محمد عبد النباوي: المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية يأتي في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات يُنتظر أن تغيِّر وجه العدالة

محمد عبد النباوي: المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية يأتي في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات يُنتظر أن تغيِّر وجه العدالة مشاهد من اللقاء
اعتبر محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن انعقاد هذا المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة في المغرب تحت شعار :"من أجل قضاء إفريقي مستقل"، يختزل جوهر رسالة القضاء في تحقيق العدل والإنصاف، وهي الفكرة التي استوعبها الدستور المغربي، ووضع لها إطاراً ومعايير، تحمي استقلال السلطة القضائية، كما تصون استقلال القضاة أنفسهم، ذلك أن دستور المملكة لسنة 2011 قد أنشأ السلطة القضائية باعتبارها السلطة الثالثة بالدولة، وجعلها مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية كما أقر استقلال القضاة في أحكامهم وقراراتهم، وجعل الملك ضامناً لاستقلال السلطة القضائية ولاستقلال القضاة. 

جاء ذلك في كلمة له بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة المنظم بالدار البيضاء يوم الإثنين 21 أبريل 2025، الذي ينعقد في ضيافة الودادية الحسنية للقضاة تحت الرعاية الملكية تحت شعار (من أجل قضاء إفريقي مستقل).

واعتبر محمد عبد النباوي أن تنظيم فعاليات هذا المؤتمر تحت الرعاية الملكية، التفاتة تحمل في طياتها دلالات عميقة تُعَبِّرُ عن المكانة الخاصة التي تحظى بها أسرة القضاء، ودعمه الموصول لكل المبادرات التي تهدف إلى تعزيز دور السلطة القضائية والارتقاء بها، وتثمين رأسمالها اللامادي لتضطلع بدورها كاملاً في تحقيق التنمية والديموقراطية، وتعزيز أركان دولة الحق والقانون والمؤسسات، وحماية حقوق وحريات المواطنين، وتحقيق أمنهم القضائي، حيث الحضور الوازن للقضاة الأفارقة، والذي يعطي لهذا اللقاء بُعداً عائلياً لقضاة قارتنا، ويمنح المغاربة، سعادة غامرة بلقائكم وتجديد التواصل معكم حول مائدة دسمة غنية بالموضوعات القانونية، ثرية بالأحاسيس الإنسانية، مفعمة بروح الأخوة الإفريقية، وتجسد عمق التعاون والتنسيق بين المغرب والقارة في إطار الرؤية الملكية لنموذج التعاون جنوب جنوب، والتي عبر عنها بوضوح الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة القمة 28 للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا سنة 2017، حيث قال الملك : (إن بلدي اختار تقاسم خبرته ونقلها إلى أشقائه الأفارقة". وهو يدعو، بصفة ملموسة، إلى بناء مستقبل تضامني وآمن، وأكد التاريخ صواب هذه الاختيارات.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا المؤتمر يأتي في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات رقمية لم يُشهد لها نظير، يُنتظر أن تغيِّر وجه العدالة، ذلك أن الزحف السريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي الذي تشهده النظم الاقتصادية والصناعية، ماضٍ نحو إحداث تغييرات شاملة على الأنماط الاجتماعية السائدة وانتظارات مختلف الفاعلين، ولاسيما في مجال تطوير وتجويد الأداء القضائي وعلى المعاملات المألوفة، وهو ما سيضع تحديات خطيرة جداً على أنظمة العدالة بالعالم، التي ستجد نفسها مطالبة بمواكبة التحولات الرقمية، وإيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات المستجدة التي ستطرحها، بل إن منظومة العدالة نفسها قد تعرف تغييرات هيكلية من جراء استعمال الذكاء الاصطناعي في حل المنازعات. 

وزاد قائلا:"قد نجد أنفسنا بعد حين في أوضاع غريبة ومعقدة، يأخذ فيها الحديث عن استقلال القاضي شكلاً جديداً يرتبط بالبرمجيات الرقمية وواضعيها، أكثر من ارتباطه بالقاضي الذي يستعملها.

وإذا كان التاريخ قد علمنا منذ الثورة الصناعية أن التأخر في مواكبة المستجدات العلمية للعصر يكلف الدول والشعوب غالباً، وهو قد كلف دول القارة فيما مضى استقلالها وحريتها، فإن العبرة تدعونا إلى مسايرة الثورة الرقمية اليوم حتى لا نظل متفرجين على الهامش. وهي الآن تقتحم أنظمة العدالة في الدول المتقدمة، وتدعونا لمسايرتها. ولا شك أن تناول مؤتمركم لهذا الموضوع، هو إدراك منكم لأهمية التحولات الرقمية التي بدأت تطرق باب أنظمة العدالة.