تتعدد الكتابات حول إرهاب جبهة البوليساريو، لكن تبقى للشهادات الحية التي خبر فيها أصحابها هذا الإرهاب، وعاينوه عن قرب، بل بعضهم كان ضحية له، تبقى ذات أهمية كبيرة في توثيق جرائم البوليساريو، وما اقترفته، وما تزال، بدعم من الجزائر في عمليات تصنف اليوم بجرائم الإرهاب، لتستحق معه الجبهة، وصف منظمة إرهابية..
في هذا السياق، يتحدث عبد الودود خربوش، المنحدر من إقليم أسا الزاك، أستاذ علم النفس بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، عن قصص مرعبة لجبهة البوليساريو ارتكبتها ضد مدنيين عزل، ضمنهم أفراد من عائلته، وسلبت الممتلكات ومارست التعذيب الممنهج منهم المفضي للموت، وسحلوا الأحياء في سيارات رباعيات الدفع في الصحراء، واغتصبوا النساء وقتلوا الأطفال خنقا ودفنوا الأحياء في قبور جماعية..
فيما يلي شهادة عبد الودود خربوش للتاريخ:
" زعم ممثل جبهة بوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، خلال مشاركته في برنامج على قناة فرنسا 24، بأن "البوليساريو حركة تحرير وطنية بسجل نظيف، وأنها ادارت كفاحها بشكل نظيف ضمن الحدود الدولية المعترف بها للصحراء الغربية، ولم تستهدف أي مدني منذ بداية النزاع إلى الآن".
ولست أدري إن كان ممثل "الجبهة غير الشعبية"، يفتري تدليسا على المشاهدين بادعاءاته تلك عن نظافة سجلها، ام أنه يجهل الجرائم الدموية الشنيعة والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها "البوليساريو" ضد المدنيين العزل، والتي ترقى ان تصنف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي كلتا الحالتين يمثل تصريحه هذا اهتراء أخلاقيا وانحطاطا كبيرا للقيم الإنسانية، لدى من يفترض أنه ممثل لما يدعي انها "حركة تحرر"، وأين؟ بجنيف لدى منظمات الأمم المتحدة.
فكيف يجرؤ هذا "الممثل" على إنكار ما ارتكبت الجبهة من جرائم تعذيب، وتنكيل، وقتل في سجن الرشيد وفي كويرة بيلة وفي الذهيبية وغيرها... من مراكز الاعتقال والاغتيال الأخرى بمخيمات "عار البوليساريو" و "ذل الصحراويين"؟ هناك حيث فقد المئات من المدنيين ضحايا الاختطاف القسري، الذين دفنوا دون مواكب تشييع ولا صلاة جنازة وفقا لشريعة الإسلام، ولا حتى شهود قبور تدل يوما على مكان دفنهم!
كيف يجرؤ على إنكار هجمات البوليساريو على المدنيين العزل الآمنين بآسا والطانطان والمسيد وآقا وطاطا وعوينة الهناء وعوينة ايغمان وغيرها.. خارج (ما اسماه بالحدود الدولية المعترف بها للصحراء الغربية) وما ارتكبته "جبهة الشر" خلالها من خطف قسري وذبح وقتل بالرصاص للمدنيين؟
كيف يجرؤ على إنكار حصار البوليساريو للمدنيين بقرية الزاك، وقصفهم العشوائي لها براجمات قذائف ستالين، وما خلفه من قتل وجرح للمدنيين الأبرياء وتدمير لممتلكاتهم، أو إنكار جريمة إسقاط طائرة تحمل أطفال خلال عودتهم من عطلة مدرسية؟
كيف يجرؤ على إنكار هجوم "ميليشيات جبهته" على منطقة لبيرات، حيث اختطفت كل نساء وأطفال القرية، واقتادتهم قسرا إلى مخيمات الرابوني تحت تهديد السلاح؟ مرتكبة بذلك لجريمة شنعاء في حق العشرات من الأسر التي شتت وللأبد.
كيف ينكر عمليات السلب والنهب التي رافقت كل الهجومات على المناطق آنفة الذكر، حيث سلبت ميليشياته كل ما طالت أيديها من السلع النفيسة والصيغ والأفرشة، لقد كسروا أقفال المحلات التجارية والبيوت باستعمال السلاح ونهبوا محتوياتها، وسطو على قوافل الشاحنات المدنية وسرقوا بضائعها؟
كيف يجرؤ على إنكار اختطاف أفراد الجالية من مطار تندوف، وتعذيبهم وقتلهم ب "غيران الرشيد" بعدما ثم التغرير بهم واستقدامهم ب"شعارات الثورة الزائفة"؟
كيف يجرؤ على إنكار اعتقال وتعذيب وقتل المدنيين الموريتانيين المغرر بهم الذين التحقوا ب "جمهورية البيضان" الموعودة؟
ألا تصنف هذه الأفعال مجزأة أو مجتمعة: حصار المدنيين، قصف المدنيين، الاختطاف الجماعي القسري للمدنيين من مناطقهم زمن الحرب، اغتصاب النساء والأطفال، تعذيب المدنيين، الإعدام خارج القانون، دفن الأحياء... في مراتب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟ بلغة القانون الدولي.
للحقيقة والتاريخ، وعلى عكس ادعاء " الممثل"، لم نسمع عن فظائع جرائم البوليساريو في مناطق كثيرة من العالم، قيل انه شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لقد اختطفوا المدنيين المسالمين من مدنهم وقراهم، سلبوا ممتلكاتهم كما فعل (غورينغ النازي بالتحف الفرنسية)، مارسوا التعذيب الممنهج والمفضي إلى الموت، جدعوا الأنوف، وصلموا الآذان، وقطعوا الايدي وعذبوا بها أصاحبها، سحلوا الأحياء بسيارات لاندروفر العسكرية وقطعوهم اطرافا، اغتصبوا النساء وعلقوهم كما تعلق الخراف في المسالخ، قتلوا الأطفال خنقا، أعدموا بالرصاص، ودفنوا الأحياء.
أي عنصرية أفظع من التعصب المقيت لدى "قيادتهم الغير وطنية" التي عذبت و قتلت أرواحا بريئة لا لشيء إلا لحقد دفين (كما حدث في رواندا والبوسنة)؟
أي جهل وأي غباء أكثر من الاعتقاد بطهارة السلالة والصفاء العرقي( كما اعتقدت النازية)؟ أو الاعتقاد بدونية الضحايا وبرخص دمهم وهوان أرواحهم (كما اعتقدت الصهيونية)؟
فليجبني هذا "الممثل" عن كل هذه الأسئلة، إذا كان يملك جرأة الجواب، كما امتلك جرأة الافتراء وتزييف الحقائق التاريخية؟؟؟."