حسن الرحيبي: مدينة البريجة أو الجديدة الملقبة ب "المهدومة"

حسن الرحيبي: مدينة البريجة أو الجديدة الملقبة ب "المهدومة" منظر من مدينة البريجة
 "أو بَات حذَا دُومَة مَا تبات في المَهدُومَة"
 تصميم برتغالي صَارم ومتين كدأب البرتغاليين سادة البحار ومكتشفي ملح البارود …إذ كانوا يحتلون جزءً بحرياً صغيراً من البلاد يحصّنونه بشكل قوي جداً بأسوار وأبواب متينة ويظلّون مستعدّين لكل الطواريء وسفنهم جاهزة للفرار مع تلغيم الأسوار وإحاطتها بالمدافع …لأن هدفهم الرّئيسي لم يكن الاستقرار الدّائم وإنما الاستيلاء على منتوجات البلاد الغنية مثل دكّالة لخصُوبة أراضيها ومنتوجاتها من القمح والصّوف والحَيوانات وحتى البشر المتميز بصَبره وقوّته البدَنية…
 
وقد أكد المؤرخون والجغرافيون القدماء وعلى رأسهم الشريف الإدريسي في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق أن اسمها مازيغن وهي تسمية أمازيغية قديمة ترجع لعهد البورغواطيين .. إلى جانب عاصمتهم الرسمية أزمّور وتعني الزيتون البري أو الجّبّوج .. والتي لا تبعد عنها إلا ب 15 كيلوتراً في جهة الشمال .. واحتلها البرتغاليون وسموها mazagao سنة 1514 وبنوا بها برجاً صغيراً من طرف المهندسيْن الشهيرين الأخوان : فرنشيسكو دوارودا ودييگو دوارودا .. ليعملوا على توسيعها سنة 1541 بسبب تحرير السعديين لأغادير أو رأس غير cap guir وأسفي وأزمور.. فوضع لها تصميماً جديداً ونهائياً مهندس إيطالي شهير وضع عدة تصاميم لمستعمرات برتغالية في افريقيا وآسيا وغيرها .. وقد اشتهرت تصاميمه بإنشاء مدن محصنة تنفتح مباشرة على البحر مع وضع السفن المجهزة والمحملة ببراميل البارود لترقب أي طاريء مع الخروج في دوريات عسكرية قوية لجمع الضرائب وتأديب العصاة وتحصيل أبناء وبنات العاجزين عن الدفع وبيعهم في أسواق اسبانيا والبرتغال كعبيد للعمل في حقول قصب السكر في جزيرة ماضيرا madera والآصور açores .. بعض الأهالي كانوا يقدمون أنفسهم طواعية بسبب الجوع والجفاف والقحط .. وقد امتد احتلالهم حتى خميس لقصيبة بالعونات وگرّاندو guerrando واولاد عمران …حيث قَتل لمقدم رحّو بنشحمُوط قائدهم القوي وحاكم أسفي nuño fernandes de ataide الذي احتلّ أيضاً مدينة الغربية أو مشترايا سنة 1513 . قتله سنة 1516 قرب لاربعة اولاد عمران لسبيه نسائهم ومن بينهنّ زوجته الجميلة والمفضّلة إيطّو التي ظلت تحرّضه وتعيّره بذلّه قبل مغيب الشمس وهو يتربّص بحجر أصمّ والنصارى يسوقون أجمل نساء اولاد عمران لبيعهنّ في سوق الرّقيق والنّخاسَة بلشبونة lisboa …فانهزم جيشه .. وتفرق في كل مكان ..
 
وفي سنة 1769 حاصر أهالي دكالة مدينة مازيغن أو البريجة إلى جانب جيش السلطان سيدي محمد بن عبد الله لمدة شهرين متتاليين لينسحبوا عبر البحر نحو البرازيل لتأسيس مدينة مشابهة لها سموها nova mazagao تيمّناً بالمدينة المغربية الجَميلة والغنية لكن بعد تفجيرها إثر تلغيمها ببراميل البارود لتهدم عن آخرها وتبقى مهدمة لمدة أربعين سنة سماها على إثرها الأهالي بالمهدومة حتى سنة 1822 ليشرع السلطان الجديد حفيد سيدي محمد بن عبد الله ، عبد الرّحمان بن هشام في بنائها مبتدئاً ببناء مسجد للتذكير بطابعها الإسلامي بسبب طول احتلالها من طرف المسيحيين وأطلق عليها اسم الجديدة ..