فرحات مهني: قد نعلن استقلال القبائل فـي 2025

فرحات مهني: قد نعلن استقلال القبائل فـي 2025 فرحات مهني، زعيم حركة "الماك"
في‭ ‬خضمّ‭ ‬التوترات‭ ‬المتصاعدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عسكر‭ ‬الجزائر،‭ ‬وصعود‭ ‬خطاب‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬يواصل‭ ‬زعيم‭ ‬حركة‭ "‬الماك‭"‬،‭ ‬فرحات‭ ‬مهني،‭ ‬إثارة‭ ‬الجدل‭ ‬بمواقفه‭ ‬الصريحة‭ ‬والداعية‭ ‬إلى‭ ‬استقلال‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭.‬
في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الحصري‭ ‬مع‭ ‬‮
«‬الوطن‭ ‬الآن‮»‬‭ ‬و«أنفاس‭ ‬بريس‮»‬‭ ‬يردّ‭ ‬القبايلي‭ ‬مهني‭ ‬على‭ ‬اتهامات‭ ‬‮ ‬‭"‬الإرهاب‭" ‬الصادرة‭ ‬بحقه،‭ ‬ويتحدث‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬إعلان‭ ‬الاستقلال‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد،‭ ‬وعن‭ ‬الدعم‭ ‬المغربي‭ ‬لقضيته،‭ ‬وعن‭ ‬أسباب‭ ‬تأييده‭ ‬لتطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬كما‭ ‬يكشف‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ "‬المؤامرات‭" ‬الجزائرية‭ ‬المزعومة‭ ‬ضد‭ ‬فرنسا،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ "‬القبائل‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬عامل‭ ‬زعزعة،‭ ‬بل‭ ‬رافعة‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭".‬‮ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬الحوار‭:‬
 
 
‬محكمة‭ ‬جزائرية‭ ‬حكمت‭ ‬عليكم‭ ‬مؤخرًا‭ ‬غيابيًا‭ ‬بالسجن‭ ‬لمدة‭ ‬20‭ ‬سنة‭. ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ردكم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحكم؟
عدد‭ ‬الأحكام‭ ‬الصادرة‭ ‬بحقي،‭ ‬سواء‭ ‬بالإعدام‭ ‬أو‭ ‬السجن‭ ‬المؤبد‭ ‬أو‭ ‬السجن‭ ‬لعشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬كثير‭ ‬جدًا‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021‭. ‬إذا‭ ‬جمعناها،‭ ‬فهي‭ ‬تساوي‭ ‬عدد‭ ‬محاكمات‭ ‬السحر‭ ‬السياسي‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬نشطاء‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل،‭ ‬بمختلف‭ ‬توجهاتهم‭ ‬والذين‭ ‬يُعتبرون‭ ‬جميعًا‭ ‬منتمين‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬الماك (MAK)‭.‬
أتحدى‭ ‬السلطة‭ ‬الجزائرية‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬يثبت‭ ‬تورطي‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬إرهابي‭ ‬عنيف‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭.‬
‬نحن‭ ‬حركة‭ ‬تحرير‭ ‬وطنية‭ ‬سلمية،‭ ‬وهذه‭ ‬سابقة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬نحن‭ ‬كشعب‭ ‬قبائلي‭ ‬نطالب‭ ‬فقط‭ ‬بممارسة‭ ‬حقنا‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرنا‭.‬
الديكتاتورية‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬خطاب‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬لزعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬المغرب‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تقمع‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬نفسه‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالقبائل،‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬“الوحدة‭ ‬الوطنية”‭ ‬الزائفة‭.‬‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬الأحكام‭ ‬الصادرة‭ ‬ضدي‭ ‬وضد‭ ‬رفاقي‭ ‬هي‭ ‬أحكام‭ ‬سياسية‭ ‬بحتة،‭ ‬وليست‭ ‬جنائية‭. ‬وسوف‭ ‬تُلغى‭ ‬بنفس‭ ‬السرعة‭ ‬والسهولة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬بها،‭ ‬بمجرد‭ ‬زوال‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬إصدارها‭. ‬والدليل‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬النشطاء‭ ‬الذين‭ ‬وافقوا‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬انتمائهم‭ ‬لحركة‭ ‬الماك‭ ‬لحماية‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬من‭ ‬المصادرة،‭ ‬أُلغي‭ ‬حكمهم‭ ‬فور‭ ‬توقيعهم‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬الجزائرية‭.‬
‮ ‬
ما‭ ‬هي‭ ‬حججكم‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬باستقلال‭ ‬‮ ‬بلاد‭ ‬القبائل؟‮ ‬
لقد‭ ‬عرضنا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬ضمن مذكرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬للشعب‭ ‬القبائلي‮ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬الأسس‭ ‬التي‭ ‬تُبرر‭ ‬شرعية‭ ‬هذا‭ ‬المطلب‭. ‬وقد‭ ‬ورد‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬أن‭ ‬‮ ‬“رغبة‭ ‬القبائل‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬ليست‭ ‬نتيجة‭ ‬يقظة‭ ‬عرضية‭ ‬أو‭ ‬عابرة‭ ‬لشعب‭ ‬يحلم‭ ‬بالحرية،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تمثل‭ ‬عنصراً‭ ‬دائماً‭ ‬وجوهرياً‭ ‬من‭ ‬شخصيته‭ ‬وثقافته‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ“‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأسباب‭ ‬التاريخية،‭ ‬وخاصة‭ ‬استمرار‭ ‬الشخصية‭ ‬السياسية‭ ‬لمنطقة‭ ‬القبائل‭ ‬عبر‭ ‬العصور،‭ ‬وتأسيس‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1839‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تُضم‭ ‬إليه‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬32‭ ‬سنة‭ ‬بالقوة،‭ ‬هناك‭ ‬معطيات‭ ‬قانونية‭ ‬وسياسية‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن،‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القمع،‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬ضمن‭ ‬الكيان‭ ‬الجزائري‭. ‬إن‭ ‬إنكار‭ ‬وجودها‭ ‬ومصادرة‭ ‬حقوقها‭ ‬الطبيعية‭ ‬جعل‭ ‬القبائل‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬يوماً‭ ‬بأنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬فرنسا‭ ‬ولا‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1962‭. ‬وقد‭ ‬فشلت‭ ‬جميع‭ ‬السياسات‭ ‬المتبعة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1963‭ ‬لطمس‭ ‬هويتها‭.‬

الانتفاضات‭ ‬المتكررة‭ ‬التي‭ ‬ميزت‭ ‬تاريخها‭ ‬ضد‭ ‬الجزائر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستعمار‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬رغبتها‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭. ‬فبين‭ ‬عامي‭ ‬1963‭ ‬و1965،‭ ‬حملت‭ ‬القبائل‭ ‬السلاح‭ ‬ضد‭ ‬الجزائر‭ ‬بقيادة‭ ‬حسين‭ ‬أيت‭ ‬أحمد‭ ‬“جبهة‭ ‬القوى‭ ‬الاشتراكية“‭. ‬ومن‭ ‬1980‭ ‬إلى‭ ‬1985،‭ ‬تم‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬إلى‭ ‬القبائل‭ ‬في‭ ‬36‭ ‬مناسبة‭ ‬لقمع‭ ‬مظاهرات‭ ‬سياسية‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1993،‬نظّمت‭ ‬القبائل‭ ‬نفسها‭ ‬ضد‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬التيار‭ ‬الإسلامي‭. ‬كما‭ ‬قاطعت‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬1994-1995‭‬بالكامل‭ ‬مطالبة‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بحقوقها‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬خرجت‭ ‬مظاهرات‭ ‬ضخمة‭ ‬تنديداً‭ ‬باغتيال‭ ‬المغني‭ ‬القبائلي‭ ‬معطوب‭ ‬الوناس،‭ ‬وهو‭ ‬اغتيال‭ ‬نسبه‭ ‬الشارع‭ ‬بحق‭ ‬إلى‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الجزائرية‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬فقد‭ ‬اندلعت‭ ‬انتفاضة‭ ‬سلمية‭ ‬قبائلية‭ ‬قُتل‭ ‬خلالها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬متظاهراً‭ ‬وجرح‭ ‬6000‭ ‬آخرون،‭ ‬منهم‭ ‬1200‭ ‬أُصيبوا‭ ‬بإعاقات‭ ‬دائمة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬النظام‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬تم‭ ‬إحراق‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري‭ ‬باستخدام‭ ‬القوات،‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيّرة،‭ ‬والمروحيات؛‭ ‬والنتيجة:‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬قتيل‭ ‬ومئات‭ ‬المصابين‭ ‬بحروق‭ ‬خطيرة‭. ‬ويجدر‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬الجزائر‭ ‬ترفض‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إنشاء‭ ‬كيانات‭ ‬إدارية-سياسية‭ ‬جهوية‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تضطر‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمنطقة‭ ‬القبائل‭ ‬وتسميتها‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬اللغة‭ ‬القبائلية‭ ‬منكورة،‭ ‬ويُفرض‭ ‬على‭ ‬أطفالنا‭ ‬سياسة‭ ‬طمس‭ ‬للهوية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬مشروع‭ ‬إبادة‭ ‬ثقافية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭.‬

وأخيرا،‭ ‬فإن‭ ‬مئات‭ ‬المعتقلين‭ ‬السياسيين‭ ‬القبائليين‭ ‬اليوم‭ ‬هم‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬إرادتنا‭ ‬الثابتة‭ ‬في‭ ‬الاستقلال،‭ ‬وهي‭ ‬إرادة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬قمع‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬عليها‭.‬

بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬علمانية‭ ‬وديمقراطية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬ديكتاتورية‭ ‬عسكرية‭ ‬إسلامية‭. ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬تفهموا‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬تمثل‭ ‬النقيض‭ ‬للجزائر،‭ ‬وأن‭ ‬ارتباطهما‭ ‬يعني‭ ‬صراعاً‭ ‬وجودياً‭. ‬القبائل‭ ‬لا‭ ‬تطالب‭ ‬بموت‭ ‬الجزائر،‭ ‬بخلاف‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الجزائر‭ ‬تجاه‭ ‬القبائل،‭ ‬بل‭ ‬تطالب‭ ‬فقط‭ ‬بحقها‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬كجار‭ ‬مستقل،‭ ‬لا‭ ‬كمستعمرة‭ ‬تابعة‭ ‬لها‭. ‬ترون‭ ‬إذًا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬القبائل‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالجزائر،‭ ‬خصوصاً‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬مقاطعة‭ ‬جميع‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزائرية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وخاصة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2001‭. ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬ترى‭ ‬نفسها‭ ‬معنية‭ ‬بها‭.‬
 
‬وجهتم‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬سفير‭ ‬الجزائر‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تطلبون‭ ‬فيها‭ ‬تنظيم‭ ‬نقاش‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حول‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬للشعب‭ ‬القبائلي‭. ‬ما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة؟
كان‭ ‬ممثل‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يرأس‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي،‭ ‬وأعلن‭ ‬أن‭ ‬رئاسته‭ ‬ستُخصص‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬لمناقشة‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬والصحراويين‭. ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬المثل:‭ ‬الجمل‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬سنامه‭ ‬بل‭ ‬يرى‭ ‬سنام‭ ‬غيره‭. ‬لذلك‭ ‬ذكّرته‭ ‬بسنامه‭. ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتوهم‭ ‬أن‭ ‬طلبي‭ ‬سيُقبل،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التاريخية‭ ‬أن‭ ‬يُسجل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬شعبي‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬
‮ ‬
قرار‭ ‬لمحكمة‭ ‬بريطانية‭ ‬اعترف‭ ‬بالشعب‭ ‬القبائلي‭ ‬كشعب‭ ‬بالمعنى‭ ‬القانوني‭ ‬الدولي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭. ‬ما‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقضيتكم؟‮ ‬
لسنا‭ ‬أول‭ ‬شعب‭ ‬يتوجه‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬البريطاني‭ ‬المعروف‭ ‬بجديته‭ ‬ومصداقيته،‭ ‬لطلب‭ ‬رأي‭ ‬يعزز‭ ‬شرعية‭ ‬مطلبه‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭. ‬بسبب‭ ‬إنكار‭ ‬السلطة‭ ‬الجزائرية‭ ‬لوجود‭ ‬الشعب‭ ‬القبائلي،‭ ‬توجهنا‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬محايدة‭ ‬ونزيهة‭ ‬للفصل‭ ‬في‭ ‬النزاع‭. ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬كبير‭ ‬جدًا،‭ ‬فهو‭ ‬يحررنا‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬الانفصالية‭ ‬التي‭ ‬توجهها‭ ‬لنا‭ ‬السلطات‭ ‬الجزائرية‭. ‬مع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التهمة‭ ‬لا‭ ‬تهمنا‭ ‬أصلًا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬يمنحنا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شروط‭ ‬معينة،‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬استقلال‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد‭ ‬وقد‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة،‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬.2025‭‬
 
الجزائر‭ ‬تتهمكم‭ ‬دائمًا‭ ‬بتلقي‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬المغرب‭. ‬ما‭ ‬ردكم؟‮ ‬
كشعب‭ ‬يعشق‭ ‬الحرية،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬المغرب،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬يعترف‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬القبائلي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬ونحن‭ ‬نُقدّر‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭. ‬لكن‭ ‬دعمه‭ ‬سياسي‭ ‬فقط،‭ ‬ولا‭ ‬يُقارن‭ ‬بالدعم‭ ‬المالي‭ ‬والعسكري‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬الجزائر‭ ‬لجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬أو‭ ‬لحماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭. ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬مالي‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬تتقاطع‭ ‬مصالحها‭ ‬مع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬قبائلية‭ ‬مستقلة‭. ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬بعد،‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نفقد‭ ‬الأمل‭.‬
 
أعلنتم‭ ‬مرارًا‭ ‬دعمكم‭ ‬لتطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬وإسرائيل‭. ‬لماذا؟‮ ‬
لو‭ ‬كانت‭ ‬القبائل‭ ‬مستقلة،‭ ‬لكانت‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬تعترف‭ ‬بحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬ضد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين،‭ ‬بدافع‭ ‬عنصري،‭ ‬يحاولون‭ ‬تفكيكها‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬عامًا‭. ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬فعل‭ ‬عقلاني‭ ‬وإنساني‭ ‬وحضاري‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتجاوز‭ ‬مشاعر‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف‭ ‬لبناء‭ ‬علاقات‭ ‬حسن‭ ‬جوار‭.‬

القبائل‭ ‬تحترم‭ ‬جميع‭ ‬المعتقدات‭ ‬وجميع‭ ‬الشعوب‭ ‬وحقها‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬نفسها‭. ‬خروج‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬تصرف‭ ‬مسؤول‭ ‬ومبارك‭. ‬الخلافات‭ ‬تُحل‭ ‬دبلوماسيًا‭. ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬تُبرر‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬القصوى،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بدأوا‭ ‬بالحرب‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬حوار‭. ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬قبائلية‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬المتوسط‭ ‬وفي‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬سيكون‭ ‬عامل‭ ‬سلام‭ ‬واستقرار‭ ‬وتعاون،‭ ‬وليس‭ ‬عامل‭ ‬زعزعة‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬الجزائر‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬
 
‬تتهم‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬‮ ‬والمخابرات‭ ‬الجزائرية‭ ‬بمحاولة‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬فرنسا‭. ‬على‭ ‬ماذا‭ ‬تستند‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتهام؟
أنا‭ ‬لا‭ ‬أتهم،‭ ‬بل‭ ‬أنقل‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون‭ ‬بنفسه،‭ ‬حين‭ ‬هدد‭ ‬فرنسا‭ ‬باستخدام‭ ‬جاليته‭ ‬الكبيرة‭ ‬ضدها‭. ‬بل‭ ‬وصرّح‭ ‬مؤخرا‭ ‬بدعمه‭ ‬للشباب‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ضد‭ ‬فرنسا،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬الحماية‭ ‬والإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬ظهور‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬‮ ‬“المؤثرين“‭ ‬الجزائريين‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬هو‭ ‬تنفيذ‭ ‬فعلي‭ ‬لهذه‭ ‬التهديدات‭. ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬تبون‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الجالية‭ ‬الجزائرية‭ ‬المزعومة‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬المليونين،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬قبائلية‭ ‬ولا‭ ‬تستجيب‭ ‬لنداءاته،‭ ‬بل‭ ‬تسعى‭ ‬فقط‭ ‬لاسترجاع‭ ‬سيادة‭ ‬وطنها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬القبائل،‭ ‬وليس‭ ‬للانتقام‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬استعمارية‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭.‬
 
في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الإقليمي‭ ‬المعقد،‭ ‬كيف‭ ‬ترون‭ ‬مستقبل‭ ‬القبائل؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تفضلونها:‭ ‬التفاوض،‭ ‬أم‭ ‬الضغوط‭ ‬الدولية،‭ ‬أم‭ ‬الاستقلال‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد؟‮ ‬
لا‭ ‬نرى‭ ‬مستقبلا‭ ‬لمنطقة‭ ‬القبائل‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬استقلالها‭. ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬هو:‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة؟‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬الماك‮ ‬(MAK)‮ ‬وحكومة‭ ‬القبائل‭ ‬المؤقتة‭ ‬في‭ ‬المنفى‭ ‬“أنفاد“،‭ ‬فإن‭ ‬خيار‭ ‬العنف‭ ‬المسلح‭ ‬مستبعد‭ ‬تماما‭. ‬نفضل‭ ‬طريق‭ ‬التفاوض‭. ‬أما‭ ‬الضغوط‭ ‬الدولية،‭ ‬فهي‭ ‬وسيلة‭ ‬داعمة‭ ‬لمسارنا‭ ‬السلمي‭. ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مثالي،‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تجمعنا‭ ‬مائدة‭ ‬الحوار‭ ‬منذ‭ ‬زمن،‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لحالة‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬المتزايدة‭. ‬اليوم،‭ ‬أي‭ ‬تفاوض‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ضمانات‭ ‬دولية‭ ‬تضمن‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاتفاقات‭. ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬واصلت‭ ‬الجزائر‭ ‬رفضها‭ ‬القاطع‭ ‬لأي‭ ‬حل‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وسلمي‭ ‬لمستقبل‭ ‬الشعب‭ ‬القبائلي،‭ ‬فسنتجه‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬نحو‭ ‬إعلان‭ ‬الاستقلال‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عام‭ ‬1776‭ ‬ضد‭ ‬التاج‭ ‬البريطاني‭. ‬وأخيرا،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬خالد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬—‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مخطئًا‭ ‬—‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬نحن‭ ‬آخر‭ ‬حمائم‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬القبائل‭.‬