقائنا في المغرب، وهو يعكس الروح الرياضية العالية التي تسود هذا الدور الحاسم من المنافسة الإفريقية».
حفاوة استقبال.. مقابل احتجاز في مطار هواري بومدين
حين كان مسؤولو اتحاد العاصمة الجزائري يستعدون لردة فعل من المكتب المسير للنهضة البركانية، بسبب ما تعرض له الفريق المغربي في مطار هواري بومدين بسبب أقمصة تتضمن خريطة المغرب الكاملة، ما عرقل إجراء لقاء ذهاب نصف نهائي «كأس الكاف» بين الطرفين المغربي والجزائري.
نسي البركانيون واقعة الاحتجاز، وخصصوا لفريق اتحاد العاصمة الجزائري لكرة القدم وطاقمه حفاوة استقبال بطقوس الحليب والتمر وشعارات الترحيب، وفق العادات المغربية، ما أثار استغراب الضيوف الذين كانوا يستعدون لهجوم مضاد من المغاربة.
نال الترحيب إعجاب المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وأثبت إصرار الشعب المغربي على مبادلة الضغينة بالترحاب، وعدم القيام أي رد فعل ينافي قيم أمة أصيلة، وهو ما علق عليه متابعون بالقول: «الجزائر أقحمت السياسة قسرا في الرياضة، لكن المغرب باستقبال يليق بقيم شعب أصيل، نزعت فتيل السياسة وأصرت أن تبقى الكرة جسرا للتآخي.»
في يوم المباراة رفض لاعبو الفريق الجزائري دخول الملعب بسبب الخريطة المغربية، وفضلوا الهزيمة على مواجهة نهضة بركان، تنفيذا لتعليمات صارمة من حكام الجزائر لا تقبل الاجتهاد.
حين استضافت بوركينا فاسو منتخب الجزائر في مدينة مراكش
في شتنبر 2021 حط المنتخب الجزائري الرحال في مراكش لمواجهة منتخب بوركينا فاسو. قبل هذا التاريخ بدل الاتحاد الجزائري مجهودا كبيرا لإقناع الاتحاد البوركينابي على تغيير الوجهة المغربية، ووضعت أمامه عدة مغريات لخوض المباراة في الجزائر، لكن «الكاف» كان قد وضع البرمجة النهائية التي لا تقبل التعديل.
الاستقبال الذي حظي به منتخب الجزائر في مراكش، تحول إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أشاد عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الجزائريين بالاستقبال الذي حظي به منتخب بلادهم، يوم الإثنين 6 شتنبر 2021 في مدينة مراكش، والتي حل بها جيراننا استعدادا لمواجهة بوركينا فاصو، برسم الجولة الثانية من التصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم قطر 2022.
تفاعل عدد من الجزائريين مع مقاطع «فيديو» من عين المكان توثق لوصول لاعبي «الخضر»، وكيفية استقبالهم من طرف مسؤولين مغاربة.
رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، السابق شرف الدين عمارة، أدلى بتصريحات لوسائل الإعلام المغربية في مطار مراكش المنارة وقال: «سعيد بهذا الاستقبال الرائع، نشعر أننا بين أخوتنا، وكأننا سنلعب المباراة في الجزائر، نفس الأجواء ونفس الأرض والشعب، لا نشعر بوجود اختلاف كبير بيننا».
جمهور نادي الجيش الملكي يروي عطش أنصار اتحاد العاصمة الجزائري
قال عبد الحق بن شيخة، مدرب اتحاد العاصمة الجزائري، إن فريقه استحق التأهل لنصف نهائي كأس الكونفيدرالية لكرة القدم، رغم خسارته أمام مضيفه نادي الجيش الملكي بنتيجة 2/3، في إياب ربع نهائي مسابقة كأس الكونفدرالية. وأضاف بن شيخة، في تصريحات تلفزيونية بعد المباراة: «مبروك علينا التأهل و«هاردلك» للجيش. سعيد بأداء اللاعبين، سيرنا المباراة بذكاء، وأعتقد أننا نستحق التأهل. جمهور نادي الجيش الملكي أبهرني فقد صفق لنا في النهاية وهذه صورة جميلة بين فريقين شقيقين».
كان اتحاد الجزائر قد فاز ذهابا بحصة 2/0، ليتأهل بنتيجة 4/3 في مجموعة المباراتين، ويصعد لمواجهة أسيك ميموزا الإيفواري في الدور نصف النهائي لكأس الكاف نسخة 2023.
خلال مجريات المباراة وزع جمهور الجيش الملكي على جمهور اتحاد العاصمة قنينات الماء، في يوم حار صادف لقاء إياب ربع نهائي كأس الكاف. ونشرت مجموعة من صفحات أنصار اتحاد العاصمة مقاطع فيديو تظهر سخاء وكرم الجمهور المغربي إبان تواجدهم في الرباط.
مولودية وجدة..الفريق المغربي الأكثر استضافة للجزائريين
بالنظر لوجودها في الحدود المغربية الجزائرية، ظل فريق مولودية وجدة يستقطب لاعبين ومدربين من الجزائر، كما تبادل مع عدة أندية جزائرية الزيارات ومعاهدات التعاون الرياضي.
كانت أول زيارة لوفد رياضي إلى الجزائر بعد فتح الحدود التي كانت قد أغلقت سنة 1975 ويذكر أبناء مولودية وجدة حين حل فريقهم بمدينة وهران شهر ماي 1983، والاستقبال الحاشد الذي خصص لهم أمام مقر بلدية وهران. كانت الزيارة بدعوة من عمدة ومجلس عاصمة الغرب الجزائري، حيث شارك فريق وهران في دوري ودي بمشاركة كل من: المولودية الوجدية ومولودية وجمعية وهران وفريق نيم الفرنسي الذي كان يمارس بالقسم الأول للبطولة الفرنسية.
توجه الفريق الوجدي إلى وهران برا، مؤازرا بأنصاره وبفريق المولودية الوجدية لكرة اليد، حيث واجه بموازاة مع مباراة كرة القدم، فريق مولودية وهران لكرة اليد الذي كان بطلا للجزائر وإفريقيا والنواة الاساسية للمنتخب الجزائري.
كانت أول زيارة لوفد رياضي إلى الجزائر بعد فتح الحدود التي كانت قد أغلقت سنة 1975