إيران والبوليساريو.... تحالف الميليشيات الذي يهدد الإستقرار الإقليمي والدولي

إيران والبوليساريو.... تحالف الميليشيات الذي يهدد الإستقرار الإقليمي والدولي يستخدم النظام الإيراني جبهة البوليساريو كامتداد استراتيجي لنفوذه العسكري
تتوالى التقارير حول تنامي العلاقة بين إيران وجبهة البوليساريو، ما يطرح علامات استفهام حول أهداف هذا التحالف وأبعاده على الإستقرار الإقليمي والدولي في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة، يبدو أن طهران تتجه نحو توسيع نطاق نفوذها الجيوسياسي عبر بوابة دعم الحركات الانفصالية والجماعات المسلحة بعد تراجع دورها في فلسطين وسوريا واليمن ولبنان.

وسيكون من التبسيط المُبالغ فيه اعتبار العلاقة بين إيران والبوليساريو قضيةً محلية فقط. فقد أصبحت شمال أفريقيا، وخاصة الجزائر وليبيا، بؤرةً ساخنةً للتجارة غير المشروعة في الأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر، وهي أنشطةٌ ترتبط عادةً بوكلاء إيران، والآن بشكل متزايد بجبهة البوليساريو أيضًا.

إضافة إلى تورط العديد من قادة جبهة البوليساريو في عمليات إجرامية عابرة للحدود الوطنية.

وفي تطور خطير، سلط تقرير لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الذي صدر في 17 أبريل 2025، الضوء مرة أخرى على التدخل الإيراني المتزايد في شمال أفريقيا، مسلطا الضوء على ظاهرة تثير قلقا متزايدا في المجتمع الدولي: استغلال النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وتدويله من قبل الجهات الفاعلة من الدول وغير الدول، وخاصة إيران وحلفائها.

وبحسب هذا التحليل المفصل، يستخدم النظام الإيراني جبهة البوليساريو ــ وهي حركة انفصالية مقرها مخيمات تندوف في الجزائر ــ كامتداد استراتيجي لنفوذه العسكري في المنطقة، مستفيداً من الدعم العملياتي لحزب الله وشبكة دبلوماسية نشطة بقيادة سفارته في الجزائر.

ووفقاً لتقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، سهلت إيران تسليم أسلحة متطورة إلى البوليساريو، والتي تم نقلها بالتعاون المباشر مع حزب الله، وهي المنظمة التي كانت بمثابة الجناح المسلح الإقليمي لطهران لعقود من الزمن. وتعمل السفارة الإيرانية في الجزائر، بحسب الوثيقة، كمركز لوجستي وتنسيقي لهذه العمليات.

وتشير كل الدلائل إلى أن هذه الإجراءات ليست حادثة معزولة، بل هي جزء من استراتيجية أوسع للتوسع الفارسي خارج حدود جوارها المباشر. بعد عملياتها في سوريا ولبنان واليمن ومنطقة القرن الأفريقي، تستهدف طهران الآن منطقة المغرب العربي والبحر الأبيض المتوسط، مستغلة الصراع المصطنع في الصحراء لزعزعة استقرار المغرب، اللاعب المركزي في بنية الأمن في شمال أفريقيا وحليف رئيسي للغرب.

والجدير بالذكر أن هذه الاكتشافات تعزز التحذيرات التي أطلقها المغرب منذ عام 2018، عندما قطعت المملكة العلاقات الدبلوماسية مع إيران بسبب شحن الأسلحة إلى البوليساريو عبر حزب الله. وفي عام 2022، ظهرت أدلة جديدة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية وتصريحات رسمية، تؤكد امتلاك الجماعة الانفصالية لطائرات بدون طيار إيرانية. وعلى نحو مماثل، في يناير 2025.

ومن المهم تسليط الضوء على أن أحد أكثر العناصر المثيرة للقلق في التقرير هو تأكيد وجود روابط بين انفصالية البوليساريو المسلحة والإرهاب الجهادي. والدليل على ذلك هو الحالة الرمزية لعدنان أبو وليد الصحراوي، أحد كبار القادة السابقين في جبهة البوليساريو والذي أصبح أميرًا لتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل قبل أن تقتله القوات الفرنسية في مالي عام 2021.

شخصية أبو وليد الصحراوي، تُجسّد التقارب الخطير بين الانفصالية والجهادية والجريمة المنظمة. ويعكس مساره المهني نوع التحول الذي تشجعه إيران في عملائها الإقليميين: من التهميش السياسي إلى التشدد العنيف الذي يخدم أهدافًا أوسع نطاقًا معادية للغرب.

تصنيف “البوليساريو” تنظيما إرهابيا

تشهد الأوساط السياسية الغربية موجة متصاعدة من الدعوات لتصنيف جبهة “البوليساريو” كتنظيم إرهابي، في ظل تزايد التقارير والتحليلات التي تكشف عن ارتباطاتها الوثيقة بإيران وتورطها في أنشطة تهدد أمن واستقرار المنطقة.

آخر هذه الدعوات جاءت من النائب البريطاني البارز ليام فوكس، الوزير السابق للدفاع وعضو البرلمان البريطاني، الذي نشر تصريحاً حازماً على حسابه الرسمي بمنصة “إكس”، دعا فيه الحكومات الغربية إلى تصنيف “البوليساريو” ضمن التنظيمات الإرهابية.

وتعزز هذه الدعوات تصريحات مشابهة صادرة عن النائب الأمريكي جو ويلسون، الذي كشف عن شروعه في تقديم مشروع قانون لتجريم الجبهة الانفصالية، مبرزاً خطورتها على الأمن الدولي. وقد أيد هذا الموقف مؤخراً معهد “هدسون” الأمريكي، الذي نشر دراسة تؤكد انتهاكات الجبهة للاتفاقيات الدولية، وتورطها في تحويل المساعدات الإنسانية، والحصول على طائرات مسيّرة من الحرس الثوري الإيراني، وتسهيل عمليات تهريب السلاح للجماعات المتطرفة في الساحل الإفريقي.

بهذه التطورات، يتجه الرأي العام الغربي تدريجياً نحو إعادة تقييم تعامله مع “البوليساريو”، ليس كجبهة انفصالية، بل كتنظيم إرهابي يشكل تهديداً جدياً للأمن الإقليمي والدولي.
سيمو كورهونن